خبراء يتحدثون لـ«العين الإخبارية» حول خطر استراتيجي يواجه النظام المالي العالمي

خبراء يتحدثون لـ«العين الإخبارية» حول خطر استراتيجي يواجه النظام المالي العالمي

أفاد خبراء اقتصاديون فرنسيون من مراكز بحثية مرموقة بأن ارتفاع الدين العام الأمريكي إلى مستويات غير مسبوقة أصبح يشكل تهديداً استراتيجياً، ليس فقط للاقتصاد الأمريكي، ولكن أيضاً لاستقرار النظام المالي العالمي، الذي لا يزال يعتمد على الثقة في الدولار.

في 26 فبراير/شباط، أدلى إيلون ماسك، الملياردير الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع دونالد ترامب والمسؤول الجديد عن “وزارة كفاءة الحكومة الفيدرالية” (DOGE)، بتصريح مفاجئ خلال زيارة للبيت الأبيض، حيث قال: “إن فوائد الدين الوطني الأمريكي قد تجاوزت نفقات وزارة الدفاع الأمريكية”.

وقد حذر من أن استمرار هذا الاتجاه المالي “سيقود البلاد إلى الإفلاس”، مشدداً على وجوب إجراء مراجعة جذرية لسياسات الإنفاق الحكومي.

دين عام يفوق حجم الاقتصاد الأمريكي

تشير البيانات الرسمية إلى أن الدين العام الأمريكي وصل في عام 2025 إلى حوالي 36.220 تريليون دولار، مما يعادل 125% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. وهو رقم يتجاوز بشكل كبير السقف المقبول للديون في معظم الاقتصادات المتقدمة، مما يجعل خدمة الدين عبئاً يومياً على المالية الفيدرالية.

ما يثير القلق هو أن مدفوعات الفائدة على هذا الدين وحدها ستصل إلى 952 مليار دولار في عام 2025، متجاوزة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية التي تبلغ 850 مليار دولار، وفقًا لأرقام رسمية ذكرها ماسك.

واشنطن تستفيد من “امتياز الدولار”

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي جان-لوك ميلار، الباحث في مركز التحليل الاقتصادي الأوروبي في باريس (CEAE)، لـ”العين الإخبارية” إن الولايات المتحدة على مدى العقود الماضية كانت “تتجاهل بشكل متعمد مشكلة الديون بفضل ما يُعرف بالامتياز الإمبراطوري، أي قدرتها على طباعة الدولار وجذب الاستثمارات العالمية، من دون أن تتحمل العواقب الفورية لذلك”.

وأضاف ميلار: “طالما أن الدولار هو العملة المرجعية الدولية، فإن الأسواق المالية تستمر في تمويل العجز في الخزانة الأمريكية بثقة. لكن التضخم، وتراجع النمو، وعودة السياسات الحمائية، كلها عوامل بدأت تُضعف تلك الثقة”.

واستمر ميلار بالقول: “إذا استمرت واشنطن في زيادة الإنفاق دون إصلاح جذري للمالية العامة، فقد تفقد الأسواق الدولية تدريجياً ثقتها في سندات الخزانة الأمريكية، مما سيرفع معدلات الفائدة أكثر، ويُدخل الاقتصاد في حلقة مفرغة من الدين والتقشف المحتمل”.

قنبلة زمنية مالية

من جهتها، ترى دلفين كازانوف، خبيرة الاقتصاد الكلي في معهد مونتين الفرنسي، في حديثها لـ”العين الإخبارية” أن ما يحدث حالياً في الولايات المتحدة “يتجاوز مجرد أزمة ديون تقليدية”، وتعتقد: “نحن أمام قنبلة زمنية مالية تتضخم سنة بعد أخرى، في غياب إرادة سياسية حقيقية لتقليص الإنفاق، وارتفاع الحروب الثقافية التي تشل القدرة على التوافق في الكونجرس”.

وأضافت أن تخصيص ما يقرب من تريليون دولار فقط لخدمة الفوائد، دون الاقتراب من أصل الدين، “يعني أن الحكومة الفيدرالية لم تعد تسيطر على جزء كبير من ميزانيتها”، وهذا يشكل تهديداً مزدوجاً: داخلياً بسبب تفاقم فجوة الخدمات العامة، وخارجياً بفقدان الدور القيادي المالي عالمياً.

وحذرت كازانوف من “صدمة مالية كبرى” قد تحدث إذا فقدت الأسواق الناشئة، أو حتى الاتحاد الأوروبي، الثقة تدريجياً في استقرار الدين الأمريكي، وهو ما سيزيد من الضغوط على العملة الأمريكية ويدفع بعض القوى مثل الصين لتسريع الانتقال نحو بدائل للنظام المالي القائم على الدولار.

وعود ترامب

رداً على هذه الانتقادات، وعد دونالد ترامب، الذي عاد بقوة إلى الساحة السياسية، بسداد “جزء ضخم من الدين”، دون أن يوضح كيف سيحقق ذلك. ومع البرامج المقترحة لتخفيض الضرائب، يُطرح السؤال: كيف يمكن للبيت الأبيض الموازنة بين تقليص الإيرادات وخفض الدين العام؟

وعاد جان-لوك ميلار ليقول إن وعود ترامب تبدو “شعبوية أكثر من كونها خطة اقتصادية متكاملة”، مضيفاً: “لن يُسدد دين بحجم 36 تريليون دولار بخطابات أو تخفيضات ضريبية. نحتاج إلى إجراءات قاسية تشمل تقليص برامج الإنفاق الاجتماعي والعسكري، أو زيادة الضرائب، وهو ما يبدو مستبعداً في ظل الانتخابات المقبلة.”

هل ينهار الحلم الأمريكي؟

حتى الآن، لا تزال الولايات المتحدة قادرة على الاقتراض بسهولة، لكن المؤشرات الراهنة تشير إلى مرحلة مالية حرجة قادمة. فهل تمتلك واشنطن الشجاعة السياسية لتفادي الانهيار؟ أم أن الاقتصاد الأكبر في العالم يواجه أزمة ثقة قد تعيد تشكيل موازين القوى العالمية من جديد؟

aXA6IDJhMTM6YWRjMDo6YWYxOmVhZmY6ZmVmNjoyYjUyIA==

جزيرة ام اند امز

EE

قد يهمك أيضاً :-