ترامب ليس لديه خيار تجاه الصين: 3 مخاطر تعيق الاقتصاد الأمريكي.

ترامب ليس لديه خيار تجاه الصين: 3 مخاطر تعيق الاقتصاد الأمريكي.

منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض، لم يتردد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في استعمال الرسوم الجمركية بشكل يساوي بين الحلفاء والأعداء. لكن هذه الأداة كانت ولا تزال سلاحًا ذو حدين، قادرة على إيلامه بشدة، إلى حد يُبطل جدوى استعمال هذا السلاح مستقبلًا.

واتفق المحللون على أن التعريفات الجمركية هي جوهر السياسة الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لقد استخدمها باستمرار خلال فترته الرئاسية الأولى كأداة لاستعراض قوته وفرض نفوذه أثناء التفاوض مع الدول. ثم لوَّح ترامب، قبل بدء فترته الرئاسية الثانية، باستخدام التعريفات كأداة اقتصادية، وأحيانًا سياسية، في سعيه لتحقيق سياساته.

وذكر تحليل نشرته مجلة «فورين بوليسي» أن الرئيس الأمريكي لا يملك رفاهية فصل اقتصاد بلاده أو حتى اقتصاد العالم عن الصين. كما أن أحدًا لا يعلم إن كانت هناك أي استراتيجية على الإطلاق. فالرسوم الجمركية تُفرض وتُلغى، وتبدو آراء ترامب متغيرة من يوم لآخر، بينما يكافح مسؤولوه لتقديم تفسيرات معقولة — ولو من بعيد — لأفعاله غير المتوقعة وتراجعاته المفاجئة.

3 مخاطر

واعتبر التحليل أن الخلل الأول في خطة فك الارتباط هو أنها قد تُضر الولايات المتحدة أكثر من الصين. إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي الحروب التجارية إلى خفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 0.9 نقطة مئوية هذا العام، مقارنةً بتأثير يُقدَّر بـ 0.6 نقطة فقط على الصين. ويمكن تفسير ذلك من خلال أساسيات الاقتصاد؛ فالواردات الأمريكية من السلع الصينية، والتي بلغت 439 مليار دولار في عام 2024، تفوق بأكثر من ثلاثة أضعاف واردات الصين من السلع الأمريكية — مما يعني أن الشركات الأمريكية ستتحمل عبء الرسوم الجمركية أكثر بكثير من نظيراتها الصينية.

كما أن الصين تُزوِّد الولايات المتحدة بنحو ثلاثة أرباع وارداتها من بعض الأجهزة الإلكترونية المتطورة التي يصعب استبدالها، مثل الهواتف الذكية وشاشات الحواسيب.

ولدى الصين أيضًا بعض الأوراق الرابحة التي قد تستخدمها لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة — وبحلفائها المحتملين في فك الارتباط — من خلال تسليح وصولهم إلى إمدادات حيوية. ونفوذ الصين أكبر في مجال المعادن الأرضية النادرة — وهي مجموعة من 17 معدنًا ضروريًا للتحول نحو الطاقة الخضراء، والأجهزة الرقمية، والمعدات الدفاعية. ففي 7 أبريل، فرضت الصين على المنتجين الحصول على تصاريح تصدير لبيع سبعة من هذه العناصر للولايات المتحدة. اثنان من المعادن المستهدفة — الديسبروسيوم والتربيوم — ضروريان لصناعة محركات الطائرات والمركبات الكهربائية، ويصعب استبدالهما بشكل خاص.

استجابة الدول

المشكلة الثانية في خطة فك الارتباط التي يتبعها ترامب هي أن من غير الواضح ما إذا كانت جميع الدول حول العالم ستقف بالفعل إلى جانب الولايات المتحدة إذا اضطرت إلى اختيار طرف.

وتُعتبر أوروبا الجائزة الكبرى في هذا السياق، إلا أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة دفعت بقضية “تقليل المخاطر” من الصين إلى أسفل قائمة الأولويات لدى صانعي السياسات الأوروبيين.

وتشير التطورات الأخيرة إلى أن احتمالات التقارب بين بروكسل وبكين آخذة في الارتفاع؛ ففي أبريل/نيسان، وافقت المفوضية الأوروبية مثلًا على استئناف المحادثات مع الصين بشأن الرسوم الجمركية التي تفرضها على السيارات الكهربائية الصينية، وهي قضية مثيرة للتوتر في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين.

وأجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثة مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في أوائل أبريل/نيسان. ووفقًا لموجز هذه المحادثة، يبدو أن بروكسل قد تجاهلت الرسالة الأمريكية بشأن فك الارتباط مع الصين؛ إذ اتفق الطرفان خلال حديثهما على عقد قمة كبرى بين الاتحاد الأوروبي والصين في بكين خلال شهر يوليو/تموز.

وفي أماكن أخرى من العالم، لا يبدو أن جهود فك الارتباط التي تقودها الولايات المتحدة تحظى بفرص أفضل. فالصين تُعد الشريك التجاري الأكبر لمعظم دول العالم، وبينما تظل الشركات الأمريكية أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا (بـ404 مليارات دولار في عام 2023)، فإن الشركات الصينية أيضًا من كبار اللاعبين؛ حيث استثمرت 148 مليار دولار في عام 2023، ما يضعها في نفس مستوى اليابان والاتحاد الأوروبي.

وبالتالي، فإن الاستراتيجية المنطقية لمعظم الدول ستكون الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة والصين — على سبيل المثال، من خلال تقديم تنازلات ظاهرية لترامب تبدو جذابة على الورق لكنها غير مؤثرة عمليًا.

بدون مقابل؟

وهذا يُبرز الخلل الثالث في خطط فك الارتباط الأمريكية، وهو أن طلب قطع العلاقات مع الصين يُعد طلبًا ضخمًا في وقت لا تقدم فيه الولايات المتحدة عرضًا واضحًا لبقية العالم. بل إن العديد من صانعي القرار يعترفون بأنهم يعتبرون الولايات المتحدة — وليس الصين — التهديد الأكبر اليوم.

وفكرة أن الدول ستقف إلى جانب الولايات المتحدة بكل سرور كانت لتكون معقولة لو ظلت أمريكا القوة العالمية المهيمنة الوحيدة بدون بديل واقعي. لكن هذا لم يعد هو الحال، وبكين تستغل الفرصة الذهبية لتظهر بمظهر الطرف البالغ المسؤول، والبديل القابل للتعامل مقارنةً بواشنطن العدائية.

aXA6IDJhMTM6YWRjMDo6YWYxOmVhZmY6ZmVmNjoyYjUyIA==.

جزيرة ام اند امز.

EE.

قد يهمك أيضاً :-