تسريب مثير لجمال عبدالناصر يكشف عن دعوة للنضال ويغير قواعد اللعبة

تسريب مثير لجمال عبدالناصر يكشف عن دعوة للنضال ويغير قواعد اللعبة

نشرت قناة على اليوتيوب تُدعى «nasser tv» تسجيلًا صوتيًا يُنسب للرئيس جمال عبدالناصر، يتحدث فيه إلى الرئيس الليبي معمر القذافي، حيث انتقد ناصر المزايدين على مصر قائلاً: «إذا كان حد عايز يكافح ما يكافح.. إذا كان حد عايز يناضل ما يناضل».

هذا التسجيل أثار جدلاً واسعًا، حيث انقسمت الآراء بين من انتقد التوقيت الذي يتزامن مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبين من شكك في صحة التسجيل الذي لم يُسمع به من قبل، بينما اعتبره البعض منطقيًا، خاصةً أنه جاء بعد نكسة 1967.

وفي هذا السياق، قال سامح عاشور، القيادي الناصري ونقيب المحامين السابق، إن الحديث عن تسجيل صوتي منسوب للرئيس جمال عبدالناصر بعد مرور أكثر من خمسة وخمسين عامًا على وفاته، لا يستند إلى أي أساس منطقي أو واقعي.

كما أشار إلى أن صناعة الفيديوهات أو الأصوات المفبركة أصبحت سهلة للغاية في الوقت الراهن، مؤكدًا أن عبدالناصر كان له أعداء كثر، سواء على مستوى الأفراد أو الدول، وعلى رأسهم إسرائيل، التي لها مصلحة في نشر مثل هذه الادعاءات.

وأضاف عاشور لـ«بوابة مولانا» أن توقيت نشر هذا التسجيل يثير الكثير من الشكوك، خاصةً في ظل حالة الاصطفاف الوطني التي يعيشها الشعب المصري حاليًا لمواجهة الضغوط الصهيونية والأمريكية بشأن قضية التهجير القسري.

وأكد أن الهدف من ترويج مثل هذه التسجيلات هو محاولة ضرب المعنويات المصرية والنيل من التماسك الشعبي، معتبرًا أن الشعب المصري الآن في أقوى مراحل تلاحمه الوطني.

وأشار إلى أن مواجهة هذا النوع من الحملات تبدأ بكشفها والتعامل معها بشكل حاسم، لأن الأمر يتعلق بتاريخ مصر الوطني وليس بشخص عبدالناصر فقط، مؤكدًا أن مصر تحملت أعباء كبرى في حروب 1956 و1967 و1973 دفاعًا عن القضية الفلسطينية، دون أن تطلب من أحد القتال بدلًا عنها، لافتًا إلى أن الشعب المصري هو من دفع هذا الثمن وليس فردًا أو زعيمًا بعينه.

واختتم عاشور بالتأكيد على أن الهدف من نشر مثل هذه التسجيلات هو ضرب القوة المصرية التي يمثلها الجيش والشعب معًا، موضحًا أن الجيش المصري لم ولن يكون يومًا أداة لاغتيال نفسه أو تشويه تاريخه الوطني.

على صعيد آخر، لم يشكك الدكتور عبدالمنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري ورئيس الهيئة الاستشارية لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، في صحة التسجيل الصوتي، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة في الخمسينيات حاولت إدارة الصراع العربي الإسرائيلي من خلال وساطات مرتبطة بمشكلات المياه، خاصة مياه نهر الأردن واليرموك، دون أن تتجاوز هذه المساعي حدود الاتصالات العادية.

وأشار في تصريحات لـ«بوابة مولانا» إلى أن الرئيس جمال عبدالناصر قد تغير موقفه بعد هزيمة 1967 كما يتضح من محاضر الجلسات التي نشرتها هدى عبدالناصر، حيث اتجه إلى البحث في خيارات مثل الحرب المحدودة أو حرب الاستنزاف بدلاً من التركيز على فكرة إزالة إسرائيل بالكامل.

وأوضح عبدالمنعم سعيد أن عبدالناصر قبل لاحقًا بمبادرة روجرز، مما أدى إلى خلافات حادة مع الفصائل الفلسطينية التي اعتبرت هذا القبول نوعًا من التصفية للقضية الفلسطينية، مضيفًا أن تعبيرات عبدالناصر تجاه الصراع شهدت تغييرات واضحة في تلك المرحلة.

وأشار إلى أن إثارة موضوعات قديمة في هذا التوقيت مرتبط بوجود صراع معقد ومستمر مع إسرائيل، لافتًا إلى أن نشر تسجيلات منسوبة لعبدالناصر اليوم لا يغير شيئًا من حقائق التاريخ، لأن القضية تتعلق باستراتيجية المقاومة وكيفية تحقيق الأهداف وليس بمجرد الصدام أو القتال من أجل القتال.

وأكد أن مفهوم المقاومة يعني بناء استراتيجية واضحة تهدف إلى تحرير الأرض المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية، وليس مجرد إحداث دمار أو خسائر بشرية، موضحًا أن تجارب حركات التحرر الأخرى في العالم، مثل الجزائر وفيتنام، أظهرت أهمية التنظيم السياسي إلى جانب العمل العسكري.

وانتقد عبدالمنعم سعيد حالة الانقسام الفلسطيني ووجود العديد من الفصائل المسلحة، مشيرًا إلى أن غياب الدولة الفلسطينية حتى الآن يعود إلى فشل الطبقة السياسية الفلسطينية في إدارة الصراع، مؤكدًا أن حركات التحرر الناجحة كانت تتبنى مراحل متدرجة من العمل السياسي والعسكري لتحقيق أهدافها.

وأضاف أن تجربة مصر في مقاومة الاحتلال البريطاني امتدت عقودًا حتى تحقق الجلاء النهائي، مشددًا على أن العمل الوطني لا يعتمد فقط على المواجهة المسلحة، بل يتطلب أيضًا أدوات سياسية ودبلوماسية وبناء داخلي يضعف الطرف الآخر دون الحاجة للصدام المباشر في كل مرة.

واختتم عبدالمنعم سعيد بالتحذير من اختزال فكرة المقاومة في مجرد معارك غير محسوبة، مؤكدًا أن البناء الاستراتيجي المدروس هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقلال الحقيقي والدائم.

قد يهمك أيضاً :-