كيف يمكن قانونياً الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم؟

كيف يمكن قانونياً الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم؟

.

باريس ـ (أ ف ب).

يعتبر الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم خطوة قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في قواعد النظام العالمي، وقد يطرح تساؤلات حول شرعيته، وفقًا لآراء خبراء العلاقات الدولية.

تشير التقارير الإعلامية إلى أن الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو بشكل أحادي في عام 2014، يعد جزءًا من المشروع الأمريكي لإنهاء النزاع القائم، حيث اعتبرت روسيا أن هذا الاعتراف شرط “أساسي” لأي محادثات سلام مع أوكرانيا، بينما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن مناقشة هذا الموضوع غير مطروحة.

– ماذا يمثّل الاعتراف؟

يتعارض الاعتراف بالسيادة الروسية مع المبادئ الأساسية للنظام الدولي الذي تأسس مع إنشاء الأمم المتحدة، حيث يقوم القانون الدولي منذ عام 1945 على حظر الحروب العدوانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وأي تعديل في الحدود يجب أن يتم بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وفي هذا السياق، يشير فيليبس أوبراين، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سانت أندروز، إلى أنه لم يحدث أن وسعت دولة أراضيها عبر الاستيلاء عسكريًا على أراضي دولة أخرى منذ 80 عامًا.

ويعتبر إجبار أوكرانيا على الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم “عودة لحق الغزو” وفقًا لإيلي تينينبوم من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.

ويشير لوري مالكسو من جامعة تارتو إلى أن هذا الوضع قد يفتح المجال للقوى العظمى لانتهاك حظر استخدام القوة، كما أن اعتراف واشنطن بالسيادة الروسية على شبه الجزيرة قد يمثل “تغييرًا كبيرًا” في السياسة الأمريكية، التي كانت قد أكدت في عام 2018 على عدم الاعتراف بضم روسيا للقرم.

ويشير ميشيل إبرلينغ، أستاذ في معهد ماكس-بلاك، إلى أن سابقة كهذه قد تؤدي إلى تداعيات مزعزعة للسلام العالمي، وقد تعيد إلى الواجهة مشكلات الأقليات.

ويضيف إبرلينغ أن هناك أمثلة عديدة على الحدود المرسومة في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث لا تزال هناك خلافات حدودية قائمة في أوروبا، مثل اعتراض المجر على الحدود التي رسمت بموجب معاهدة تريانون عام 1920.

– هل الأمر ممكن من الناحية القانونية؟

من الناحية القانونية، يعتبر “كل الاتفاقات التي تم التوصل إليها باطلة”، كما ذكر لوري مالكسو، وبالتالي ستكون المسألة تأويلاً للنصوص القانونية.

يمكن لأوكرانيا، على سبيل المثال، أن تستند إلى هذا المبدأ لتعلن بطلان أي اتفاق قد تجبر على إبرامه، وإذا توصلت كييف إلى اتفاق مع موسكو، سيكون من الضروري مراجعة الدستور الأوكراني وإقرار التخلّي عن شبه جزيرة القرم من خلال استفتاء شعبي.

وفي حال وافق الأوكرانيون على ذلك، فإن لكل دولة أن تحدد من منظورها ما إذا كان هناك إكراه للاعتراف بالسيادة الروسية على شبه الجزيرة.

بينما قد تكون الولايات المتحدة مستعدة لهذه الخطوة، إلا أن الجزء الأكبر من المجتمع الدولي لا يعترف بالسيادة الروسية على الأراضي الأوكرانية التي ضمتها موسكو.

وفي السابق، تم الاعتراف بضم بعض الأقاليم بشكل غير قانوني في اتفاقات سلام، كما ذكرت ماري ليمي، أستاذة في جامعة بريتان الغربية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الاعتبارات السياسية والاقتصادية غالبًا ما تؤدي إلى الاعتراف بصلاحية المعاهدات المبرمة بالقوة.

– ماذا عن المناطق الأوكرانية الأخرى؟

في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية أخرى، هي دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، ورغم أن الخطة الأمريكية للسلام لا تتضمن الاعتراف بالسيادة الروسية على هذه المناطق، فإن أوكرانيا قد تخلق سابقة إذا قبلت التخلّي عن شبه جزيرة القرم.

وهذا الأمر قد يمثل “إشارة خطرة” لروسيا، التي قد تسعى للاعتراف باحتلالها لمناطق أوكرانية أخرى، كما أن دولًا أخرى قد تتلقف هذه الإشارة، مثل الصين التي تطالب ببعض الأقاليم الروسية في سيبيريا.

وبالنسبة إلى فيليبس أوبراين، فإن تخلّي كييف عن شبه جزيرة القرم قد يكون “بداية نهاية الخطة الروسية بشأن أوكرانيا”.

قد يهمك أيضاً :-