كيف يمكن أن تنهار شبكة الكهرباء في خمس ثوانٍ بعد حادثة أوروبا؟

باريس ـ (أ ف ب)
شهدت إسبانيا والبرتغال انقطاعات في التيار الكهربائي يوم الاثنين، مما ألقى الضوء على ضعف محتمل في نظام الطاقة الإقليمي في شبه الجزيرة الأيبيرية، ويعود السبب وراء عدم تحديد السبب حتى الآن إلى التعقيد الكبير في الشبكة الكهربائية، حيث تتكون من آلاف المكونات المترابطة، وتوضح المحللة في شركة «ريستاد إنرجي» براتيكشا رامداس أن مشغلي الشبكة يحتاجون إلى تحليل كميات ضخمة من البيانات في الوقت الحقيقي بعناية، مثل تغييرات التردد، وأعطال الخطوط، بالإضافة إلى حالة محطات توليد الطاقة، وذلك بهدف تتبع تسلسل الأحداث.

شوف كمان: زيلينسكي: الهجوم الروسي بصاروخ بالستي يسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى

– ما هي الأسباب المعتادة؟

تحدث انقطاعات التيار الكهربائي عادة نتيجة توقف مفاجئ لمصدر الإنتاج، مثل محطة الطاقة بسبب مشاكل فنية أو نقص في الوقود اللازم لتشغيل محطات الطاقة الحرارية، وفي السنوات الأخيرة، تسببت الكوارث الطبيعية مثل العواصف والزلازل وحرائق الغابات، بالإضافة إلى درجات الحرارة القصوى التي تفاقمت بفعل تغير المناخ، في إتلاف البنية التحتية أو زيادة الطلب على التدفئة والتبريد، كما تشمل الأسباب المحتملة الأخرى الحمولات الزائدة على خطوط التوتر العالي، مما يستدعي نقل الكهرباء الزائدة إلى خطوط أخرى، والهجمات السيبرانية التي تم استبعادها في إسبانيا والبرتغال في هذه المرحلة، لكنها تمثل تهديدًا متزايدًا بسبب تزايد الاعتماد على الشبكات المحوسبة.

مقال مقترح: 60 شخصًا لقوا حتفهم في غارات جوية إسرائيلية على غزة منذ صباح الاثنين.

– اختلال التوازن بين العرض والطلب؟

في إسبانيا، أبلغت شركة الكهرباء مساء الاثنين عن تذبذب قوي في تدفقات الطاقة، مصحوبًا بخسارة كبيرة في الإنتاج، حيث يتم قياس التردد الكهربائي في الشبكة الأوروبية وفقًا لمعيار 50 هرتز، وأي تردد أقل من هذا المستوى يعني عدم كفاية إنتاج الكهرباء مقارنة بالطلب، بينما إذا تجاوز هذا المستوى، فهذا يعني الحاجة إلى إنتاج تيار أقل، وتكمن مهمة المشغلين في إصدار أوامر لمحطات الطاقة في الوقت الحقيقي لزيادة أو تقليل الإنتاج وفقًا للطلب، للحفاظ على تردد 50 هرتز، ويؤكد مستشار «مشروع المساعدة التنظيمية» مايكل هوغان أن الحفاظ على هذا التردد يعد مسألة توازن، وفي حال انحراف التردد عن 50 هرتز، تعمل أنظمة الحماية التلقائية على إيقاف تشغيل أجزاء من الشبكة لتجنب تلف المعدات، ويوضح هوغان أنه بمجرد أن تبدأ محطات الطاقة بالتوقف عن العمل لحماية نفسها، يمكن أن يخرج الوضع عن السيطرة بسرعة، لكن الوصول إلى هذه المرحلة نادر جدًا.

ولكن كيف بدأ كل شيء؟

يصعب تقديم إجابة دقيقة حول ما حدث، حيث يشير الخبراء إلى أن ضعف الربط بين شبه الجزيرة وبقية شبكة أوروبا الغربية قد يكون من بين العوامل التي ساهمت في عدم الاستقرار، لكن هذا قد يكون عاملاً وليس السبب الرئيسي، كما يضيف هوغان أن السبب المحتمل يرجع إلى فشل واحدة أو اثنتين من منشآت النقل الرئيسية، الأمر الذي أثر بعد ذلك على أجزاء أخرى متصلة بالشبكة، ولكن السبب الدقيق وراء هذا الفشل الأولي لا يزال قيد التحقيق.

– ما هو تأثير الطاقات المتجددة؟

تنتج إسبانيا حوالي 40% من الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبحلول ظهر الاثنين، تجاوزت هذه النسبة لتصل إلى نحو 70%، ولكن على عكس محطات الطاقة التي تعمل بالغاز والتي تحتاج لبضع دقائق للبدء، فإن طاقة الشمس والرياح لا يمكن التحكم فيها حسب الطلب وغالبًا ما يتعين خفضها، كما تحذر شركة «ريستاد إنيرجي»، وقد حذرت الهيئة التي تجمع مشغلي أنظمة نقل الكهرباء في أوروبا (إنتوس) في 18 إبريل/نيسان من مخاطر الإفراط في إنتاج الطاقة الشمسية مع اقتراب الصيف، ويعتبر انقطاع التيار الكهربائي يوم الاثنين بمثابة تحذير، حيث يشير إلى أنه بدون مرونة أقوى على المستوى الوطني وتنسيق إقليمي أفضل، فإن انقطاعات الشبكة في المستقبل قد تكون لها عواقب أكثر خطورة، وتوضح براتيكشا رامداس أنه بدون تدابير مرونة كافية، مثل التخزين، ومحطات التشغيل السريع، والربط القوي، فإن التقلبات الكبيرة في إنتاج الطاقة المتجددة قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الشبكة، ويعتقد المستشار وأستاذ سياسة الطاقة في كلية هيرتي في برلين ليون هيرث أنه من المحتمل أن يكون النظام الذي لا يعتمد بشكل كبير على توليد الطاقة التقليدي أكثر عرضة لمثل هذه التذبذبات الخارجة عن السيطرة.