
عُقد المؤتمر السنوي الثاني لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بمشاركة دولية واسعة من ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بسياسات المنافسة، بالإضافة إلى ممثلين عن أجهزة المنافسة في عدد من الدول، وذلك احتفالًا بمرور 20 عامًا على تأسيس الجهاز.
وفي هذا السياق، أكد مكسيم يرمالوفيتش، عضو مجلس الإدارة والوزير المسؤول عن المنافسة وتنظيم مكافحة الاحتكار في المفوضية الاقتصادية الأوراسية، أن مصر تُعتبر أحد الشركاء الرئيسيين للمفوضية في العالم العربي والقارة الأفريقية.
شوف كمان: أسعار الذهب في الأردن اليوم الأحد 27 أبريل 2025 تشهد ارتفاعًا ملحوظًا
وأشار إلى أن التجارة بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي تجاوزت 8 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، مما يدل على ديناميكية إيجابية في العلاقات التجارية الثنائية، موضحًا التزام القيادة المصرية بتحقيق تكامل فعال في النظام التجاري والاقتصادي العالمي.
كما أعرب عن اهتمام مصر المتزايد بتوسيع العلاقات التجارية على الصعيدين الثنائي والإقليمي، مضيفًا أن مصر تشارك بنشاط في العديد من الإطارات الإقليمية المهمة مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، واتفاقية الكوميسا، وغيرها.
كما أشار إلى انضمام مصر إلى منظمة التجارة العالمية في العام الماضي، مما يعزز التعاون بينها وبين المفوضية الاقتصادية الأوراسية، وأكد يرمالوفيتش أن مصر تمثل سوقًا محليًا ضخمًا يتمتع بميزات تنافسية فريدة وحجم كبير من التجارة الخارجية، مما يجعلها عرضة لبعض أشكال المنافسة غير العادلة التي يجب فهمها ودراستها ومعالجتها عبر تدابير وقائية.
وتحدث عن الدور النشط لرئيس جهاز حماية المنافسة، الدكتور محمود ممتاز، الذي يُعتبر عنصرًا أساسيًا في تعزيز التعاون بين هيئات المنافسة في قارة أفريقيا.
وأوضح أن هناك مجالات أخرى للتعاون بين المفوضية الاقتصادية الأوراسية وجهاز حماية المنافسة، مثل أسواق التجارة الإلكترونية التي تحظى باهتمام كبير من جميع هيئات المنافسة عالميًا، وكذلك أسواق السلع، مشددًا على ضرورة إيجاد آليات جديدة لضمان الممارسة العادلة في الأسواق الدولية، وهو ما يسهم في تعزيز استقرار التجارة العالمية.
وفي حديثه، صرح وليام كوفاتشيك، أستاذ قانون المنافسة في جامعة جورج واشنطن ورئيس مفوضية التجارة الفيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، أن المنافسة تُعد من الركائز الأساسية لتعزيز الأداء الاقتصادي في أي دولة، مشيرًا إلى ضرورة أن تعطي مصر أولوية كبيرة لسياسة المنافسة ضمن إطار أجندتها للإصلاح الاقتصادي.
وأوضح كوفاتشيك خلال كلمته في الجلسة الأولى بعنوان “عشرون عامًا من تطور مناخ المنافسة في مصر: تعزيز السياسات والشراكات الدولية” أن المنافسة تسهم في تحسين الأداء الاقتصادي بشكل عام عبر عدة طرق، من أهمها مواجهة السلوكيات الخاصة التي تؤثر سلبًا على تقديم منتجات أفضل بأسعار منخفضة، وتشجيع الابتكار.
وأشار إلى أن قطاع المشتريات العامة يُعتبر مثالًا قويًا على ذلك، حيث تمثل المشتريات العامة في مصر نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإن تحسين أداء هذا القطاع ولو بنسبة صغيرة يمكن أن يحدث تأثيرًا كبيرًا في مجالات حيوية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والنقل، والبنية التحتية.
وتابع كوفاتشيك قائلًا: “جهاز حماية المنافسة ليست مجرد جهة رقابية، بل أصبح مرجعًا أساسيًا للحكومة المصرية في تطوير السياسات الاقتصادية، خاصة على المستوى الجزئي، وتُعتبر واحدة من أهم مصادر المعرفة حول السياسات الاقتصادية في العديد من الدول.”
وعن أهمية سياسة المنافسة في خلق الفرص الاجتماعية، أضاف كوفاتشيك: “من خلال اعتماد الحكومات على الأسواق الحرة، تُستخدم قوانين المنافسة لضمان استفادة المواطنين من النمو الاقتصادي بشكل عادل، مما يسهم في خلق بيئة تمكن الأفراد من النجاح وتحقيق إمكانياتهم بالكامل، وبالتالي تعزيز مستوى الرفاهية العامة للمواطنين.”
وفي سياق تقييم تطور جهاز حماية المنافسة في مصر، أشار كوفاتشيك إلى أن الجهاز أثبت نجاحًا كبيرًا على مر السنين، مشيدًا بقيادات الجهاز التي كان لها دور كبير في تعزيز دوره في تطور السياسات الاقتصادية في مصر.
أما أليكسي إيفانوف، مدير مركز قانون وسياسات المنافسة لدول البريكس وأستاذ القانون بجامعة الدراسات العليا للاقتصاد، فقد أكد على أن دور هيئات المنافسة أصبح حيويًا في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم اليوم.
وأشار إلى أهمية دور المنافسة في تعزيز نمو الأسواق وتحقيق التوازن بين مصالح الشركات والمستهلكين، خاصة في ظل التحولات السريعة التي تشهدها الأسواق العالمية.
وأوضح إيفانوف أن التغيرات الاقتصادية الحالية تؤدي إلى تغيير سريع في “قواعد اللعبة” في الأسواق العالمية، مؤكدًا أن هيئات المنافسة يجب أن تكون في قلب هذه التغييرات عبر تبني دور استباقي في معالجة هذه التحولات.
وقال: “في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، لم تعد الأسواق العالمية تعمل بالطريقة التي كانت عليها في الماضي، لذلك من الضروري أن تتخذ هيئات المنافسة نهجًا نشطًا وتعزز الشفافية وكفاءة الأسواق.”
وأشار إيفانوف إلى أن واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الأسواق العالمية هي سوق الحبوب، والذي يعاني من قلة الشفافية والاحتكار من قبل كبار التجار والمستثمرين، مضيفًا: “سوق الحبوب العالمي يحتاج إلى إصلاحات هيكلية عاجلة، ونحن بحاجة إلى منصة تبادل حبوب أكثر شفافية وكفاءة، بحيث تكون أكثر إنصافًا وفاعلية، ومن خلال ذلك يمكننا ضمان مصالح المستهلكين والدول التي تعتمد على استيراد الحبوب.”
كما شدد إيفانوف على أهمية التعاون بين هيئات المنافسة في دول مثل مصر، التي تمتلك موقعًا استراتيجيًا كحلقة وصل بين مناطق متعددة في العالم.
ولفت إلى أن هيئات المنافسة في مصر ودول البريكس يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في إحداث تغييرات هيكلية حقيقية في أسواق الحبوب، وذلك من خلال التعاون بين هذه الدول لتطوير سياسات تشجع على الشفافية وتحسن من تنظيم السوق.
كما أكد على ضرورة التعاون الدولي بين هيئات المنافسة في مختلف الدول حول العالم، مضيفًا: “إذا تضافرت جهود هيئات المنافسة عبر التعاون المشترك، يمكننا تغيير قواعد السوق بشكل إيجابي وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تعود بالفائدة على الدول النامية والمستهلكين على حد سواء.”
أما البروفيسور يوانيس ليانوس، أستاذ قانون وسياسات المنافسة الدولية بكلية القانون جامعة لندن، وعضو محكمة الاستئناف الخاصة بالمنافسة بالمملكة المتحدة والرئيس السابق لمفوضية المنافسة اليونانية، فقد أكد على أهمية الدور المزدوج الذي تلعبه الهيئات التنظيمية للمنافسة في العصر الرقمي الحديث.
وأشار ليانوس خلال الجلسة الثانية تحت عنوان “العلاقة بين قوانين وسياسات المنافسة: دور التشريع والقضاء في دعم الإنفاذ الفعال لحماية المنافسة” إلى أن هيئات المنافسة بحاجة إلى تنفيذ القانون بشكل فعال، بناءً على الأدلة المتعلقة بالمنافسة.
وأضاف أن دور هذه الهيئات لا يقتصر فقط على التطبيق القضائي، بل يتطلب منها أيضًا دورًا نشطًا في توجيه السياسات العامة التي تحمي المنافسة على المدى الطويل مع ضمان النمو والابتكار.
وقال ليانوس: “في العصر الرقمي الحالي، حيث تتداخل العديد من القطاعات الاقتصادية، يصبح من الضروري على هيئات المنافسة تعزيز دورها في حماية المنافسة من خلال المشاركة النشطة في صياغة السياسات العامة.”
وأضاف أن هيئات المنافسة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بدأت تدمج بشكل أكثر فاعلية بين سياسات المنافسة والسياسات العامة، مما يعزز النمو والابتكار المستدام.
وأوضح البروفيسور ليانوس أن من أبرز التحديات التي تواجه هذه الهيئات هو الحفاظ على استقلالها في تطبيق القوانين، مع ضرورة مشاركتها في تصميم السياسات العامة لضمان تأثير طويل الأمد في الاقتصاد، لافتًا إلى ضرورة التركيز على نظام الإنفاذ الإداري بجانب النظام القضائي، لتمكين الهيئات من فرض غرامات في حال وجود انتهاكات لقوانين المنافسة.
وأكد أيضًا على أهمية تعزيز دور الهيئات في مجلس السياسات التنافسية، مما يسمح بتعاونها مع السلطات الأخرى والوزارات المختلفة في الدولة، مما يسهم في تكامل السياسات التي تعزز النمو المستدام.
من ناحيته، قال هاردن راتشي سوسو، نائب مفوض بمفوضية المنافسة بدولة جنوب إفريقيا، إن تبني هيئات المنافسة لنهج متوازن يعزز من دورها في تحسين الأسواق وتحقيق التنمية الاقتصادية، موضحًا أن دور هيئات المنافسة لا يقتصر فقط على التطبيق الصارم للقوانين، بل يشمل أيضًا التنسيق مع سياسات الحكومة الوطنية لضمان توافق التشريعات مع الأولويات التنموية.
وقال سوسو: “من خلال إطار تحديد أولويات القضايا التي تؤثر على المستهلكين، وبشكل خاص الفئات الأكثر احتياجًا، نحرص على ضمان توافق قوانين المنافسة مع الأهداف التنموية للحكومة، فعلى الرغم من أن قوانين المنافسة تعتبر امتدادًا لسياسات الحكومة الاقتصادية، إلا أن نجاحها يعتمد على تكامل هذه السياسات.”
وأضاف أن المراجعات المستمرة والتقييمات التأثيرية تُعد من الأدوات المهمة التي ساعدتنا على التأثير في التعديلات التشريعية بما يتناسب مع متطلبات السوق.
وفيما يتعلق بالتعاون الدولي، أشار سوسو إلى أهمية الاطلاع على التجارب العالمية، موضحًا أن جنوب إفريقيا تراقب عن كثب السياسات المتبعة في دول أخرى للتعرف على أفضل الممارسات، وهو ما ساعد في إحداث إصلاحات تشريعية متميزة على مدار السنوات.
وبحسب سوسو، فعلى الرغم من تقدمنا في العديد من المجالات، إلا أن هناك فجوات أحيانًا بين التشريعات والتنفيذ الفعلي، إلا أن الجهود المستمرة لضمان التنسيق بين القوانين والأهداف الاقتصادية جعلت هناك توافقًا بين القطاعين العام والخاص.
أكد سوسو أن التركيز على هذا التناسق بين تشريعات المنافسة والسياسات العامة سيؤدي إلى تعزيز الابتكار والنمو المستدام في الأسواق.
وأكد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة المغربي، أن المجلس يتمتع باستقلالية تامة بفضل ما نص عليه دستور المملكة لسنة 2011، والذي اعتبره مؤسسة دستورية مستقلة عن الحكومة وعن مختلف الفاعلين الاقتصاديين.
ولفت رحو إلى أن هذه الاستقلالية تمكن المجلس من أداء دوره في مراقبة المنافسة وإبداء الرأي حول السياسات الاقتصادية، بما يخدم مصلحة المواطن والمستثمر على حد سواء.
وشدد على أهمية تبادل التجارب بين الدول العربية، خاصة بين المغرب ومصر، مشيرًا إلى أن هناك تشابهًا كبيرًا في التحديات التي تواجه الهيئات المعنية بالمنافسة في البلدين.
وأشار رئيس مجلس المنافسة المغربي إلى بعض التجارب الدولية مثل الصين التي أنشأت مجلسًا للمنافسة منذ أكثر من 20 سنة، ما يعكس أهمية تطوير هذه المؤسسات وتحديث القوانين المرتبطة بها.
من نفس التصنيف: رسميًا.. تاريخ بدء التوقيت الصيفي 2025 وتعديل الساعة في مصر
وأوضح رحو أن المجلس يركز بشكل خاص على القطاعات التي تمس الحياة اليومية للمواطن، مثل الصحة، والتعليم، ومواد البناء، والمواد الغذائية.
وأكد أن هناك بعض القطاعات، كالبنوك والتأمينات، لا تزال بحاجة إلى إصلاحات قانونية لضمان مزيد من الانفتاح والشفافية.
ولفت رحو إلى أن قانون المنافسة لا يحمي المستهلك فقط، بل يحمي أيضًا المستثمر، سواء كان محليًا أو أجنبياً، من خلال ضمان قواعد عادلة للجميع، مؤكدًا حاجة المستثمر إلى بيئة قانونية واضحة ومطمئنة حتى يتمكن من الاستثمار بثقة.
وأكد أن مجلس المنافسة يلعب دور “الحَكم” في السوق، لضمان أن تسير اللعبة الاقتصادية وفقًا لقواعد عادلة تضمن مصلحة الجميع.
قد يهمك أيضاً :-
- قطاع الزراعة في مصر يستقطب 18.7% من القوى العاملة بـ5.594 مليون موظف
- حماية المنافسة تتلقى 60 إخطارًا حول التركزات الاقتصادية حتى نهاية 2024.. تعرف على التفاصيل في الإنفوجراف!
- نسبة 64.8% من العاملين بأجر سيستمرون في العمل بدوام كامل في 2024
- حماية المنافسة توقع اتفاقيتين مع المفوضية الاقتصادية الأوراسية لتعزيز التعاون الاقتصادي
- «حماية المنافسة» تكشف عن الفائزين بجائزتها البحثية لعام 2025
تعليقات