فرصة استثنائية تعزز اقتصاد أمريكا في ظل أزمة الرسوم وتحالفات جديدة تعزل المنافسين

فرصة استثنائية تعزز اقتصاد أمريكا في ظل أزمة الرسوم وتحالفات جديدة تعزل المنافسين

أثارت الرسوم الجمركية المرتفعة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2 أبريل/نيسان قلقًا كبيرًا في الأسواق المالية العالمية.

فقد تراجعت الأسهم، وتدفق رأس المال خارج الدولار، وبدأت الشكوك تحوم حول مستقبل الولايات المتحدة كمركز جذب للاستثمار العالمي، كما أثارت هذه الإجراءات مخاوف بشأن فقدان الصدارة في النظام الاقتصادي العالمي.

فرصة هامة

وفقًا لتقرير نشرته مجلة فورين بوليسي، تحمل هذه الأزمة في طياتها فرصة اقتصادية هامة للولايات المتحدة.

فقد منح تأجيل تطبيق معظم هذه الرسوم لمدة 90 يومًا—باستثناء تلك المفروضة على الصين—إدارة ترامب فرصة ذهبية لإعادة التفاوض على صفقات تجارية واستثمارية جديدة مع الدول الصديقة، وهذه الفرصة تتجاوز مجرد تعديل الرسوم الجمركية، حيث تهدف إلى جذب الاستثمارات في مجالات حيوية مثل التكنولوجيا والصناعة، وبناء تحالف اقتصادي عالمي يعزل الخصوم الاقتصاديين مثل الصين.

وضعت إدارة ترامب الأساس لهذه الاستراتيجية من خلال سياسة “أمريكا أولًا للاستثمار” (AFIP) التي أُعلنت في فبراير/شباط.

وعلى الرغم من أن تفاصيل السياسة لا تزال غير مكتملة، إلا أن الهدف منها واضح: تسهيل وتسريع الاستثمارات في الصناعات الأمريكية من قبل الدول الشريكة، عبر تسريع إجراءات المراجعات البيئية، وتسهيل استقبال رؤوس الأموال القادمة من الصناديق السيادية في الدول الحليفة.

وإذا ما تم تنفيذ هذه السياسة بفعالية، فقد تؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال الأجنبية نحو الصناعات المتقدمة وإعادة توطين الإنتاج الصناعي داخل الولايات المتحدة، مع الحد من النفوذ الاقتصادي للخصوم.

توسيع دائرة الحلفاء

من اللافت أن السياسة الجديدة تُعلي من شأن الحلفاء والشركاء، رغم أنها لم تحدد بوضوح الدول التي تُعتبر حليفة أو شريكة.

ويرى البعض أن الإدارة تعتمد تعريفًا أوسع للحلفاء، بحيث يشمل دولًا تتوافق مع الرؤية الأمريكية حول قضايا مثل التجارة، والهجرة، والتصدي للصين.

وإذا ثبتت هذه الرؤية، فقد تشمل قائمة الحلفاء الجدد دولًا مثل الأرجنتين، وهولندا، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، وسويسرا، وتركيا، إضافة إلى الحلفاء التقليديين مثل أستراليا، وكندا، والمملكة المتحدة، ونيوزيلندا.

وقد بدأت تظهر مؤشرات على اهتمام دولي جديد بالاستثمار في الولايات المتحدة، حيث أعلنت شركة هيونداي الكورية عن استثمارات بقيمة 21 مليار دولار في مجالات مثل السيارات والتقنيات الصناعية والذكاء الاصطناعي.

كما طرحت شركة سوفت بنك اليابانية مقترحًا باستثمار تريليون دولار في بنية تحتية خاصة بالذكاء الاصطناعي، وأبدت إدارة ترامب استعدادها لإعادة النظر في قرار سابق اتخذته إدارة بايدن لمنع استحواذ شركة نيبون ستيل اليابانية على شركة يو.إس. ستيل.

تحديات جذب الاستثمار

مع ذلك، فإن خطر نشوب حرب تجارية لا يزال قائمًا، وقد يُقوض جهود جذب الاستثمارات رغم السياسات الجديدة، كما أن بعض القرارات الحكومية تهدد بيئة الاستثمار المستقرة في أمريكا، مثل قرار وزارة الخزانة بالتخفيف من متطلبات الإفصاح عن هوية الملاك الفعليين، وهو ما قد يُتيح لمستثمرين غير موثوقين دخول السوق دون رقابة، بما يتناقض مع أهداف الشفافية التي تسعى إليها سياسة أمريكا أولًا.

ويتمتع الاقتصاد الأمريكي بجاذبية استثمارية بفضل الشفافية، واستقرار القوانين، واحترام سيادة القانون، وإذا ما تآكلت هذه المبادئ من خلال قرارات غير متوقعة أو تغييرات في الاتفاقيات الدولية، فإن ذلك سيقلل من جاذبية الولايات المتحدة للمستثمرين الدوليين.

والاستثمار في الولايات المتحدة يجب أن يُنظر إليه كامتياز، ويجب أن يُمنح فقط لمن يلتزم بشروط الشفافية والإنصاف، أما الدول التي تمثل تهديدًا أو تسعى لاستغلال الأصول الأمريكية، فيجب فرض قيود صارمة على استثماراتها، بما في ذلك منعها من الحصول على حقوق التصويت أو التحكم في الشركات.

وإذا نجحت إدارة ترامب في تنفيذ هذه السياسة جنبًا إلى جنب مع حل الخلافات التجارية، فإنها قد تبني نظامًا استثماريًا جديدًا قائمًا على تحالفات اقتصادية واعدة، تدعم الابتكار والنمو داخل أمريكا، وتغلق الأبواب في وجه من يسعى إلى تقويض أمنها الاقتصادي والوطني.

قد يهمك أيضاً :-