إعادة إعمار أوكرانيا من خلال المعادن النادرة: تفاصيل اتفاقية الشراكة بين أمريكا وأوكرانيا

إعادة إعمار أوكرانيا من خلال المعادن النادرة: تفاصيل اتفاقية الشراكة بين أمريكا وأوكرانيا

بعد أشهر من المفاوضات المتوترة، أبرمت الولايات المتحدة وأوكرانيا «اتفاقية المعادن»، التي من المتوقع أن تمنح واشنطن حق الوصول إلى المعادن الأوكرانية الحيوية ومواردها الطبيعية الأخرى، حيث تأمل كييف أن تسهم هذه الاتفاقية في ضمان دعم أمريكي طويل الأمد لدفاعها ضد روسيا.

وفقًا لمسؤولين أوكرانيين، فإن النسخة الموقعة من الاتفاقية، التي تمت يوم الأربعاء، أكثر فائدة لأوكرانيا من النسخ السابقة، التي اعتبروا أنها قلصت دور كييف إلى شريك أصغر ومنحت واشنطن حقوقًا غير مسبوقة في موارد البلاد، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

ستُنشئ الاتفاقية -التي تحتاج إلى مصادقة البرلمان الأوكراني- صندوقًا لإعادة إعمار أوكرانيا، يأمل المسؤولون الأوكرانيون أن يكون وسيلة لضمان المساعدة العسكرية الأمريكية في المستقبل.

في نهاية فبراير الماضي، كانت واشنطن وكييف على وشك توقيع اتفاقية للمعادن، لكن الأمر تعرقل بعد الاجتماع المتوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض.

قالت وزيرة الاقتصاد والنائب الأول لرئيس وزراء أوكرانيا، يوليا سفيريدينكو، التي وقعت الاتفاقية نيابة عن أوكرانيا، في منشور على فيسبوك: «لقد صغنا نسخة من الاتفاقية توفر شروطًا مفيدة للبلدين، وتشير هذه الاتفاقية إلى التزام الولايات المتحدة بتعزيز السلام طويل الأمد في أوكرانيا، وتقدّر مساهمة أوكرانيا في الأمن العالمي من خلال تخلّيها عن ترسانتها النووية»

تأتي هذه الخطوة خلال ما وصفه وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بأنه أسبوع «حاسم للغاية» للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب الروسية الأمريكية، والتي يبدو أنها قد تعثّرت.

ترى أوكرانيا في هذا الاتفاق وسيلة لضمان استمرار مشاركة حليفها الأكبر والأهم وعدم تجميد دعمه العسكري، الذي كان أساسيًا في حربها المستمرة منذ ثلاث سنوات ضد الغزو الروسي الشامل.

قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، الذي وقع الاتفاق عن الولايات المتحدة، في بيان: «يُشير هذا الاتفاق بوضوح إلى روسيا بأن إدارة ترامب ملتزمة بعملية سلام تتمحور حول أوكرانيا حرة وذات سيادة ومزدهرة على المدى الطويل»

ما تفاصيل اتفاق المعادن بين أمريكا وأوكرانيا؟

يشمل الاتفاق المعادن، بما في ذلك العناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى موارد قيّمة أخرى مثل النفط والغاز الطبيعي، وفقًا للنص الذي أصدرته الحكومة الأوكرانية.

لا يشمل الاتفاق الموارد التي تُعدّ بالفعل مصدر دخل للدولة الأوكرانية، حيث تعتمد أي أرباح بموجب الاتفاق على نجاح الاستثمارات الجديدة.

أشار المسؤولون الأوكرانيون أيضًا إلى أن الاتفاق لا يتضمن أي التزامات ديون على كييف، مما يعني أن أرباح الصندوق لن تُستخدم على الأرجح لسداد مستحقات الولايات المتحدة عن دعمها السابق.

أكد المسؤولون أيضًا أن الاتفاق يضمن بقاء الملكية الكاملة للموارد لأوكرانيا، وأن الدولة ستحدد ما يمكن استخراجه ومكانه.

يُدرج نص الاتفاق 55 معدنًا، ولكنه ينص على إمكانية الاتفاق على المزيد.

أعرب «ترامب» مرارًا عن اهتمامه بالعناصر الأرضية النادرة في أوكرانيا، وبعضها مُدرج في القائمة، بالإضافة إلى معادن أساسية أخرى مثل التيتانيوم والليثيوم واليورانيوم.

ما هي العناصر الأرضية النادرة؟

العناصر الأرضية النادرة هي مجموعة من 17 عنصرًا أساسية للعديد من أنواع التكنولوجيا الاستهلاكية، بما في ذلك الهواتف المحمولة ومحركات الأقراص الصلبة والمركبات الكهربائية والهجينة.

تُعدّ الصين أكبر مُنتج في العالم للعناصر الأرضية النادرة، وسعت كل من الولايات المتحدة وأوروبا إلى تقليل اعتمادهما على بكين، الخصم الجيوسياسي الرئيسي لترامب، وتشمل هذه العناصر عناصر مثل اللانثانوم والسيريوم والسكانديوم، وهي مدرجة في الصفقة.

كيف سيعمل الصندوق؟

يُنشئ الاتفاق صندوقًا استثماريًا لإعادة الإعمار في أوكرانيا، وسيكون لكل من الولايات المتحدة وأوكرانيا رأي متساوٍ في إدارته، وفقًا لنائبة رئيس الوزراء الأوكراني يوليا سفيريدينكو.

سيدعم الصندوق الحكومة الأمريكية من خلال وكالة تمويل التنمية الدولية الأمريكية، التي تأمل أوكرانيا أن تجذب الاستثمارات والتكنولوجيا من الدول الأمريكية والأوروبية.

من المتوقع أن تُساهم أوكرانيا بنسبة 50% من جميع الأرباح المستقبلية من الموارد الطبيعية المملوكة للحكومة في الصندوق، كما ستساهم الولايات المتحدة أيضًا في شكل أموال ومعدات مباشرة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي التي تشتد الحاجة إليها وغيرها من المساعدات العسكرية.

سيتم إعادة استثمار المساهمات في الصندوق في مشاريع متعلقة بالتعدين والنفط والغاز، بالإضافة إلى البنية التحتية.

أكدت «سفيريدينكو» أنه لن تُسحب أي أرباح من الصندوق خلال السنوات العشر الأولى.

دفع مسؤولو إدارة ترامب في البداية نحو اتفاق تحصل بموجبه واشنطن على 500 مليار دولار من أرباح المعادن المستغلة كتعويض عن دعمها خلال الحرب.

لكن زيلينسكي رفض العرض، قائلًا إنه لن يوقع على اتفاقية «سيدفع ثمنها عشرة أجيال من الأوكرانيين».

ما هو وضع صناعة المعادن في أوكرانيا؟

العناصر الأرضية النادرة في أوكرانيا غير مستغلة إلى حد كبير بسبب سياسات الدولة المنظمة للصناعة، ونقص المعلومات الدقيقة عن الرواسب، والحرب الأوكرانية الروسية.

كما أن إمكانات هذه الصناعة غير واضحة نظرًا لقلة البيانات الجيولوجية بسبب تشتت احتياطيات المعادن في جميع أنحاء أوكرانيا، وتُعتبر الدراسات الحالية غير كافية إلى حد كبير، وفقًا لرجال الأعمال والمحللين.

ومع ذلك، بشكل عام، فإن آفاق الموارد الطبيعية الأوكرانية واعدة، ويُعتقد أن احتياطيات البلاد من التيتانيوم، وهو مكون رئيسي في صناعات الطيران والفضاء والطب والسيارات، من بين أكبر الاحتياطيات في أوروبا، كما تمتلك أوكرانيا بعضًا من أكبر احتياطيات الليثيوم المعروفة في أوروبا، وهو ضروري لإنتاج البطاريات والسيراميك والزجاج.

في عام 2021، مثلت صناعة المعادن الأوكرانية 6.1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد و30% من الصادرات.

تشير تقديرات إلى أن نحو 40% من موارد أوكرانيا المعدنية غير قابلة للوصول إليها بسبب الاحتلال الروسي، وفقًا لبياناتٍ من مركز «نبني أوكرانيا» البحثي في كييف، وترى أوكرانيا أن من مصلحة ترامب تطوير ما تبقى قبل أن تستحوذ روسيا على المزيد.

خلاف ترامب وزيلنسكي

وقعت مشادة كلامية في اللقاء الأول بين ترامب وزيلنسكي بالبيت الأبيض، الذي عقد منذ شهرين، وكشف مسؤول في البيت الأبيض أن «ترامب» اعتبر أن «زيلينسكي» تسرع في طلب ضمانات أمنية أمريكية في مواجهته مع روسيا، متجاوزا الهدف الرئيسي للقاء.

ونقل موقع Semafor عن المسؤول قوله إن زيلينسكي حاول التركيز على قضية الضمانات الأمنية متجاهلا الموضوع الرئيسي للقاء وهو اتفاق المعادن.

تطور اللقاء إلى مشادة كلامية، حيث أفادت قناة «فوكس نيوز» الأمريكية بأن ترامب شعر بعدم احترام من جانب زيلنسكي مما دفعه إلى إنهاء اللقاء بشكل مفاجئ وإلغاء توقيع اتفاق المعادن.

قد يهمك أيضاً :-