الإمارات ترد بقوة على افتراءات الجيش السوداني وتؤكد على ثوابتها الوطنية

الإمارات ترد بقوة على افتراءات الجيش السوداني وتؤكد على ثوابتها الوطنية

تتبع دولة الإمارات العربية المتحدة سياسة خارجية قائمة على محددات واضحة، فمن يراجع استراتيجية السياسة الخارجية الإماراتية للفترة من 2023 إلى 2026 سيلاحظ وضوح الرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية، حيث تتجلى الرؤية في “نموذج عالمي رائد يحتذى في الدبلوماسية والمكانة الدولية”، بينما تتضمن الرسالة “تعزيز السلام والأمن والازدهار والتنمية على الصعيدين الإقليمي والعالمي”، ومن بين الأهداف الاستراتيجية يظهر الهدف الثاني الذي يركز على الاستقرار الإقليمي من خلال “دعم الجهود الدولية للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي”.

تجعل هذه المنطلقات الواضحة من السياسة الخارجية الإماراتية الملف السوداني أولوية، حيث تسعى الإمارات إلى الحفاظ على هذا القطر العربي الشقيق وحقن دماء أبنائه الذين عانوا من ويلات الصراع الدامي بين القوات المسلحة السودانية وقوات “الدعم السريع” لأكثر من عامين، خاصة بعد الفظائع التي ارتكبت والتي أدت إلى مأساة إنسانية حقيقية، حيث دأبت المؤسسات الدولية على التحذير من مخاطرها، كما أن الإمارات لا تتردد في مواجهة الافتراءات والمزاعم التي تصدر عن القوات المسلحة السودانية، مؤكدة على ثوابتها لإنهاء هذه الأزمة المدمرة.

إجراءات ضرورية

أعلنت الإمارات بوضوح عن ثلاثة إجراءات عاجلة يجب البدء بها بعد فترة طويلة من المعاناة، في ظل ما اعتبرته “لحظة مفصلية وحرجة”، وتتمثل هذه الإجراءات في وقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية أولاً، وعدم عرقلة وصول المساعدات الإنسانية ثانياً، وثالثاً تكثيف الضغوط الدولية.

عند النظر إلى هذه العناصر الثلاثة التي أكدت عليها وزارة الخارجية الإماراتية بمناسبة مرور عامين على الصراع في السودان، نجد أنها مسائل مبدئية لا يمكن أن يكون عليها خلاف، كما أنها متكاملة، حيث تجمع بين ما هو عاجل وضروري، يتمثل في وقف إطلاق النار، على أن يرتبط ذلك بعملية سياسية تشمل الجميع دون استثناء، مما يمهد الطريق نحو الحكم المدني، ولا تقل أهمية عن ذلك مسألة وصول المساعدات إلى الملايين الذين هم في أمس الحاجة إليها، أما المسألة الثالثة فتتعلق بضرورة وجود ضغط دولي فعال، يساهم في إنهاء الصراع وتمكين الناس من العودة إلى ديارهم التي دمرت، لتبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية في هذا البلد الغني بالثروات.

وأعربت دولة الإمارات عن دعوتها لوقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار من قبل كافة الأطراف، على أن تكون هناك طاولة مفاوضات تجمعهم “بنوايا حسنة وصادقة”، انطلاقاً من قناعة إماراتية بأن “لا حل عسكرياً لهذا الصراع إلا عبر التوصل إلى حل سياسي يعكس إرادة الشعب السوداني”، وقد رحبت الإمارات بكل ما من شأنه وقف إطلاق النار، حتى لو كان بشكل مؤقت، كما حدث مع قرار مجلس الأمن الصادر في مارس 2024، الذي طالب بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان المبارك.

فيما يتعلق بضرورة وصول المساعدات، كانت الإمارات واضحة في إدانتها لعرقلة وصولها، واستخدامها كسلاح، مطالبة كل طرفي الصراع بتيسير وصولها بشكل آمن ومتواصل إلى المحتاجين في جميع أنحاء السودان، مع التأكيد على دور الأمم المتحدة في منع الطرفين من “استغلال المساعدات الإنسانية لأغراض عسكرية أو سياسية، وتهديد حياة الملايين التي باتت على المحك”.

توافق مع مؤسسات الإغاثة الدولية

ما ذهبت إليه الإمارات يتوافق تماماً مع تقييمات المؤسسات الدولية المعنية بتقديم المساعدات للشعب السوداني، حيث أعلن فيلبو جراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، بمناسبة مرور عامين على الصراع المسلح، أن هناك نزيفاً في السودان، حيث اعتبر أن الشعب في هذا البلد بات محاصراً “من جميع الجهات – حرب، وانتهاكات واسعة النطاق، وإهانة، وجوع، وغيرها من المصاعب”، وأكد حقوق أولئك الذين اضطرتهم الحرب إلى اللجوء إلى دول مجاورة، بما في ذلك الأمان والكرامة والتعليم والعمل والصحة والسكن، وقبل ذلك الحق في السلام الذي سيمكنهم من العودة إلى ديارهم.

أما عن الضغوط الدولية، فإن الإمارات دأبت على مطالبة المجتمع الدولي بالعمل “بشكل مكثف وعاجل” لتسهيل الانتقال إلى عملية سياسية، وزيادة تدفق المساعدات، وتكثيف الضغط الدولي المنسق على كافة الجهات التي تسهم في تأجيج الصراع، وتشكيل حكومة مدنية بقيادة مدنية، وعدم السماح للسودان بالانزلاق أكثر نحو الفوضى والتطرف والانقسام.

هذه الثوابت الإماراتية لم تقف عند مجرد التأكيد، بل أتبعتها بدبلوماسية نشطة في المحافل الدولية، ومع الدول والمنظمات المعنية، خاصة تلك المعنية بالشأن الإنساني في السودان، كما رحبت بكل الجهود التي بذلتها بعض الدول من أجل حل الصراع، حيث يتلاقى ذلك مع الجهود الإماراتية في هذا الصدد.

تفنيد المزاعم

وبناءً على ذلك، أكدت الإمارات مراراً أنها لم تقم “بتزويد أي من الأطراف المتحاربة في السودان بالأسلحة والذخيرة منذ اندلاع النزاع في إبريل 2023″، مع التأكيد على عدم الانحياز لأي طرف، كما أدانت الإمارات أي استهداف للعاملين في المجال الإنساني، معتبرة أن ذلك “يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي”، حيث إن حمايتهم واجبة، جنباً إلى جنب مع احترامهم، و”ألاّ يكونوا أهدافاً في الصراعات”.

على الرغم من هذه الثوابت، تعرض مقر البعثة الدبلوماسية الإماراتية في الخرطوم للاستهداف، وتوالت الاتهامات الموجهة للدولة، وقد وصل الأمر إلى رفع دعوى في محكمة العدل الدولية، ناهيك عن التلاعب بمضمون تقارير دولية لإثبات رواية أثبتت الإمارات دائماً أنها غير صحيحة، ولا أساس لها من المصداقية، كما فوجئت الإمارات باستخدام أراضيها لتهريب السلاح بشكل غير قانوني، وهو أمر لم تتساهل معه أبداً.

قد يهمك أيضاً :-