
واشنطن – رويترز
فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقراره المفاجئ الشهر الماضي، حيث قرر الدخول في مفاوضات مباشرة مع طهران، وهي محادثات تعتمد في نجاحها على تقديم تنازلات مهمة تهدف إلى منع إيران من تطوير قنبلة نووية
كان التحول نحو المفاوضات مع إيران في أبريل/ نيسان الماضي بمثابة صدمة لنتنياهو، الذي سافر إلى واشنطن للحصول على دعم ترامب لشن ضربات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية، وقد علم نتنياهو قبل أقل من 24 ساعة من مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض بأن المحادثات الأمريكية مع إيران ستبدأ قريباً
وعبر مسؤول أمني إيراني عن القلق المستمر في طهران من احتمال شن هجوم إسرائيلي، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا
على الرغم من ذلك، تمكنت الولايات المتحدة وإيران من عقد ثلاث جولات من المحادثات خلال ثلاثة أسابيع فقط، تهدف إلى منع إيران من صنع سلاح نووي مقابل تخفيف العقوبات، ومن المتوقع عقد جولة رابعة في روما قريباً
وقالت مصادر، طلبت عدم ذكر أسمائها، إن هناك إطاراً مبدئياً قيد المناقشة حالياً، يستند إلى جوهر خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وهو الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى
ورغم أن الاتفاق الجديد قد لا يتضمن اختلافات جذرية عن سابقه، الذي وصفه ترامب بأنه «الأسوأ في التاريخ»، إلا أن المصادر أشارت إلى إمكانية تمديد أجله إلى 25 عاماً وتشديد إجراءات التحقق، بالإضافة إلى توسيع ما يُعرف بـ «بنود الانقضاء» التي ترتبط بجوانب من البرنامج النووي الإيراني، ولكنها لا تفككه تماماً
ووفقاً للمناقشات الجارية، ستقوم إيران بتقليص مخزون اليورانيوم وأنواع أجهزة الطرد المركزي، وستخفف أو تصدر أو تحفظ مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% تحت رقابة غير مسبوقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية
وأشار دينيس روس، المفاوض السابق الذي عمل لدى إدارات أمريكية، إلى أن أي اتفاق جديد يجب أن يتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال فرض تغيير هيكلي دائم على قدرات طهران النووية، وتقليص بنيتها التحتية إلى مستوى يجعل تطوير قنبلة نووية خياراً غير عملي
وأضاف أن أي شيء أقل من ذلك سيبقي التهديد قائماً، لكن هناك خطوطاً حمراء عدة بدأت تظهر، وسيتعين على المفاوضين تجاوزها للتوصل إلى اتفاق وتجنب أي عمل عسكري مستقبلاً
ومن أبرز تلك الخطوط قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، وهو أمر تطالب واشنطن وإسرائيل بوقفه، ما يجعل طهران تعتمد على اليورانيوم المستورد لمحطة بوشهر، وهي محطتها النووية الوحيدة
ويطالب نتنياهو بـ «تخصيب صفري» لليورانيوم، والتوصل إلى اتفاق يفكك البنية التحتية النووية الإيرانية كما حدث مع ليبيا
وفي المقابل، تؤكد إيران أن حقها في التخصيب غير قابل للتفاوض، لكن بعض المسؤولين الإيرانيين أشاروا إلى أن حجم مخزون اليورانيوم وشحنه خارج البلاد وعدد أجهزة الطرد المركزي هي أمور قيد النقاش
وأكدت المصادر، بما في ذلك مسؤولون إيرانيون، أنه بموجب المقترحات التي جرى بحثها في جولات المحادثات في أبريل/ نيسان الماضي، ستضع إيران سقفاً لمستوى التخصيب عند 3.67%، بما يتماشى مع خطة العمل المشتركة
وأضافت المصادر الإيرانية أن طهران منفتحة أيضاً على منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية حق وصول موسع إلى مواقعها النووية
وأوضحت المصادر أن المقترحات لا تهدف إلى تفكيك البنية التحتية النووية لطهران بالكامل، كما ترغب إسرائيل وبعض المسؤولين الأمريكيين، بل تهدف إلى فرض قيود دائمة على تخصيب اليورانيوم تمنع أي تجاوز للحدود
ويبدو أن ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، قد أقر بهذا الموقف في تعليقات أدلى بها الأسبوع الماضي، لكنه أشار لاحقاً إلى أن على إيران أن توقف تخصيب اليورانيوم تماماً
وقال أليكس فاتانكا، المدير المؤسس لبرنامج إيران في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إن أحد الحلول الممكنة قد يكون قبول إيران فترات توقف طويلة لبرنامج التخصيب من خلال تمديد بنود الانقضاء
وأضاف أنه إذا تحلى الإيرانيون بالذكاء، فسيتفقون على بنود انقضاء أطول بكثير في المستقبل، مؤكداً أهمية أن يتمكن كل جانب من إعلان انتصاره في المحادثات
وقال مسؤول أمني إيراني كبير إن هناك حلاً وسطاً محتملاً آخر يتمثل في احتفاظ إيران بالحد الأدنى من التخصيب، من خلال خمسة آلاف جهاز طرد مركزي، مع استيراد بقية اليورانيوم المخصب، ربما من روسيا
وذكر مسؤولون إيرانيون أنه مقابل قيود التخصيب، طالبت طهران بضمانات بعدم انسحاب ترامب مجدداً من الاتفاق، وأشاروا إلى أن من بين الخطوط الحمراء التي وُضعت بتكليف من المرشد علي خامنئي، خفض كمية اليورانيوم المخصب الذي تخزنه البلاد إلى ما دون المستوى المتفق عليه في اتفاق عام 2015
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بأن إيران زادت بشكل كبير كمية اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 60%
وسمحت خطة العمل الشاملة المشتركة فقط لإيران بتخزين اليورانيوم المخصب الذي تنتجه أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول من طراز آي.آر-1، لكن طهران تستخدم الآن طرزاً أكثر تطوراً
وقال مصدر إقليمي مقرب من طهران إن الجدل الدائر حالياً حول مخزونات اليورانيوم الإيرانية يتركز على ما إذا كانت إيران ستحتفظ بجزء منه، مخفف، داخل البلاد، بينما ترسل جزءاً آخر إلى الخارج، ربما إلى روسيا، ووفقاً للمصدر، طرحت إيران فكرة بيع اليورانيوم المخصب للولايات المتحدة
تشغل إيران حالياً حوالي 15 ألف جهاز طرد مركزي، وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، سمح لها بتشغيل حوالي ستة آلاف جهاز
وقال مسؤول إيراني كبير إن المفاوضات تتجه بشكل أساسي نحو خطة عمل شاملة مشتركة 2 مع بعض الإضافات التي ستسمح لترامب بتقديمها على أنها انتصار، بينما تتمكن إيران من الاحتفاظ بحقها في التخصيب
وهناك نقطة خلاف شائكة أخرى تتعلق بقدرة إيران على تصنيع الصواريخ الباليستية، حيث تقول واشنطن وإسرائيل إنه يجب عليها التوقف عن تصنيع الصواريخ، بينما تؤكد طهران حقها في الدفاع عن نفسها
وذكر مسؤول إيراني سابق أن بلاده لن تقدم أي تنازلات أخرى بشأن برنامجها الصاروخي تتجاوز تلك المتفق عليها بموجب اتفاق 2015، وتعرض فقط الامتناع عن صنع صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية كـ «بادرة حسن نية»
وقال مسؤول أمني إقليمي إن واشنطن تضغط لإدراج برنامج الصواريخ الباليستية في المحادثات، لكن طهران لا تزال ترفض أي نقاش
وأضاف أن المشكلة تكمن في أنه بدون معالجة قضية الصواريخ، لا يمكن لترامب القول إن الاتفاق الجديد يتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة
ويشير المفاوض السابق روس إلى التناقض، حيث تخلى ترامب عن خطة العمل الشاملة المشتركة لكونها ضعيفة للغاية، ونتيجة لذلك، فإنه يواجه الآن واقعاً تقف طهران فيه على أعتاب امتلاك قدرات صنع أسلحة نووية
وقال إن قبول اتفاق يحاكي، أو يخفف الاتفاق الأصلي سيكون أمراً يصعب تبريره سياسياً، مشيراً إلى أن الاتفاق يجب أن يخفض أجهزة الطرد المركزي من 20 ألفاً إلى ألف، وينقل المخزونات المخصبة إلى الخارج، ويفرض عمليات تفتيش دقيقة تدعمها عقوبات.
مواضيع مشابهة: شهادات من غزة حول البابا فرنسيس وكلمته الأخيرة
* خطر القصف
شبه المحلل فاتانكا المأزق الحالي الذي تعيشه إيران بقرار قبول وقف إطلاق النار مع العراق الذي اتخذه المرشد الخميني في عام 1988، حيث شبه تلك اللحظة بتجرع «كأس السم المر»، مؤكداً أن الأمر يتعلق بالبقاء، وليس الاستسلام
ويقول دبلوماسيون إن نتنياهو يرى فرصة نادرة سانحة، بعد أن أدت الحملات العسكرية العام الماضي إلى شل الدفاعات الجوية الإيرانية وتدمير ترسانة حزب الله الصاروخية، وهي وسيلة طهران الأساسية للردع
وقال مسؤول في الشرق الأوسط إن هذه فرصة تاريخية لإسرائيل لضرب المواقع النووية الإيرانية، مضيفاً أن واشنطن تعارض هذه الخطوة لأسباب عدة، أهمها المخاوف الدولية التي لا يمكن تجاهلها بسبب علاقات واشنطن الاستراتيجية والاقتصادية الوثيقة في المنطقة
واستطرد قائلاً إنه سيتعين على واشنطن التفكير في حسابات إسرائيل الأمنية، وبالتالي قد لا تشارك الولايات المتحدة بشكل مباشر، لكنها قد تقدم دعماً غير مباشر، وستكون هذه العملية صعبة على إسرائيل لكنها ليست مستحيلة
وأرسل الجيش الأمريكي تعزيزات لقواته في الشرق الأوسط خلال الأسابيع القليلة الماضية، كما نشرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ست قاذفات من طراز (بي-2) في جزيرة دييجو جارسيا بالمحيط الهندي، وهي موقع استخدمته من قبل في دعم عملياتها العسكرية بالشرق الأوسط
كما أن الولايات المتحدة لديها حالياً حاملتا طائرات في المنطقة، وقد نقلت إليها أيضاً أنظمة دفاع جوي من آسيا
وقال آلان إير، وهو دبلوماسي أمريكي سابق، إن أي ضربة قد تبطئ برنامج إيران النووي، لكنها لن تقضي عليه، مضيفاً أنه لا يمكن أن تقصف المعرفة، فهي موجودة، وقد أتقنت إيران تخصيب اليورانيوم.
مقال له علاقة: تسجيل انخفاض تاريخي في صادرات 3 معادن حيوية في الصين
قد يهمك أيضاً :-
- مهرجان ديني في غرب الهند يشهد مقتل 6 وإصابة العشرات في تدافع مروع
- اشحن الآن واستمتع بـ 1600 شدة ببجي بسهولة وأمان عبر الموقع الرسمي
- حقق ثباتاً مثل الصخر مع أقوى كود حساسية ببجي موبايل 2024 بدون جيروسكوب
- اكتشف آيفون 17 الجديد بمواصفات مذهلة وسرعة تفوق التوقعات، تجربة لا تُفوّت!
- اشحن شدات ببجي بأكثر من 3000 و850 شدة مجانية الآن بضغط زر واحد!
تعليقات