أوروبا تستعد لخطوات استراتيجية جديدة بعيدًا عن حرب التجارة مع واشنطن وتحضر لردود قوية ومؤثرة

بينما تسعى المفوضية الأوروبية لحماية صناعاتها، تواجه ضغوطًا للحفاظ على تماسكها الداخلي، لذا تنسج ردودها بحذر، مدركة أن أي خطوة غير محسوبة قد تُضعف جبهتها بدلاً من تقويتها.

المعركة، كما يراها الخبراء، تتجاوز الاقتصاد لتختبر من سيفرض قواعد اللعبة في النظام التجاري العالمي، حيث هددت المفوضية بفرض رسوم جمركية إضافية على مجموعة من المنتجات الأمريكية، مثل السيارات والطائرات.

ممكن يعجبك: أسعار الأسهم في البورصة المصرية اليوم الخميس 10 أبريل 2025

وفي هذا السياق، أوضحت نيكولا كورفوا، الاقتصادي في مركز المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، لـ”العين الإخبارية”، أن الاتحاد الأوروبي يتبنى سياسة الحبل المشدود تجاه سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث إن الرد السريع قد يُرضي الصناعات الأوروبية المتضررة، لكنه قد يؤدي إلى انقسام داخلي بين الدول الأعضاء ذات المصالح المتنوعة.

كما رأت أن التدرج هو الخيار الأكثر عقلانية، ولكن يجب أن يكون هناك حسم واضح في حال استمرت واشنطن في التصعيد.

اقرأ كمان: وزير الإسكان: تسليم أراضي الحي 32 بجمعية الأمل “سابقاً” في العبور الجديدة سيكون في 4 مايو

أمام موجة الرسوم الأمريكية المتزايدة، يتقدم الأوروبيون بحذر شديد، متمسكين بهاجس أساسي يتمثل في الحفاظ على وحدة صفهم الهشة، إذ تتداخل مصالح اقتصادية وأمنية حساسة في هذه المواجهة.

حتى الآن، لم يتخذ الأوروبيون أي إجراء انتقامي، رغم أن الولايات المتحدة فرضت رسومًا إضافية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات، و10% على مجموعة واسعة من المنتجات.

وإن كانت المفوضية الأوروبية، التي تمتلك صلاحيات السياسة التجارية، تفضل التفاوض، فإنها لا تبقى مكتوفة الأيدي، إذ تُجهز ردها لتحقق توازن قوى مع واشنطن، وفي الوقت نفسه تستعد لاحتمال فشل المحادثات مع إدارة ترامب.

نشرت المفوضية، يوم الخميس، قائمة ثانية من السلع الأمريكية التي قد تُفرض عليها رسوم جمركية إضافية عند دخولها السوق الأوروبية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع واشنطن.

تتضمن هذه القائمة منتجات زراعية وغذائية، ومواد كيميائية وبلاستيكية، ومعدات طيران، وسيارات، وأجهزة إلكترونية، وآلات صناعية، حيث تُقدّر قيمة هذه الواردات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي بـ95 مليار يورو في عام 2024.

الخطوة التالية ستكون بيد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إذ يتعين عليهم الآن تقديم تعليقاتهم، قبل اتخاذ قرار نهائي من قبل الدول الـ27 بحلول نهاية يونيو أو بداية يوليو.

من جهتها، قالت كلير مونتان، خبيرة اقتصاد تجاري في مركز الدراسات المستقبلية والاقتصادية الدولية، لـ”العين الإخبارية”، إن “هذه المواجهة ليست فقط اقتصادية، بل سياسية أيضًا”.

وأضافت: “ترامب يسعى لفرض نموذج تجاري أحادي، بينما ترد أوروبا بأسلوب تكتيكي يحافظ على وحدتها أولًا، وما نشهده اليوم هو اختبار لقدرة الاتحاد الأوروبي على لعب دور فاعل في النظام التجاري العالمي دون أن يخسر تماسكه الداخلي”.