شراكة الطاقة بين الإمارات وأمريكا تعزز آفاق النمو العالمي المزدهر

تم تحديثه السبت 2025/5/10 12:51 م بتوقيت أبوظبي

في ظل التحديات العالمية التي تؤثر على قطاع الطاقة، وما يرتبط به من التزامات مناخية معقدة، أصبحت الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة ركيزة أساسية نحو تحقيق مستقبل مستدام، يخدم مصالح الطرفين، ويؤمن فرص النمو المزدهر للكوكب.

ممكن يعجبك: في أثر إكسبو دبي: اليابان تسعى لتكرار تجربة التواصل العالمية الناجحة في أوساكا

تتجلى العلاقات الوثيقة في قطاع الطاقة بين الإمارات وأمريكا بشكل واضح من خلال زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، إلى واشنطن في مارس الماضي، ثم زيارة كريس رايت، وزير الطاقة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى الإمارات، حيث كانت هذه الزيارة أول محطة له في جولته الإقليمية بالشرق الأوسط.

شراكة بالمليارات

تعمل الإمارات والولايات المتحدة على تعزيز الاستثمارات المتبادلة في مجال الطاقة، حيث تمتلك الإمارات استثمارات مهمة في سوق الطاقة الأمريكي تتجاوز 70 مليار دولار حتى الآن، من خلال أدنوك ومصدر وXRG، وفقًا لبيانات وكالة أنباء الإمارات وام في مارس 2025.

تمثل الطاقة بمختلف أنواعها، من نفط وغاز منخفض الكربون وهيدروجين وطاقة شمسية ورياح، أبرز قطاعات الاستثمار المشترك بين البلدين.

“مصدر”.. تعاون لدفع الطاقة النظيفة

يتجلى ذلك من خلال الشراكة من أجل تسريع الطاقة النظيفة PACE، التي تهدف إلى تعبئة 100 مليار دولار لإنتاج 100 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2035.

تتضمن الشراكة تخصيص 20 مليار دولار أمريكي لتمويل مشاريع طاقة نظيفة بقدرة 15 غيغاواط في الولايات المتحدة قبل عام 2035.

مقال مقترح: سعر الذهب اليوم الأحد 27 أبريل 2025.. عيار 24 يصل إلى 387.75 جنيه بدون مصنعية

استثمرت شركة مصدر الإماراتية في 11 مشروعًا للطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، وفي أكتوبر 2025، أعلنت “مصدر” عن استكمال صفقة الاستحواذ على حصة 50% في شركة “تيرا-جن باور هولدينغز”، إحدى أكبر شركات إنتاج الطاقة المتجددة المستقلة في الولايات المتحدة، من شركة “إنرجي كابيتال بارتنرز”.

وخلال زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، أعلنت “القابضة” الإماراتية التي تركز على الاستثمار في البنية التحتية الأساسية وشبكات التوريد، و”إنرجي كابيتال بارتنرز”، أكبر شركة خاصة تعمل في قطاع توليد الطاقة والطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، عن إبرام شراكة بالمناصفة لتأسيس مشروع مشترك مقره الولايات المتحدة، لاستثمار 25 مليار دولار في مشاريع جديدة لتوليد الطاقة.

كريس رايت من داخل “أدنوك”: “الإمارات تبهرنا”

خلال زيارته الهامة للإمارات، حرص كريس رايت على القيام بجولة في واحدة من أكبر قلاع الطاقة في العالم، “أدنوك”.

ومن داخل مقر شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك”، أشاد كريس رايت بالتقدم التقني الكبير والثقافة المؤسسية القوية التي يتمتع بها قطاع الطاقة في الإمارات، معبرًا عن إعجابه الشديد بقوله: “الإمارات تبهرنا بتطورها”

علاقات بين الكبيرين

تعتبر الإمارات والولايات المتحدة من كبار منتجي الطاقة على مستوى العالم، وتجمع بينهما علاقة استراتيجية قوية أثبتت متانتها خلال الأزمات وأوقات الاستقرار على حد سواء، وفقًا لما يراه وزير الطاقة الأمريكي، الذي أكد أن الشراكة طويلة الأمد بين البلدين في مجال الطاقة مرشحة لمزيد من النمو والازدهار.

من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تعاونًا وثيقًا بين الإمارات والولايات المتحدة في مجالي الطاقة والذكاء الاصطناعي، يتضمن استثمارات ضخمة في الاتجاهين.

XRG.. بوابة الاستثمار

في نوفمبر 2024، أعلنت “أدنوك” عن إطلاق “XRG” الشركة الاستثمارية الدولية المتخصصة في مجالي الطاقة منخفضة الكربون والكيماويات، بقيمة مؤسسية تزيد عن 290 مليار درهم (80 مليار دولار).

خلال زيارته لأدنوك في أبريل 2024، قال وزير الطاقة الأمريكي إن إطلاق شركة XRG يفتح فرصًا كبيرة للاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة، وكذلك الاستثمارات الأمريكية في الإمارات، بما في ذلك تدفقات رأس المال والتكنولوجيا.

وأوضح كريس رايت أن تدفقات رؤوس الأموال والتقنيات تسير في الاتجاهين، مشيدًا بمستوى التكنولوجيا المستخدم في إنتاج النفط والغاز بالإمارات.

وتتوافق تصريحات كريس رايت مع إعلان الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لأدنوك ومجموعة شركاتها، في فبراير 2025، بأن استثمارات “أدنوك” في الولايات المتحدة أصبحت تابعة لذراعها الاستثمارية العالمية “XRG”.

تركز استثمارات أدنوك في الولايات المتحدة على محطة هيدروجين تابعة لشركة إكسون موبيل ومنشأة للغاز الطبيعي المسال تابعة لشركة نيكست ديكيد.

شراكة لنهضة العالم.

ترتكز أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خفض تكاليف الطاقة كوسيلة لتحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز تنافسية الشركات وزيادة الاستثمارات.

وفقًا لما قاله كريس رايت، فإن الإدارة الأمريكية الحالية تسعى إلى دعم نمو الطلب على الطاقة من خلال التوسع في الذكاء الاصطناعي، وإعادة توطين الصناعات، ورفع مستوى المعيشة.

وأوضح أن العالم يواجه حاجة متزايدة للطاقة في ظل تطلّع نحو سبعة مليارات شخص إلى مستويات معيشة تضاهي الدول المتقدمة، مضيفًا أن الإمارات تمتلك إمكانات هائلة لتوسيع إنتاجها من الطاقة، وكذلك الولايات المتحدة.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيقود المرحلة القادمة من الطلب على الطاقة، خصوصًا على الغاز الطبيعي والكهرباء، مشيرًا إلى أن الإمارات قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال، مما يعزز من فرص الشراكة المستقبلية.

وجهة النظر ذاتها أكد عليها مرارًا الدكتور سلطان الجابر، عندما أشار في مناسبات دولية عديدة إلى وجود ما يقرب من مليار شخص لا يزالون يفتقرون إلى الحد الأدنى من الوصول إلى الطاقة، وارتفاع متطلبات الذكاء الاصطناعي، حيث من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الكهرباء من حوالي 9000 غيغاوات حاليًا إلى 15000 غيغاوات بحلول عام 2035، وقد يصل إلى 35000 غيغاوات بحلول عام 2050.

كما دعا الدكتور سلطان الجابر العالم إلى التوقف عن الحديث عن إلغاء خيارات الطاقة، والتركيز بدلًا من ذلك على تبني تنوع الطاقة.

الذكاء الاصطناعي.. أرض خصبة لتنمية الشراكات

يتطلب الذكاء الاصطناعي استثمارات كبيرة وخبرات متقدمة، وهو ما يشكّل أرضية خصبة لشراكات استراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، وفقًا لكريس رايت.

قال إن الولايات المتحدة تستعد لمرحلة جديدة من النمو القوي في الطلب على النفط والغاز خلال السنوات المقبلة، بالتوازي مع الزيادة المتوقعة في الإنتاج، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون عاملاً رئيسيًا في هذا النمو، لا سيما من خلال زيادة الطلب على الغاز الطبيعي والكهرباء.

وهذا أيضًا ما أكد عليه الدكتور سلطان الجابر، عندما قال إن نمو الأسواق الناشئة، والتحول في أنظمة الطاقة، وأيضًا “النمو الهائل للذكاء الاصطناعي” هي اتجاهات ضخمة من شأنها أن تغير المستقبل وتدفع الطلب على الطاقة.

يمثل الذكاء الاصطناعي قطاعًا ناشئًا وصل إلى نقطة تحوّل، ويتطلب استهلاكًا عاليًا للطاقة لتحويلها إلى معرفة.

وأشاد رايت بدور الإمارات الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنها من أوائل الدول التي طبّقت هذه التقنيات ضمن أنظمتها الطاقوية.