
انتهى عصر التيكي تاكا، واختفى ميسي وإنييستا وتشافي، مما أنزل جوارديولا من عرشه وتذوق طعم الهزيمة، تكتيك مورينيو أصبح معروفًا وقديمًا، واحتواء أنشيلوتي لم يعد كافيًا لتحقيق البطولات التي تتطلب أكثر من مجرد طبيب قلوب، أما فلسفة يورغن كلوب فقد تجاوزها العالم الذي يعترف فقط بالأقوياء.
أيها السادة، لن أقول إن هناك خاسرًا في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الذي شاهدناه خلال الأيام الماضية، ولن أقول إن هناك مهزومًا خرج وآخر ينتظر التتويج، وكما كتبت سابقًا عن نهاية عصر وبداية آخر بدأ مع يورو 2024، أقول إن 2025 هو ولادة جيل جديد من المدربين ستدور بينهم معارك طاحنة في السنوات القليلة المقبلة، سيتقاتلون حتى آخر نفس، حتى آخر فرصة للفوز، وسيخرجون من جيوبهم حيلًا تُبهر المشاهدين وتُخرج الآهات من الصدور، ليرسموا لنا شكل الساحرة المستديرة فيما هو قادم.
ممكن يعجبك: هل يغادر بدر حامد قطاع الناشئين بالزمالك وسط موجة من الشكاوى؟
المعركة هذه المرة بطلها الأول هانز فليك، الرجل الألماني الذي يتبنى نظرية «اقضِ على منافسك تمامًا»، لا يعترف كثيرًا بفكرة الاستحواذ وتمرير الكرة وتضييع الوقت، وما يُعرف بتأمين الفوز لا أكثر، فليك قائد لا يعترف بالأسرى، ولا يرى سوى الانتصار، لا يهمه كثيرًا الخطوط الدفاعية، لأن وصول الخصم إلى أرضه هو فشل لا يرتضيه، لذلك يلعب من اللحظة الأولى على مرمى الآخرين، يسجل الأهداف ولا يرتوي، لا يكترث بهدف جاء فلتة في شباكه، لأنه ليس أكثر من إصابة عرضية أمام شلال أهداف يرهب به الخصوم.
شوف كمان: تفاصيل عقد «الونش» الجديد مع الزمالك بقيمة 80 مليون جنيه
فليك، الهادئ على خط المرمى، ليس في تعاليمه كلمة «تراجع»، نصيحته الدائمة للاعبيه: تقدموا وأحرزوا الأهداف، ولا تُحدثوني عن شيء آخر، مع برشلونة، وحتى نهاية مارس الماضي، سجل 139 هدفًا في مختلف المباريات، وهو «ريكورد» تاريخي، وفي نصف نهائي الأبطال سجل ستة أهداف في مباراتين، ورغم خسارته، فإنه يُدرك أنه هُزم في معركة، إنما الحرب مستمرة، حتى لو لم يتوج بأي لقب.
بطل المعركة الثاني هو فيليبو إنزاجي، اللاعب الذي زلزل أكبر الشِباك، يعود ليحطمها مرة أخرى، لكن وهو مدرب؛ قيادته للإنتر أو لأي فريق آخر لا تعتمد على التكنيك والمهارة الدفاعية أو الهجومية فقط، بل على مفهوم «الكتيبة والقضية».
نعم، قائد الأزوري لا يبحث عن لاعبين عاديين ونجوم تريد «البالون دور»، بل ينتقي قادة لديهم قضية شخصية مع اللعبة نفسها، يواجهون سؤالًا مصيريًا ووجوديًا، يعتنقون مبدأ «نكون أو لا نكون».
لاوتارو، منذ فترة قليلة، كان لا يجيد اللعب في المباريات الكبيرة، لكن بعد جلسة مع إنزاغي تطور ليصبح ضمن الأفضل عالميًا، لماذا؟ لأن إنزاغي أخبره أنه قائد الفريق وبدونه لن نحقق نصرًا، فصارت قضية لاوتارو هي إثبات الذات.
طبق ذلك على يان سومر، الحارس الذي عاش حتى الثلاثين مهمشًا في الأندية، لدرجة أنه كان لا يعلم هل هو حارس جيد أم لا، منحه إنزاغي الفرصة، أعطاه السلاح اللازم، وترك له مهمة حراسة عرين الإنتر، لم يكن «سومر» يهتم بالفريق بقدر نفسه، تألقه يعني أنه كان على حق، ولم يكن إنزاغي لديه مشكلة في تلك النظرة، وفي نصف النهائي حسم سومر قضيته مع نفسه بتصديات لم يتخيلها أحد، يمكنك رؤية ذلك بوضوح في قصة «أتشيربي» الملهمة، اللاعب الذي هزم السرطان، فلم يعد يستعصي عليه أي خصم آخر، ويمكنك تخيل كرة القدم بأسلوب يعتمد على أن يكون للاعبين قضية شخصية يريدون من أجلها تحقيق الفوز.
من ملعب حديقة الأمراء، يرفع لويس إنريكي سيفه كبطل في المعركة ومنافس قوي على عرش التدريب، فالرجل الذي لعب في أندية القمة مثل ريال مدريد وبرشلونة، استلم باريس سان جيرمان بلا نجوم تُذكر، رحل نيمار ومبابي وميسي، وأثبتت التجربة أن مليارات الدولارات لا تصنع فريقًا قويًا، ولم يكن إنريكي بالقادر على تقبل من يقول له «لا» في باريس سان جيرمان.
لذلك، كان توقيته مناسبًا أن يصنع فريقه على عينه، ويبتكر أسلوبه الخاص المعتمد على مزيج من التيكي تاكا في التمرير الدقيق والقصير، وجنون الكرة الجنوبية بالانطلاق نحو تحقيق الأهداف، مزيج يعكس شخصية «إنريكي» نفسه، الذي اجتمعت فيه الصفتان: فهو الإنسان الدقيق في أوقات، والمنفجر في أوقات أخرى، وبتلك الطريقة، تمكن من بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا، متخطيًا فرقًا كبيرة مثل ليفربول، والأهم أنه وضع موطئ قدم لأسلوب جديد في الملعب، أسلوب اسمه «لويس إنريكي».
ولأن من حق الجميع أن يحلم، زاحمهم أيضًا ميكيل أرتيتا، تلميذ جوارديولا النجيب، والمحافظ على أسلوب الاستحواذ في الكرة، مراهنًا أن البريق لم ينطفئ بعد، وأن بإمكان التمرير وتملك الكرة وتضييق المساحات أن تؤمّن فوزًا مستحقًا، أو على الأقل تُرهق الخصوم، وهذا ما فعله مع فريق أرسنال، الذي بلغ نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في إنجاز يُحسب له.
بالطبع، المعركة لم تتوقف عند هؤلاء، هناك آرني سلوت، المعتمد على السرعة والانتقال العمودي بالكرة، وهناك ألونسو، الرافض للهزيمة حتى آخر نفس، وربما يظهر غيرهم، أو يعود القديم بثوب جديد يكتسح به الجميع، المعارك المقبلة طاحنة، والبقاء للأجدر، أما المتعة، فللجمهور.
قد يهمك أيضاً :-
- وزير الرياضة يهنئ منتخب الشباب تحت 20 سنة بعد فوزه على غانا وتأهله لكأس العالم
- عودة عبد الفتاح واستبعاد حمزة علاء.. تشكيلة الأهلي لمواجهة سيراميكا كليوباترا (خاص)
- سعر الذهب عيار 24 اليوم الاثنين 12 مايو 2025 بدون مصنعية يصل إلى 5246 جنيها
- كيف غيرتني الأمومة بعد وفاة والدتي وكيف عاد خوفي من جديد
- يارا السكري تروي موقفًا صعبًا واجهته خلال تصوير مسلسل فهد البطل
تعليقات