كيف تساهم مسرعات الأعمال في تعزيز النمو الاقتصادي بالأسواق الناشئة

كيف تساهم مسرعات الأعمال في تعزيز النمو الاقتصادي بالأسواق الناشئة

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلاً جديداً يستعرض فيه مفهوم ودور مسرعات الأعمال في تعزيز النمو الاقتصادي، حيث تُعتبر ريادة الأعمال محركاً رئيساً للتنمية الاقتصادية، خاصة في الدول النامية، ورغم ذلك، تواجه الشركات الناشئة في هذه المناطق العديد من التحديات، مثل محدودية الوصول إلى رأس المال، ونقص الدعم، وضعف البنية التحتية، ومن هنا ظهرت مسرعات الأعمال كعنصر أساسي في منظومة ريادة الأعمال، لمواجهة التحديات التي تعيق النمو في الدول النامية، حيث تعمل على دعم الشركات الناشئة في مراحلها الأولى من خلال توفير إرشاد الخبراء والمتخصصين، والوصول إلى المستثمرين، بالإضافة إلى تزويد الشركات الناشئة بالموارد والبرامج المخصصة لتطوير أدائها وتوسيع نطاق عملياتها، مما يساعدها على تحقيق نمو مستدام.

يوضح التحليل أن هناك فرقاً بين “حاضنات الأعمال” و”مسرعات الأعمال”، حيث تؤدي كل منهما وظيفة مختلفة ضمن عملية دعم الشركات الناشئة، فتأتي “حاضنات الأعمال” أولاً لتحتضن الأفكار الجديدة وتساعد رواد الأعمال على تحويل أفكارهم إلى نماذج أعمال، ثم تتولى “مسرعات الأعمال” تطوير هذه المنتجات التجريبية وتحويلها إلى مشاريع تجارية قابلة للتطبيق وجاهزة لجولات التمويل.

كما أشار التحليل إلى أن حاضنات الشركات الناشئة لا تقدم عادةً أي تمويل، فهي مؤسسات غير ربحية تُدار غالباً من قبل مؤسسات أكاديمية أو حكومية، مما يتناسب مع طبيعة عملها.

وفيما يتعلق بتأثير مسرعات الأعمال على الشركات في الأسواق الناشئة، فقد أشار التحليل إلى أن “مسرعات الأعمال” تقدم حلاً واعداً لتنمية الأعمال، حيث تستهدف رواد الأعمال ذوي إمكانات النمو العالية، وتساعدهم على تسريع وتيرة تطوير أعمالهم أو إعادة تقييم جدواها واتخاذ قرارات استراتيجية، كما أن المشاركة الناجحة في برامج مسرعات الأعمال المعترف بها تعكس جودة أعمالهم للمستثمرين، مما يساعد الشركات الواعدة في تأمين تمويل إضافي، وغالباً ما تمثل هذه البرامج الخطوة الأولى في تمويل الشركات الناشئة، حيث تستثمر عادةً ما بين 30 ألفاً و100 ألف دولار أمريكي، مما يُهيئ رواد الأعمال لجولات تمويل أكبر مع استمرار نموهم، وبالتالي تُساهم في بناء قاعدة من الشركات الناشئة الجاهزة للاستثمار في الأسواق النامية.

كما أشار التحليل إلى أن الأبحاث الحديثة أثبتت قدرة “مسرعات الأعمال” على إطلاق العنان لإمكانات الشركات الناشئة، حيث تُقدم بجانب التمويل شبكات علاقات ومهارات مثل فهم السوق واتخاذ القرارات، مما يمتد تأثيرها ليشمل موظفي الشركات الناشئة، ويساعدهم على تطوير مهاراتهم ومكاسبهم المستقبلية.

أوضح التحليل أن الدراسات أظهرت أن الشركات الناشئة التي تشارك في برامج مسرعات الأعمال تكون أكثر عرضة لتحقيق نمو سريع وتأمين جولات تمويل لاحقة مقارنة بتلك التي لا تشارك في هذه البرامج، وهناك العديد من تجارب الدول الناجحة في مجال مسرعات الأعمال، ومن بينها:

1- مسرعات الأعمال في مصر: حيث أثر مشهد ريادة الأعمال بشكل كبير بمسرعات الأعمال، مما ساهم في التنمية الاقتصادية والابتكار، وتلعب مسرعات الأعمال دوراً مهماً في نمو منظومة الشركات الناشئة في مصر، حيث توفر دعماً أساسياً للشركات الناشئة في مختلف القطاعات، ومن المبادرات البارزة في هذا المجال:
– منصة (Plug and Play Egypt): أعلنت المنصة، ومقرها وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، في عام 2022، عن شراكتها مع برنامج الحوكمة الاقتصادية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لإطلاق “بلاج آند بلاي مصر” كمنصة ابتكار مفتوحة للشركات الناشئة، حيث تركز على نقل الخبرة التقنية الفريدة لوادي السيليكون إلى القاهرة، وتهدف المنصة إلى تعزيز بيئة الشركات الناشئة المحلية من خلال تقديم برامج تسريع ودعم رأس المال الاستثماري، مما يساهم في دمج الشركات الناشئة المصرية في الشبكات العالمية وتزويدها بالخبرة والموارد اللازمة لتوسيع نطاق عملياتها.
– مسرعات الأعمال التابعة للقطاع الخاص: يُعتبر مسرع أعمال “فلات 6 لابس” من أبرز مسرعات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تأسس عام 2012 من خلال شراكة بين (Sawari Venture) وكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ويستثمر عادةً ما بين 30 ألفاً و50 ألف دولار أمريكي، مقابل الحصول على 10%- 15%، ويدير دورتين من دورات التسريع سنوياً، يدعم كل منهما من 8 إلى 10 شركات ناشئة، وقد نجح في دعم الشركات الناشئة في قطاعات التكنولوجيا والتكنولوجيا المالية والرعاية الصحية، كما يوجد مسرع “إدفنشرز”، وهو أول مثال على مسرعات الأعمال للشركات ورأس المال الاستثماري، حيث أطلقته دار النشر “نهضة مصر” ويركز على الابتكار في قطاع التعليم، ويوفر برنامجه استثمارات بالإضافة إلى التوجيه والدعم للشركات الناشئة.

– مسرعات أعمال الجامعات المصرية: كان مسرع أعمال “إيه يو سي فينشر لاب” (AUC Venture Lab) رائداً في مجال تسريع الأعمال منذ انطلاقه في مصر في عام 2013، حيث أسهم في تسريع أكثر من 300 شركة ناشئة، وأنشأ شبكة واسعة من الشركاء والمستثمرين، ويركز على الشركات الناشئة من جميع القطاعات شرط أن يكون لديها منظور ابتكاري، وقد أطلقت العديد من الجامعات برامج تسريع أعمال تابعة لها، ومن أبرزها مسرعة أعمال (DMZ) التابعة لجامعات كندا.

– مسرّعات الأعمال الحكومية: أطلقت وزارة الاستثمار المصرية في عام 2017 مبادرة واسعة لدعم ريادة الأعمال تحت مظلة “إيجبت فينشرز”، ومن خلال هذه المبادرة تم إطلاق برنامج يسمى “فلك”، والذي يتضمن خدمات الدعم والتسريع للشركات الناشئة المصرية في جميع أنحاء البلاد، حيث يوفر البرنامج تمويلاً أولياً واستثمارات متابعة بالإضافة إلى خدمات التدريب والتوجيه.
2- مسرعات الأعمال في غانا: تُعتبر مدرسة “ميلتووتر لريادة الأعمال التكنولوجية” (MEST)، التي أُنشئت في 2008، واحدة من أنجح مُسرّعات الأعمال في أفريقيا، حيث تُقدم تدريباً متقدماً وتمويلاً وتوجيهاً لدعم الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا، ويُعزى نجاحها إلى نهجها الشامل الذي يشمل برنامجاً تدريبياً لمدة 12 شهراً، وتمويلاً تأسيسياً، وإمكانية الوصول إلى شبكة عالمية من الخبراء والمستثمرين، وقد قام “ميست” بتدريب أكثر من 400 من رواد الأعمال واستثمر في أكثر من 50 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا منذ إنشائها.

أضاف التحليل أنه مع استمرار تطور منظومة الشركات الناشئة العالمية، سيزداد دور مسرعات الأعمال في الأسواق الناشئة والدول النامية أهمية، لذا يُعدّ تبني أفضل الممارسات الاستراتيجية أمراً بالغ الأهمية لتعزيز تأثير مسرعات الأعمال، ومن بين ذلك:
– تصميم برامج مسرعات الأعمال: ومراقبتها وتعديلها بناءً على اعتبارات داخلية وخارجية لدعم الشركات الناشئة بفاعلية.
– إعطاء الأولوية لبناء شبكة إرشاد قوية: تربط رواد الأعمال بخبراء من الدول المتقدمة في هذا المجال، ويمكن الاستفادة من منصات الإرشاد عبر الإنترنت لسد الفجوة المعرفية.
– تعزيز الدعم المالي: ينبغي للحكومات والجهات الفاعلة في القطاع الخاص زيادة استثماراتها في برامج مُسرّعات الأعمال، واستكشاف نماذج تمويل مبتكرة مثل التمويل الجماعي والاستثمار المؤثر.
– ضمان الاستدامة طويلة الأمد: التعاون مع الجامعات يمكن أن يوفر مساراً ثابتاً للشركات الناشئة المبتكرة.
– الشراكات بين القطاعين العام والخاص يمكن أن تعزز فاعلية مسرعات الأعمال، من خلال توفير التمويل ودعم السياسات، على سبيل المثال، أطلقت الهيئة التنظيمية لقطاع الفضاء في الهند صندوقاً بقيمة 58 مليون دولار أمريكي لدعم الشركات الناشئة وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يُظهر تأثير هذا التعاون.

أشار التحليل في ختامه إلى أن تضافر جهود الحكومات والمستثمرين والجهات المعنية الأخرى لخلق بيئة داعمة لمسرعات الأعمال، مع توفر الدعم والموارد المناسبة، يمكن أن يحدث نقلة نوعية في مشهد ريادة الأعمال في الأسواق الناشئة والدول النامية، مما يُساهم في بناء اقتصاد عالمي أكثر شمولاً وازدهاراً.

قد يهمك أيضاً :-