دور الأديب في التعبير عن ضمير الأمة وأهمية الكتاب المطبوع في نشر المعرفة الشاملة

أكد الأديب الكبير محمد سلماوي أن دور الأديب يتجلى في التعبير عن ضمير أمته من خلال أشكال أدبية وفنية متنوعة، مشددًا على أن الكتابة لن تندثر أبدًا، فهي تقدم معرفة شاملة بينما يقتصر الإنترنت على تقديم معلومات محدودة فقط.

وفي حديثه لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أشار سلماوي إلى أن المشهد الروائي في مصر لا يزال نابضًا بالحياة، حيث أصدرت المطابع المصرية العديد من الروايات الجديدة، ولفت إلى أن هناك نحو 30 رواية جديدة في عام 2024، وإذا كانت هناك 5 روايات جيدة من بين هذه المجموعة، فهذا يعني أن هناك 5 نجيب محفوظ من الشباب، مما ينبئ بمستقبل ثقافي وأدبي واعد.

وأضاف أن المشهد الثقافي في مصر والوطن العربي يمر بمرحلة انتقالية، حيث يتواجد القديم والجديد معًا، وأوضح أن غياب الأسماء الكبيرة مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم يجعلنا نشعر بأننا بين مرحلتين، حيث لم تنضج الأسماء الجديدة بعد، لكن هناك براعم تظهر هنا وهناك، مما يعكس الوضع الثقافي الحالي.

وفي 26 مايو الجاري، يحتفل الأديب محمد سلماوي بعيد ميلاده الثمانين، فهو وُلِد في 26 مايو 1945، ويعتبر من أبرز الشخصيات في المشهد الثقافي العربي بفضل إنتاجه الأدبي الغني في مجالات المسرح والرواية والقصة القصيرة، كما شغل منصب رئيس اتحاد كتاب مصر والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب لعشر سنوات كانت من أزهى عصور الاتحادين، بالإضافة إلى رئاسته السابقة لاتحاد الكتاب الأفروآسيويين.

ترجمت أعمال سلماوي إلى عدة لغات منها الفرنسية والإيطالية والهندية، وقد أجرى العديد من الحوارات مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ، والتي نُشرت وترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية، كما اختار محفوظ سلماوي ليكون ممثله الشخصي في احتفالات نوبل في ستوكهولم عام 1988.

وفيما يتعلق بتنوعه الثقافي، أوضح سلماوي أن الأدب العالمي الذي أثر فيه ليس مقتصرًا على الأدب الفرانكفوني، فهو يقرأ باللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية، وقد تشكلت رؤيته الأدبية من التراث العربي القديم والحديث، بالإضافة إلى التراث الأجنبي، مشيرًا إلى أن توفيق الحكيم كان له تأثير كبير على رؤيته للمسرح.

وأضاف أنه كتب على مدار سنوات عديدة 40 مسرحية، ساهمت بشكل واضح في تشكيل المشهد المسرحي العربي، وأكد أن شكسبير كان له دور كبير في تشكيل وعيه المسرحي، حيث درس في مدرسة إنجليزية كانت تهتم بتراثهم الأدبي، مما جعله يتعرض لأعمال شكسبير وروايات إنجليزية شهيرة.

وأشار إلى أن لغة شكسبير قد تكون صعبة في السنوات الأولى، لكن المدارس تقدم نسخًا مبسطة من أعماله لتناسب أعمار الطلاب، مضيفًا أنه كان يقرأ شكسبير منذ صغره، كما كان هناك نشاط مسرحي في مصر في الخمسينيات والستينيات، مما أثر في تشكيله الأدبي.

وفيما يتعلق برؤيته للأدب العربي وعلاقته بالغرب، قال سلماوي إن كل كاتب، بما في ذلك الكاتب العربي، يجب أن يلتزم بفنه، وأوضح أن الأدب له مهمة خاصة لا يمكن أن يقوم بها إلا الأديب، وهي التعبير عن ضمير أمته، وأن الكاتب يجب أن يكون قريبًا من قضايا مجتمعه.

ورأى سلماوي أن هناك قصورًا في الترويج للأدب العربي، لكنه أكد على ضرورة أن يتعرف المجتمع الدولي على الآداب الأخرى، وأشار إلى تجربة نجيب محفوظ عند فوزه بجائزة نوبل، حيث جاء رئيس لجنة الجائزة ليبلغه بالفوز، مؤكدًا أن الجائزة كانت بمثابة إعادة المصداقية لها.

وعن تقييمه لتجربة دول الخليج في إقامة مسابقات أدبية، أشار إلى أن هذه المسابقات حققت أهدافًا مهمة، مثل مكافأة الأعمال الأدبية المميزة، متمنيًا أن تزداد هذه الجوائز، لكنه أكد على أهمية لفت نظر الغرب للثراء الثقافي والأدبي في العالم العربي.

وفيما يتعلق بانتشار الكتاب الإلكتروني، قال سلماوي إن هناك تحولًا كبيرًا في الحياة، حيث أصبح الناس يعتمدون على الإنترنت للحصول على المعلومات بسرعة، لكنه أشار إلى أن المعرفة الكلية لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال الكتاب، فهناك فرق كبير بين المعلومة والمعرفة.

وأكد أن الكتاب لن يندثر، فهو يظل يحتفظ بمكانته، سواء كان ورقيًا أو رقميًا، لأن له مهمة لا يمكن لأي وسيلة أخرى أن تقوم بها.