عربات جدعون ترفع وتيرة الحرب الإسرائيلية في غزة وتعمق معاناة المدنيين

شهد قطاع غزة تصعيدًا خطيرًا في العدوان الإسرائيلي، حيث أطلقت القوات الإسرائيلية عملية «عربات جدعون»، التي تضمنت ضربات مكثفة أدت إلى سقوط عشرات الضحايا الفلسطينيين، كما دفعت القوات للاستيلاء على عدة مناطق، ويعتبر هذا التصعيد الأخطر في الحرب، حيث تراه بعض الأوساط في تل أبيب بمثابة «العملية الأخيرة» التي قد تستمر لعدة أشهر، وقد تؤدي إلى تهجير قسري للفلسطينيين
في اليوم الحادي والستين من العدوان، قصف الجيش الإسرائيلي مناطق متعددة في قطاع غزة، حيث استهدفت الضربات 150 هدفًا خلال الساعات الأولى من صباح أمس السبت، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا، بينما وزع جيش الاحتلال منشورات على سكان غزة، جاء فيها: «يا سكان غزة، الجيش الإسرائيلي قادم»، وأفادت مصادر فلسطينية أن القصف استهدف مناطق في شمال القطاع والوسط، بينما بدأت قوات المشاة بالتقدم نحو مدينة دير البلح، التي تعد واحدة من المناطق القليلة التي لم تتعرض بعد لعمليات برية موسعة.

ووفقًا للمصادر الطبية، فقد قُتل 66 فلسطينيًا في الغارات التي وقعت أمس السبت، حيث كان أكثر من نصفهم في مدينة غزة وشمالي القطاع، كما أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية عن مقتل 146 شخصًا على الأقل في اليوم الثالث من حملة القصف الإسرائيلية الأخيرة، التي تُعتبر واحدة من أعنف موجات الغارات منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس الماضي
وفي بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، تم الإبلاغ عن ارتفاع عدد مراكز وتكايا توزيع الطعام التي استهدفها الجيش الإسرائيلي إلى 68 مركزًا، ضمن سياسته الممنهجة لتجويع المدنيين منذ بداية الحرب، ودعا البيان المؤسسات الحقوقية والإعلامية إلى توثيق هذه الجرائم البشعة ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي
فيما أوضح مسؤولون إسرائيليون أن العملية الجارية تهدف في النهاية إلى احتلال قطاع غزة والاحتفاظ به، مع دفع السكان المدنيين الفلسطينيين نحو جنوب القطاع، وتتضمن العملية أيضًا خطة لضرب حركة «حماس» ومنعها من السيطرة على إمدادات المساعدات الإنسانية
كما أفادت وسائل الإعلام العبرية بتفاصيل حول المراحل المختلفة لعملية «عربات جدعون»، التي بدأت فجر أمس، حيث تهدف العملية إلى تحقيق السيطرة الكاملة على القطاع، وفقًا لما نشرته هيئة البث الإسرائيلي في مطلع مايو الحالي، ويُتوقع أن تكون العملية طويلة الأمد، وقد تمتد لعدة أشهر، وتشمل تهجير شامل للسكان من مناطق المواجهة، خاصة شمال غزة، نحو مناطق جنوبية يُخطط أن تبقى تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على منصتها الإلكترونية تفاصيل المراحل الثلاث للعملية، حيث تشمل المرحلة الأولى قصفًا مكثفًا وتوسيع نطاق المواجهات، بينما تجمع المرحلة الثانية بين تنفيذ عمليات جوية وبداية تحرك بري، مع دفع سكان غزة إلى مناطق يُعتقد أنها ستكون أكثر أمانًا، مثل رفح جنوب القطاع، أما المرحلة الثالثة فتتمثل في الدفع بقوات مشاة تدريجيًا إلى داخل غزة، بهدف بسط السيطرة العسكرية على أجزاء كبيرة من القطاع، استعدادًا لبقاء طويل الأمد للقوات الإسرائيلية هناك، وأشارت الصحيفة إلى نية الجيش الإسرائيلي فرض قبضته تدريجيًا على كامل القطاع، وإطالة أمد وجوده، بحجة ضرب حركة «حماس» بشكل نهائي وتدمير الأنفاق بشكل كامل، في عملية قد تستمر لشهور، وقد تلقى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط أوامر بالاستعداد للمشاركة في القتال، بحسب ما نقلت الصحيفة في تقرير لها الأسبوع الماضي
يجدر بالذكر أن تسمية العملية «عربات جدعون» تحمل خلفيات تاريخية ودينية وعسكرية، حيث استخدمت إسرائيل اسم «عملية جدعون» خلال نكبة عام 1948 في سياق حملتها للسيطرة على مناطق فلسطينية وتهجير سكانها، واختيار هذا الاسم اليوم يعكس الطابع الاستيطاني والاحتلالي المخطط له في قطاع غزة وفق الخطط الإسرائيلية المعلنة
وفي سياق آخر، طالب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أمس السبت، بوقف الحرب الدموية الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث قال: «لم نعد نحتمل رؤية معاناة الشعب الفلسطيني، كفى هجمات على غزة»، وخاطب تاياني، في تصريحات نقلها عنه المتحدث باسمه خلال زيارة إلى صقلية جنوبي البلاد، إسرائيل: «دعونا نتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لقد قمتم بالرد، اضمنوا استقلالكم وأمنكم، لنطلق سراح المحتجزين، ولكن لنحقق السلام».