
في كواليس الحياة السياسية المصرية خلال النصف الأول من القرن العشرين، نشأت علاقة مميزة بين ملك شاب وصحفي بارع، حيث كان محمد التابعي، المعروف بلقب “أمير الصحافة”، ليس مجرد مراسل يكتب عن الملك، بل كان من القلائل الذين اقتربوا من فاروق الأول عن كثب، سمعوا منه ونقلوا عنه، قبل أن تتغير الأمور وينقلب القلم الذي كان يمدحه.
شوف كمان: أخي ياسمين عبد العزيز يتحدث عن مظهر محمد رمضان المثير للجدل
بداية العلاقة: صعود الملك وصعود الصحفي
في أواخر الثلاثينيات، كانت مصر تستعد لاستقبال ملك جديد في مرحلة المراهقة، وهو فاروق الأول، بينما كان التابعي قد أصبح واحدًا من أبرز الصحفيين السياسيين في البلاد، حيث كانت الصحف تتناول أخبار القصر بحذر شديد، ولكن الملك الشاب رأى في التابعي ذكاءه وفهمه العميق لكواليس السياسة والبلاط، مما جعله يقرّبه إليه.
الصحفي في القصر: هل كان مستشارًا غير معلن؟
يقول العديد من المؤرخين إن محمد التابعي لم يكن مجرد ناقل للأخبار، بل كان له صوت مسموع في بعض الدوائر الملكية، حيث كانت لديه القدرة على الوصول والإقناع، مما جعله طرفًا غير رسمي في دوائر صنع القرار، لكنه كان يحتفظ بمسافة ذكية، تتيح له القرب دون التورط، والكتابة بحرية دون قيود.
بداية التوتر
مع مرور الوقت، بدأ فاروق يميل نحو حياة البذخ واللهو، بينما تدهورت الأوضاع السياسية في البلاد، مما عمّق الهوة بين القصر والشعب، بينما كان الصحفي الذي دافع عن الملك في مقالاته، يشعر أن هناك ما يستحق النقد، حيث بدأ التابعي يكتب بشكل غير مباشر عن “الحاشية الفاسدة” و”تضليل الشباب”، منتقدًا دون أن يسمي، لكنه كان واضحًا لكل من يقرأ بين السطور.
حين كتب التابعي ضد الملك
لم يكتفِ التابعي بالتلميحات، ومع تصاعد الأحداث ونمو الحركات الوطنية، بدأ يكتب مقالات أكثر جرأة، ينتقد فيها الوضع القائم، محذرًا من العزلة التي يفرضها فاروق على نفسه، وقد يكون ذلك سببًا في تراجع العلاقة بينه وبين القصر، خاصة بعدما رفض أن يكون لسان حال النظام في مرحلة دقيقة، حيث لم يكن التابعي تابعًا للملك، ولم يسعَ إلى منصب، ولم يخشَ فقدان الامتيازات.
مقال مقترح: شمس البارودي تُظهر صورًا فريدة من زواجها من حسن يوسف
حتى بعد أن تباعدت المسافة بينهما، ظل يكتب بعقله، لا بعاطفته، واستمر في الاحتفاظ بمكانته كواحد من أكثر الصحفيين تأثيرًا في الرأي العام، حيث يروي في مذكراته الشهيرة “من أسرار الساسة والسياسة” تفاصيل دقيقة عن اللقاءات التي جمعته بالملك، والحوارات الخاصة، والقرارات التي سمع عنها قبل أن تُعلن، لكنه لم يظهر نفسه كبطل، بل كراصد وصاحب رأي حر، لا يصمت أمام الخطأ، حتى وإن جاء من الملك.
تعليقات