الأقسام: اقتصاد

عصر التجارة الذكية وكيف تتحدى وولمارت أمازون بذكاء متجدد

تم تحديثه الأحد 2025/5/18 10:58 م بتوقيت أبوظبي

هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشدة سلسلة متاجر وولمارت يوم السبت، بعد إعلانها عن نيتها رفع الأسعار لتعويض تأثير الرسوم الجمركية.

استعرض تقرير نشرته مجلة “الإيكونوميست” تاريخ وولمارت، وكيف كانت مهددة بالانزلاق أمام منافسة التجارة الرقمية، لكنها تحولت إلى عملاق رقمي ومنافس قوي لأمازون وغيرها. تأسست وولمارت عام 1962 على يد سام والتون، الذي اتبع نموذجًا بسيطًا: خفض الأسعار لجذب الزبائن، ومع مرور الوقت، أضافت الشركة منتجات البقالة، لتصبح متجرًا شاملًا يقدم كل شيء من الأسلحة إلى الأدوية، كما يوضح البروفيسور كارل ميلا، حيث كانت وولمارت أول “متجر لكل شيء”.

بدأ دوغ ماكميلون، الرئيس التنفيذي الحالي، مسيرته في وولمارت في الثمانينيات، عندما كان مراهقًا يعمل في تحميل الشاحنات في أحد مستودعات أركنساس، حيث كانت المستودعات آنذاك صاخبة وفوضوية، تعتمد على الأيدي العاملة لفرز الصناديق يدويًا، أما اليوم، فقد تحولت تلك المراكز إلى منشآت متطورة مليئة بالأحزمة الناقلة والروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي، التي تضمن تعبئة البضائع بكفاءة، حيث توضع السلع الهشة في الأعلى، والعاجلة في المقدمة.

تحديات خطيرة

عندما تولى ماكميلون منصب الرئيس التنفيذي قبل أكثر من عقد، كانت وولمارت تواجه تحديات كبيرة، حيث كانت أمازون تحدث ثورة في عالم البيع بالتجزئة من خلال توفير مجموعة هائلة من المنتجات مع توصيل سريع، مما جعل متاجر وولمارت الضخمة تبدو قديمة، وبدأت المبيعات في الانخفاض، لكن اليوم، عادت الشركة لتزدهر بقوة، حيث تجاوزت إيراداتها 680 مليار دولار، ويعمل لديها أكثر من 2.1 مليون موظف، مما يجعلها أكبر شركة في العالم من حيث عدد الموظفين، وتسيطر على 10% من إنفاق التجزئة في الولايات المتحدة، و25% من سوق البقالة.

أعاد ماكميلون إحياء وولمارت من خلال استثمار ضخم في التكنولوجيا، مستفيدًا من شبكتها الواسعة من المتاجر لمنافسة أمازون، وقد أبدى المستثمرون ثقة كبيرة، حيث ارتفعت قيمة الشركة السوقية بأكثر من 50% خلال عام واحد، لتتجاوز 750 مليار دولار، كما أصبحت تقييماتها أعلى من أمازون وآبل وميتا وغوغل من حيث مضاعف الأرباح.

أكدت وولمارت قوتها في تقرير أرباحها الصادر في 15 مايو/أيار، حيث توقعت نموًا في المبيعات بنسبة 3-4% لعام 2025، مع نمو أرباح التشغيل بوتيرة أسرع، رغم التوترات التجارية العالمية وتعطّل سلاسل التوريد نتيجة السياسات التي أطلقها دونالد ترامب.

اليوم، تتركز استراتيجية الشركة الجديدة حول التجارة الإلكترونية، ورغم أنها فاتتها الموجة الأولى من التسوق عبر الإنترنت في أوائل الألفينات، إلا أنها بدأت تعوض ما فاتها، حيث تمتلك أكثر من 5000 متجر في الولايات المتحدة، ويعيش 90% من السكان على بُعد 10 أميال من أحد فروعها، وتستخدم هذه المواقع كمراكز لتجهيز الطلبات، كما أصبحت متاجرها العملاقة، التي تضم حوالي 120000 منتج، بمثابة مراكز توزيع، بينما المستودعات المصممة للبيع التقليدي باتت تخدم التجارة الإلكترونية أيضًا.

أطلقت وولمارت منصة سوق إلكتروني على غرار أمازون، تضم مئات الملايين من المنتجات، حيث يدفع البائعون الخارجيون حصة من مبيعاتهم، بالإضافة إلى رسوم لتخزين وتوصيل منتجاتهم باستخدام خدمات وولمارت، ويقدّر المحللون أن الشركة تحصل على 12% من قيمة المبيعات، و8% إضافية لقاء التخزين والخدمات اللوجستية.

مبيعات تتجاوز 100 مليار دولار

تشير بيانات eMarketer إلى أن مبيعات وولمارت الإلكترونية في الولايات المتحدة تجاوزت 100 مليار دولار في 2024، بنمو سنوي قدره 20%، أي ضعف معدل أمازون، وفي مجال توصيل البقالة، الذي يتطلب تحكمًا دقيقًا في درجات الحرارة وسرعة في التسليم، تتفوق وولمارت بالفعل.

فتحت التجارة الإلكترونية أمام وولمارت مصادر دخل جديدة، حيث تقدم الشركة اشتراك Walmart+ مقابل 8.17 دولار شهريًا، ويوفر توصيلًا مجانيًا ومزايا أخرى، ومع سلسلة “سامز كلوب”، بلغت عائدات الاشتراكات 3.8 مليار دولار في 2024، أي ضعف ما كانت عليه قبل 5 سنوات.

كما أصبحت الإعلانات مصدر دخل متزايد، حيث تجمع وولمارت كميات هائلة من بيانات العملاء، وتستغلها لعرض إعلانات دقيقة داخل التطبيق، وفي المتاجر، وحتى على أجهزة تلفاز Vizio الذكية التي استحوذت عليها مؤخرًا، وبلغت عائدات الإعلانات 4.4 مليار دولار في 2024، بنمو يقارب 30%، ورغم أن الإعلانات تشكل جزءًا صغيرًا من الإيرادات، إلا أن هوامش الربح العالية تجعلها مساهماً كبيرًا في الأرباح، ويتوقع المحللون أن تمثل 16% من أرباح التشغيل بحلول 2027.

أنفقت وولمارت 24 مليار دولار العام الماضي على الاستثمارات الرأسمالية، وهو ضعف ما كانت تنفقه في 2019، لتعزيز تحولها الرقمي، كما تطورت مساعدين يعملون بالذكاء الاصطناعي مثل “سباركي” لمساعدة العملاء، و”والي” لمساعدة الموظفين في اختيار المنتجات، حيث يقول المحلل روبرت أومز من بنك أوف أمريكا إن وتيرة التقدم في وولمارت تتسارع أكثر فأكثر.

تستهدف وولمارت الآن جذب العملاء من ذوي الدخل الأعلى، حيث أطلقت علامة تجارية غذائية جديدة تسمى “Bettergoods” تتضمن منتجات راقية مثل الماكرون والبسكويت بزيت الزيتون، كما تعرض حقائب يد فاخرة مستعملة على الإنترنت، وتقوم بتجديد مئات الفروع القديمة، بينما يمكن للعملاء الذين لا يفضلون التسوق الميداني استخدام منصتها الرقمية بسهولة أكبر من أي وقت مضى.

السوق الدولية والرسوم الجمركية

على الصعيد الدولي، تعتمد وولمارت استراتيجيات مختلفة، ففي المكسيك، هي الشركة الأولى من حيث القيمة السوقية، وفي الصين، أصبحت عضوية “سامز كلوب” رمزًا للطبقة الوسطى، وفي الهند، تمتلك حصصًا كبيرة في منصتي Flipkart وPhonePe، ومنذ خروجها من بريطانيا واليابان والأرجنتين في 2021، تشهد أعمالها الدولية نموًا سريعًا، وتخطط لمضاعفة المبيعات والأرباح بحلول 2028.

لكن تحديًا جديدًا يلوح في الأفق، وهو عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، حيث حاولت وولمارت التقرب منه، فحضر ماكميلون حفل تنصيب الرئيس الأمريكي وزاره في مارالاغو، كما خففت الشركة من سياساتها المتعلقة بالتنوع وراجعت أهدافها البيئية لتجنب الجدل السياسي.

ورغم المخاوف بشأن الحروب التجارية، قد تكون وولمارت في وضع أفضل من منافسيها، حيث أن ثلث منتجاتها مستوردة، خاصة من الصين والمكسيك وكندا، لكنها وسعت مصادرها لتشمل الهند، وعززت التعاقدات مع المصانع الأمريكية، مثل مصانع مقاعد الأطفال.

كما أن حجمها الضخم يمكّنها من تمرير تكاليف الرسوم الجمركية إلى الموردين، وقدر المحللون أن تلك الرسوم قد ترفع أسعار وولمارت بنسبة 2.6% فقط في المتوسط، أي أقل من نصف العبء الكامل، مع زيادة محتملة في الإيرادات، وتتميز منتجات البقالة، التي تمثل 60% من مبيعات وولمارت الأمريكية، بأنها أقل تأثرًا بالتغيرات السعرية، مقارنة بـ20% فقط لدى “تارجت”، ونسبة أقل لدى أمازون.

ومع تزايد الضغوط التضخمية على المستهلكين، تبدو وولمارت الخيار الأرخص، حيث تظهر أبحاث بنك JPMorgan أن أسعارها أقل بنسبة 4-5% من تارجت، وحتى 10% من محلات البقالة الأخرى، وتستعد الشركة للهجوم عبر تخفيضات جديدة وعروض خاصة.

بينما تعاني أمازون من صعوبات في التوسع داخل البيع بالتجزئة التقليدي، أصبحت وولمارت هي الشركة التي يجب مراقبتها عن كثب، حيث أصبحت على وشك التفوق على من كان يومًا خصمها الأكبر.

المشاركات الاخيرة

  • اقتصاد

أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو 2025.. تعرف على سعر الجنيه الذهب بـ36280 جنيها

تعتبر السياسات الاقتصادية من العوامل الرئيسية التي تؤثر في حركة الأسواق، حيث تؤدي التغيرات في أسعار الفائدة إلى تحولات ملحوظة…

دقيقة واحدة منذ
  • اقتصاد

أسعار الذهب اليوم الاثنين 19 مايو وعيار 21 يصل إلى 4535 جنيهًا

ننشر اليوم، الاثنين 19 مايو 2025، حالة من الاستقرار في السوق مع بدء تعاملات الأسبوع، حيث لم يتم تسجيل أي…

5 دقائق منذ
  • ترفيه

عودة المرأة القطة الأصلية إلى لوس أنجلوس في عمر الـ 91.. قصة ملهمة من جديد!

رُصِدت الممثلة الأسطورية جوليا نيومار، المعروفة بأدائها المميز لشخصية "المرأة القطة" (Catwoman) في مسلسل Batman الشهير خلال الستينيات، وهي تتجول…

6 دقائق منذ
  • رياضة

اكتشف أسرار فشل انتقال زيزو إلى نادي نيوم السعودي

كشف الإعلامي مدحت شلبي عن تفاصيل جديدة تتعلق برفض نادي الزمالك بيع نجم الفريق أحمد سيد "زيزو" إلى نادي نيوم…

49 دقيقة منذ
  • اقتصاد

سعر الذهب اليوم الاثنين 19 مايو 2025 وأحدث التحديثات المتاحة

نستعرض اليوم الاثنين آخر التطورات في السوق المصرية، حيث يتأثر السوق بشكل مباشر بحركة المعدن النفيس عالميًا، وقد انعكست تغيرات…

50 دقيقة منذ
  • اقتصاد

سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 19 مايو 2025 في البنوك – آخر التحديثات

شهد اليوم الأثنين 19 مايو 2025، تحركات ملحوظة في أسعار الجنيه المصري، وذلك خلال آخر تحديثات التعاملات البنكية، مما يعكس…

54 دقيقة منذ