أفكار البابا الجديد في زمن الفوضى والتحديات العالمية

في يوم تنصيبه، أصدر البابا الجديد ليو الرابع عشر رسائل مهمة تعكس رؤيته تجاه الأحداث الجارية والأفكار المرتبطة بها، حيث تناول حديثه قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، إلى جانب القضايا الكنسية
يرى البعض أن أفكار البابا الجديد تتقاطع مع أفكار سلفه البابا فرانسيس، فكلاهما عمل لسنوات في أمريكا اللاتينية، حيث أن البابا فرانسيس أرجنتيني، بينما البابا ليو يحمل الجنسية الأمريكية وقد قضى وقتًا طويلاً في بيرو وحصل على جنسيتها أيضًا، ومن المحتمل أن تكون تجاربهما في هذه البيئات الفقيرة قد أثرت على رؤيتهما، خاصةً في القضايا الاجتماعية، ولا يمكن تجاهل الارتباط بين أفكار البابا الجديد وأفكار البابا ليون الثالث عشر، الذي اختار البابا الحالي أن يحمل اسمه، حيث كان ليون الثالث عشر قد أصدر في عام 1891 أول رسالة بابوية تتناول القضايا الاجتماعية والاقتصادية
كان البابا الجديد صريحًا في وصفه للواقع المعيش، حيث قال: «لا نزال نرى الكثير من الانقسامات والجراح الناتجة عن الكراهية والعنف والأحكام المسبقة والخوف من المختلف عنا، ومن أنماط اقتصادية تستنزف موارد الأرض وتهمش الفقراء»، وهذا الكلام يتجلى في العديد من الصراعات المشتعلة والتي تؤدي إلى فقدان أرواح الأبرياء، وقد أشار البابا إلى بعض هذه الصراعات مثل أوكرانيا وغزة وميانمار
وصف البابا أوكرانيا بـ«المعذبة» التي تنتظر «مفاوضات من أجل سلام عادل ودائم»، أما غزة، فقد رأى أن الناجين من أطفالها وعائلاتها وكبار السن فيها يُتركون «فريسة للجوع»
ما يميز حديث البابا هو تركيزه على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، حيث لم يكتفِ بتشخيص القضايا القائمة، بل تناول الأسباب الهيكلية المتمثلة في الأنماط الاقتصادية، وقد سبق أن طرحت أصوات متخصصة في المسائل الاجتماعية والاقتصادية أفكاراً مشابهة، ومن اللافت أن بعض الأصوات من داخل النظام الرأسمالي الذي هيمن منذ نحو ثلاثة عقود قد اقترحت حلولاً للحد من آثار هذا النظام الذي يخلف ضحايا كثيرين على مختلف الأصعدة
إذا كان البابا قد اعتبر أن انتخابه جاء نتيجة قناعة من انتخبه بقدرته «على استشراف المستقبل، لمواجهة أسئلة وهموم وتحديات عالم اليوم»، فإن تأثيره يبقى في إطار رمزي ومعنوي، دون أن يعني ذلك بالضرورة انعكاسًا في ممارسات أطراف الصراعات الدولية، أو الأنماط الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس في سياسات الدول