
ذكرت صحيفة «فاينشيال تايمز» أن حلم استخراج المعادن من قاع المحيط قد راود العلماء والمستثمرين لأكثر من قرن، ومع تزايد الطلب العالمي على معادن أساسية مثل النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز، نتيجة التحول نحو الطاقة النظيفة، أصبح تعدين أعماق البحار أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى.
وتدّعي شركات التعدين أن استخراج هذه المعادن من البحر يعد أكثر استدامة مقارنة بالتعدين البري، الذي غالباً ما يرتبط بالتلوث البيئي وانتهاكات حقوق الإنسان، ولكن هذا المجال الجديد يثير جدلاً واسعاً، إذ يتم تعدين قاع البحر في بيئة قاسية جداً، حيث تتداخل التحديات التقنية مع المخاطر البيئية، ويحتوي قاع المحيط، خاصة في منطقة “كلاريون-كليبرتون” في المحيط الهادئ، على كتل معدنية تُعرف بالعُقَد متعددة المعادن، والتي تكونت عبر ملايين السنين، مما يثير قلق العلماء من أن إزعاج هذه البيئات قد يؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها للأنظمة البيئية الهشة.
مقال له علاقة: زيادة أسعار الذهب في مصر: عيار 24 يصل إلى 5274 جنيهًا للشراء في التحديث الساعة 01:30 ظهرًا
منذ التسعينيات، كان التعدين التجاري محظوراً في المياه الدولية، في انتظار توافق دولي تديره “الهيئة الدولية لقاع البحار” (ISA) التابعة للأمم المتحدة، وقد أجرت عدة دول، مثل الصين واليابان والهند والولايات المتحدة، تجارب استكشافية، لكنها لم تبدأ التعدين التجاري بعد.
تغير قريب
لكن الوضع قد يتغير قريباً، ففي أبريل/نيسان الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يمنح الولايات المتحدة الحق في إصدار تراخيص تعدين أعماق البحار بشكل مستقل، متجاوزاً سلطة الهيئة الدولية، وبدعم من جماعات الضغط التابعة لشركات التعدين، يهدف القرار إلى تعزيز القيادة الأمريكية في ما وصفه ترامب بـ”حمى الذهب التالية”، كما دعا إلى تخزين معادن قاع البحر كمخزون استراتيجي.
وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من المفوضية الأوروبية والصين، حيث اعتُبر انتهاكاً للقانون الدولي الذي يمنح الهيئة الدولية وحدها سلطة تنظيم التعدين في أعماق البحار، وحذّرت الخارجية الصينية من الإجراءات الأحادية، كما أعرب مشرعون أمريكيون وجماعات بيئية عن قلقهم من أن التسرع قد يؤدي إلى كارثة بيئية.
ويخشى العلماء من أن سحب الرواسب الناتجة عن التعدين قد يؤدي إلى تدمير أنظمة بيئية لا تزال غير مفهومة بالكامل، ومع ذلك، تواصل شركات التعدين وشركات أخرى المضي قدماً، حيث قدمت شركات طلباً للحصول على ترخيص من الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، وتأمل في بدء الاستخراج التجاري بحلول عام 2027، ومن أجل كسب دعم سياسي، تقترح الشركات معالجة المواد في ولاية تكساس لتعزيز إنتاج البطاريات محلياً وتقليل الاعتماد على الصين.
وفي الوقت نفسه، تواصل الصين تقدمها في هذا المجال، فهي تمتلك أكبر عدد من عقود الاستكشاف التي أصدرتها الهيئة الدولية، وقد أجرت تجارب تعدين على أعماق تفوق 4000 متر، وزار عدد من الشركات الصينية، مثل CNGR المتخصصة في بطاريات السيارات، عمليات TMC، مما أثار تساؤلات حول إمكانية انفكاك الولايات المتحدة فعلياً عن سلاسل التوريد الصينية.
تواجه الهيئة الدولية ضغطاً متزايداً لوضع قواعد واضحة، وفي يوليو/تموز المقبل، سيجتمع ممثلون من أكثر من 150 دولة في جامايكا لوضع اللمسات الأخيرة على لوائح تغطي الرسوم، وحماية البيئة، والعقوبات في حال المخالفات، وقد حذرت ليتيسيا كارفاليو، رئيسة الهيئة، من أن النهج الأمريكي قد يقوّض القانون الدولي ويهز ثقة المستثمرين.
التنافس الدولي
تعكس سباقات الدول نحو استغلال قاع البحر قلقاً أعمق يتعلق بالسيادة الاقتصادية، فالدول باتت تعتبر المعادن الاستراتيجية أدوات للنفوذ الجيوسياسي، وفي ظل تصاعد التوتر بين الغرب والصين، يُنظر إلى التعدين البحري كميدان جديد للمنافسة العالمية، ويرى مسؤولون أمريكيون أن السيطرة على معادن المحيط يمكن أن تمنح الولايات المتحدة نفوذاً اقتصادياً وعسكرياً في أوقات الأزمات.
مقال مقترح: الثلاثاء.. إطلاق التشغيل التجريبي لبوابات دخول الأهرامات على طريق الفيوم
في النهاية، ما إذا كان تعدين أعماق البحار سيصبح ركيزة للاقتصاد الأخضر أو درساً في الطموح البيئي المفرط، يعتمد على ما ستقرره الحكومات في الأشهر المقبلة، وقد يكون اجتماع يوليو/تموز المقبل حاسماً في تحديد ما إذا كان بالإمكان الاتفاق على تنظيم مسؤول أم أن المحيطات ستتحول إلى ساحة صراع جديدة بين القوى الكبرى.
قد يهمك أيضاً :-
- أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 19 مايو 2025.. استقرار محلي مع تراجع عالمي
- كارولين عزمي تتألق بإطلالة حمراء تخطف الأنفاس وتجذب القلوب
- سوق العمل يكشف عن الطلب المتزايد على وظيفة مندوب المبيعات في القطاعين العام والخاص
- أسعار الدولار والعملات الأجنبية في التعاملات الصباحية ليوم الاثنين 19 مايو 2025
- لقاء الخميسي تبرز بإطلالة ساحرة مع زوجها وتجذب الأنظار
تعليقات