فاغنر تغادر من الباب وتعود عبر النافذة.. أزواد تحذر من الخداع

فاغنر تغادر من الباب وتعود عبر النافذة.. أزواد تحذر من الخداع

بعد ثلاثة أيام من إعلان انسحاب مجموعة “فاغنر” من مالي، اعتبرت جبهة تحرير أزواد أن هذا الانسحاب هو “مسرحية إعلامية” لا تغير شيئًا في الواقع القائم.

كما رأت أن ما جرى ليس سوى استبدال لذراع مسلح بأخرى، في إشارة إلى تسليم المهام إلى ما يُعرف بـ”فيلق إفريقيا الروسي”.

شكل بلا مضمون

وفي بيان رسمي حصلت منصة “أوراس” على نسخة منه، أكدت الجبهة أن الانتقال من فاغنر إلى فيلق إفريقيا الروسي لا يمثل قطيعة، بل هو “استمرار لنفس النهج الوحشي القائم على القمع والانتهاكات والاحتقار” تجاه السكان المحليين في شمال مالي، متهمة الطرفين بارتكاب انتهاكات موثقة على نطاق واسع.

وشددت الجبهة على أن هذا التحول لا يعود إلى اكتمال المهام كما تدعي السلطات المالية والروسية، بل هو نتيجة هزيمة تاريخية لقوات فاغنر، لا سيما في معركة “تينزوتين” على الحدود مع الجزائر، حيث تكبدت فاغنر خسائر فادحة في صفوفها بما في ذلك قادة بارزون، وفقًا للبيان.

متابعو الموقع يشاهدون:

تهاوي الخطاب السيادي

وفي انتقاد مباشر للمجلس العسكري الحاكم في باماكو، اعتبرت الجبهة، التي تمثل كبرى الحركات السياسية والمسلحة للطوارق في شمال مالي، أن ادعاءات السيادة التي تروجها الحكومة المالية لتبرير هذه التحولات العسكرية هي “مجرد شعارات وهمية”.

كما أكدت أن الانسحاب جاء بناءً على قرار خارجي من الكيانات العسكرية الروسية، وليس ضمن قرار سيادي مالي كما يُزعم.

ووصفته الجبهة بأنه “يكشف عن التبعية العميقة للنظام المالي لقوات أجنبية تعمل خارج الأطر الرسمية”.

الطغمة العسكرية في مأزق

وفي لهجة تصعيدية، اعتبرت جبهة تحرير أزواد أن المجلس العسكري في مالي “يعيش مأزقًا سياسيًا وعسكريًا عميقًا”، حيث فقد السيطرة على عدة مناطق، بينما تتوسع هجمات المعارضة المسلحة داخل الإقليم، وسط غياب أي تصور تنموي أو خطة أمنية فاعلة من قبل السلطات.

ووصف البيان الحكومة المالية بأنها “عاجزة داخليًا ومهانة دوليًا”، متهمة إياها بإخفاقات متراكمة في الملفين الأمني والتنموي، مما أدى إلى تفاقم أوضاع المدنيين الذين يعيشون موجة نزوح غير مسبوقة إلى الأراضي الموريتانية.

كما أكدت جبهة تحرير أزواد أنها لن تتراجع عن خيار الكفاح من أجل تحرير الإقليم، مشيرةً إلى أن هدفها هو “بناء نظام سياسي جديد في أزواد قائم على العدالة والحرية واحترام خيارات السكان المحليين”.

ودعت الحركة في بيانها جميع القوى الوطنية الأزوادية إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات، لتحقيق تطلعات شعب الطوارق التاريخية.

امتداد لا انسحاب

وكانت مجموعة فاغنر الروسية قد أعلنت، بشكل مفاجئ، إنهاء مهمتها في مالي بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من الوجود العسكري المكثف، مشيرةً إلى أنها قضت على “آلاف الإرهابيين” وساعدت في استعادة مدن استراتيجية مثل غاو وتمبكتو وأنفيس وكيدال.

غير أن هذا الإعلان أعقبه مباشرة تصريح من “فيلق إفريقيا الروسي”، الذي أكد استمراره في مالي، نافيًا وجود أي تغيير جوهري في الحضور الروسي.

وأكد الفيلق أن روسيا ستواصل دعمها للمجلس العسكري المالي “بشكل أعمق وأكثر جوهرية”.

ويضم فيلق إفريقيا الروسي، الذي أُعلن عن تشكيله مطلع عام 2024، نسبة كبيرة من مقاتلي فاغنر السابقين، ويشرف على قيادته نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف.

ويعمل هذا الفيلق في خمس دول إفريقية هي: ليبيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى، ويتخذ ليبيا مقرًا مركزيًا له

انسحاب جراء ضربات مسلحة

جاء هذا الانسحاب الشكلي، حسب مراقبين، تحت وقع هجمات قوية ومتكررة شنتها حركات مسلحة معارضة في شمال ووسط مالي، مما أدى إلى خسائر كبيرة في صفوف الجيش المالي.

وأفادت تقارير بسيطرة هذه الجماعات على قواعد عسكرية مهمة، منها قاعدة “ماهو” جنوب باماكو.

في السياق ذاته، أعلنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” تنفيذ عمليات نوعية ضد، شملت كمائن وهجمات ضد ثكنات ومركبات حكومية.

ومن جانبها، قالت الحكومة المالية إن قواتها تصدّت لهجوم كبير على مركز أمني في ولاية “سيكاسو”، وقتلت العشرات من المسلحين، بينهم قيادي نيجيري يُدعى مامودو آكيلو، إضافة إلى استعادة معدات عسكرية وذخائر.

مسار انتقالي مُعلّق

وفي خضم هذه التطورات، دعا رئيس المجلس العسكري المالي عاصيمي غويتا، إلى تعبئة وطنية ودولية لمواجهة الجماعات المسلحة، مؤكدًا على ضرورة “مقاربة موحدة لتحالف دول الساحل”، الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وأكد غويتا أن قوات الساحل ستواصل القتال “حتى تحقيق نصر حاسم”، بينما جدد تحياته إلى الجنود القتلى والجرحى، معبرًا عن “امتنان الأمة لتضحياتهم”، على حد وصفه.

ويُذكر أن المجلس العسكري استولى على الحكم في مالي عام 2021 بعد انقلاب أطاح بالرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان.

وكان من المفترض إجراء انتخابات في فبراير 2022، لكن حتى الآن لم تُنظّم، وسط تراجع واضح عن الوعود بتسليم السلطة للمدنيين.

قد يهمك أيضاً :-