عبدالمنعم السعيد يكشف تداعيات ضربة الفجر الإسرائيلية على إيران.. خياران صعبان في الأفق

عبدالمنعم السعيد يكشف تداعيات ضربة الفجر الإسرائيلية على إيران.. خياران صعبان في الأفق

قدم المفكر السياسي المعروف، عضو مجلس الشيوخ، الدكتور عبدالمنعم سعيد، لـ «بوابة مولانا» رؤية استشرافية حول تداعيات الضربة الإسرائيلية لإيران، التي وقعت فجر اليوم، حيث اعتبر أن هذه الضربة تعكس واقعة مشابهة لما حدث في مصر عام 1967، في ظل حالة المفاجأة الاستراتيجية التي تلي طوفان الأقصى بالنسبة لإسرائيل.

وفي تصريحات له لـ «بوابة مولانا»، اليوم الجمعة، قال: «إننا نشهد ترجمة فعلية لما كان متوقعًا منذ فترة طويلة، خاصة في ظل حرب غزة وما تبعها، والتي قد تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة»، مشيرًا إلى أن هذه الحرب الإقليمية بدأت من جانب إسرائيل، التي حققت المفاجأة عبر ضربة شلت الطرف الآخر، أي إيران، من خلال استهداف القادة الاستراتيجيين الثلاثة البارزين في طهران، وهم رئيس أركان الجيش، ورئيس الحرس الثوري، والمستشار الاستراتيجي الخاص بـ «خامئني»، المرشد الأعلى الإيراني.

إضافة إلى ذلك، وجهت إسرائيل ضربة علمية لإيران عبر استهداف كبار العلماء النوويين الإيرانيين، حيث تشير تصريحات إيران إلى أن العدد هو 6، بينما تقول تل أبيب إنه 10، ويبدو أن هؤلاء العلماء كانوا في مبنى سكني واحد، مما سهل على إسرائيل استهدافهم دفعة واحدة باستخدام الصواريخ.

علاوة على ذلك، استهدف الهجوم مناطق متعددة داخل إيران، بما في ذلك جميع القواعد العسكرية الموجودة على الساحل الإيراني في الخليج، ويبدو أن الغارة الجوية الأخيرة على إيران أدت إلى تدمير أو إعاقة أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية بشكل كبير، مما يفسر دخول الطائرات الإسرائيلية والصواريخ إلى المجال الجوي الإيراني دون أي عوائق، حيث لم تسقط أي طائرة إسرائيلية، مما يعني أن الدفاع الجوي الإيراني في حالة شلل حاليًا.

وأضاف: «لكن يُحسب للإيرانيين سرعتهم في استبدال القادة العسكريين الذين سقطوا في الضربة الإسرائيلية، إلا أن الخسائر على صعيد الخبراء النوويين ستكون صعبة التعويض بشكل سريع»، ورأى سعيد أن الوضع الداخلي في إيران يتطلب من السلطات الرد، إذ إن التأخير في الرد سيؤدي إلى حالة من الاحتقان الداخلي، خاصة أن إيران دولة كبيرة ذات حضارة عريقة، وتحكمها منذ أربعين عامًا نظام الملالي، الذي قد يواجه غضبًا داخليًا، رغم أنه في حالة حدوث كارثة كالضربة الإيرانية، قد يلجأ النظام لتحريك مظاهرات مؤيدة له، لكنها ستكون تظاهرات زائفة وغير حقيقية، حيث يتضح أن القيادة الإيرانية مخترقة وفاشلة.

ومن هنا كان رد الفعل الأول من إيران هو إرسال 100 مسيرة في اتجاه إسرائيل، لكن جميعها دمرت في الأردن ومناطق أخرى قبل دخولها المجال الجوي لإسرائيل.

وفي سياق الهجوم الإسرائيلي على إيران، قال المفكر السياسي البارز إن طهران تحاول استكشاف المواقع التي يجب استهدافها، وهو ما كان ينبغي عليهم استكشافه في وقت سابق، مشيرًا إلى أن الحديث الإيراني عن حصولهم على وثائق أمنية مهمة تخص السلاح النووي الإسرائيلي يعني أن لديهم معلومات عن الأهداف الممكن ضربها، والأحرى كان توجيه الضربات باستخدام الصواريخ الباليستية بدلاً من المسيرات، إذ أن الصواريخ الباليستية يمكن أن تنطلق خارج الغلاف الجوي لتسقط مباشرة على الأهداف بدقة.

وتابع: «لكن يبدو أن إسرائيل مستعدة للاستمرار في تنفيذ ضرباتها، والغارة التي نفذتها فجر أمس هي البداية فقط، وستواصل تل أبيب توجيه الضربات حتى تضع القيادة الإيرانية في موقف الدفاع، مما يعني أننا أمام فترة طويلة من التدهور»، وأشار إلى وجود حالة من اليقظة لدى حزب الله والحكومة اللبنانية، في ضوء التصريحات بشأن عدم المشاركة في حرب لا شأن للبنان بها، ومع ذلك، قد تسعى طهران لتحريك الحشد الشعبي في العراق، الذي على الأرجح لن يتحمل ما يحدث في إيران، باعتبار أن هذه إحدى الوسائل التي تلجأ إليها طهران في صراعاتها، خاصة مع تقارير تشير إلى سقوط صاروخ على إسرائيل من العراق.

أما الحوثيون فلم يتضح موقفهم بعد، لكن هناك بعض «الأوراق» في يد إيران يمكن استخدامها، خاصة بعد إعلان واشنطن أنها ليست شريكة في الضربة، وأشار إلى تصريحات أدلى بها ترامب للصحفيين، حيث قال إن واشنطن لن تشارك في ضربة ضد إيران، معلنًا عن استعداده للقاء في مسقط الأحد القادم لمواصلة المفاوضات الإيرانية.

واعتبر «سعيد» أن طهران الآن في مأزق، بشأن ما إذا كان ينبغي عليها الذهاب لتلك الجولة أم الامتناع، بالإضافة إلى كونها محاصرة دوليًا، حيث أن تقرير الوكالة الدولية بشأن التسليح النووي لم يكن في صالحها، وأشار التقرير إلى أن إيران «تغش» في نسب التخصيب، مما دفع طهران لوصف التقرير بأنه «مسيس» و«غير فني»، موضحًا أن إيران، كونها عضوًا في الوكالة الدولية، كانت ترغب في أن تكون الوكالة شاهدًا على المفاوضات بينها وبين أمريكا، لكن تقرير الوكالة وضعها في موقف قانوني محرج.

من جهة أخرى، تواجه إيران مأزقًا أخلاقيًا وقانونيًا بسبب حلفاء إسرائيل، مثل ألمانيا، الذين يقولون إنهم سيؤيدون إسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها، على خلفية ما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، يلاحظ أن الكثيرين لم يشيروا إلى السلاح النووي الإسرائيلي الذي هو مكتمل بالفعل وليس في طور التخصيب كما في الحالة الإيرانية.

وتابع أن إسرائيل لا تتاجر فقط بما حدث لليهود في الحرب العالمية الثانية، وإنما تتعامل من منطلق أنها دولة مسؤولة عن نفسها تكنولوجيا، وأنها شريك في حضارة الغرب من الناحية التكنولوجية والتنموية، باعتبارها جزءًا من منظومة الغرب.

وأردف: «نحن أمام حرب ستستمر لفترة، قد تكون أيامًا أو تمتد لأسابيع، وبالنسبة لرد الفعل الإيراني، فإن إيران الآن أمام خيارين، كلاهما مُر، الأول هو السعي لكسب الوقت والدخول في مجادلات قانونية عبر اللجوء لمجلس الأمن باعتبار أنها دولة معتدى عليها من جانب إسرائيل، والموقف الطبيعي للطرف الضعيف هو اللجوء لمجلس الأمن والجمعية العامة ببيان رسمي، لحشد المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار.

وأشار في هذا الصدد إلى تمسك السعودية بموقف موضوعي وحاسم، وتنديد مصر بالضربة باعتبارها عملية استفزازية من جانب إسرائيل لشن حرب إقليمية في المنطقة، مما يعني أننا نحملها مسؤولية ما حدث.

أما الخيار الثاني فهو أن تحاول إيران الاستمرار في الحرب عبر إعادة تفعيل وكلائها، مثل حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين، وبدء حرب صواريخ طويلة المدى ضد إسرائيل، وقال: «في رأيي، إيران لديها فرصة في هذا الصدد، بالنظر إلى الضعف السكاني الإسرائيلي من ناحيتين، الأولى أن عدد سكان إسرائيل محدود، والثانية أن السكان متركزون في منطقة واحدة، وبالتالي فإن ضربهم بالصواريخ ليس أمرًا صعبًا.

وأضاف: «لكن هذا يتطلب أيضًا أن تكون لدى طهران القدرة على القيام بهذه الخطوة، في ظل الاستعداد العسكري لتل أبيب، التي بادرت سابقًا بتأسيس منظومة دفاع ضد الصواريخ، تُعد من الأكثر تقدمًا في العالم، مشيرًا إلى اعتزام ترامب إنشاء القبة الذهبية لحماية الولايات المتحدة من أي هجمات صاروخية، مما يعني أن إسرائيل كانت لها الريادة في هذه الخطوة، وأنشأت القبة الحديدية، ووفرتها الولايات المتحدة بمنظومة صواريخ ثاد، وكان لدى تل أبيب بالفعل مقلاع داوود و«أرجوان 2»، مما يؤكد أن تل أبيب لديها شبكة لمقاومة الصواريخ.

وتابع: «لكن إذا وجهت إيران ضربة صاروخية بنحو 100 أو 200 صاروخ في وقت واحد، سيكون من الصعب اعتراض هذا الكم عبر القبة الحديدية، والدليل على ذلك أن الهجوم السابق على شمال إسرائيل بالصواريخ لم تتمكن تل أبيب من صدّه، مما دفعها لتهجير 80 ألف إسرائيلي من الشمال إلى الوسط، ومع ذلك، سيكون الإسرائيليون حريصين لأقصى حد».

ولفت إلى أن صور الهجوم التي بثتها القنوات التلفزيونية تشير إلى بدايات مشهد غزة في إيران، حيث تظهر الصور ضربات موجهة لبنايات من المنتصف، تحديدًا تلك التي كانت تسكنها الشخصيات التي قامت تل أبيب باغتيالها، مشيرًا إلى أن الجانب الحضري في إيران مختلف، حيث أن إيران، على عكس غزة، بلد كبير، ولديها أهداف بنية تحتية أكبر بكثير من غزة، تتعلق بالكهرباء والمياه والغاز والبترول وموانئ كبيرة.

ومن ثم، فإن أي ضربة صاروخية في منطقة أو حي تتسبب في دمار كبير، وتابع أن هناك ما يسمى بـ «بنك الأهداف الإسرائيلي»، وعلى ضوءه ستعمد إسرائيل إلى إرسال طائرات أو صواريخ أو أي من أدوات التدمير للتأثير في الحياة المدنية الإيرانية، مشيرًا إلى أن هناك هدف آخر لإسرائيل من الحرب، ولن تخالفها في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، وهو إسقاط نظام الملالي باعتباره يضم إرهابيين.

منذ عام 1979، تتبنى طهران فكر الأصولية الإسلامية، الذي اتخذ صيغته متمثلة في الخُميني، وصار حارسًا لكثير من التنظيمات الجهادية، ولكن يظل توقيت تحقيق هذا الهدف، أي التخلص من نظام الملالي، والوقت الذي يستغرقه غير واضح، خاصة أن تلك التنظيمات الجهادية لها أيضًا سبل أخرى من ردود الفعل.

قد يهمك أيضاً :-