
في خطاب تنصيبه في يناير الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إرثه الذي سيفخر به سيكون «صانع السلام والموحد»، متعهداً بأن القوة الأمريكية سوف «توقف كل الحروب وتجلب روحاً جديدة من الوحدة إلى عالم كان غاضباً وعنيفاً ولا يمكن التنبؤ بسلوكه على الإطلاق».
وذكر تقرير لـ«بي بي سي» أنه بعد 5 أشهر، تشهد رئاسة ترامب الثانية انهياراً مذهلاً لتلك الطموحات النبيلة، رئيسٌ تعهّد بإنهاء الصراعات العالمية- بما في ذلك صراعٌ صرّح بأنه سيحلّه خلال أول 24 ساعة من ولايته- أشرف بدلًا من ذلك على تصعيدها، وآخرها الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
شوف كمان: الولايات المتحدة تسحب عددًا من الجنود من سوريا
ويُشير التسلسل الزمني للصراع الأخير إلى انفصال صارخ بين طموحات ترامب والواقع: فقد جاءت موجة الغارات الجوية الإسرائيلية بعد ساعات فقط من حثّ ترامب إسرائيل على عدم مهاجمة إيران
وحرص ماركو روبيو، وزير خارجية ترامب، على وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه «أحادي الجانب»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «لم تكن متورطة في ضربات ضد إيران»- ليُصرّ ترامب بعد ذلك على أنه كان على دراية تامة بخطط إسرائيل- ويُحذّر من أن أي هجمات أخرى ستكون «أكثر وحشية».
لا يزال مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي برز كرئيس مفاوضي ترامب الدبلوماسيين في الشرق الأوسط وأوكرانيا، يُخطط، بحسب التقارير، للذهاب إلى عُمان نهاية هذا الأسبوع لإجراء محادثات حول البرنامج النووي الإيراني، لكن يبدو من غير المرجح أن يحضر الإيرانيون، وكانت أجندة ترامب للسلام مُشوشة بالفعل حتى قبل هجمات الخميس بوقت طويل.
وانهار وقف إطلاق النار في غزة، الذي ساعدت إدارته في التوسط فيه، في غضون أسابيع، مع استئناف إسرائيل قصفها المكثف وفرضها حصاراً شاملاً لمدة ثلاثة أشهر على المساعدات الإنسانية للقطاع، حيث تجاوز عدد القتلى الآن 55 ألفاً على الأقل.
وفي أوكرانيا، وهو صراعٌ تفاخر ترامب ذات مرة بأنه سينهيه في أول يومٍ له بعد عودته إلى منصبه- واصلت القوات الروسية هجومها الصيفي، ودخلت منطقة دنيبروبيتروفسك لأول مرة منذ ثلاث سنوات، وحشدت المزيد من القوات- وهو دليلٌ على أن بوتين لا يكترث بمبادرات ترامب للسلام، وينوي توسيع نطاق الحرب.
ممكن يعجبك: الكرملين يعبر عن استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا لتحقيق السلام
في غضون ذلك، قوبل إعلان ترامب المفاجئ عن وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بغضبٍ شديد في نيودلهي، حيث نفى المسؤولون مزاعمه بالتوسط في الاتفاق.
ورغم إقرار وزير الدفاع بيت هيجسيث أمام الكونغرس بأن البنتاغون قد وضع خططاً طارئة للاستيلاء على غرينلاند وبنما عسكرياً، إلا أنه من غير الواضح كيف يتوافق الغزو الإقليمي مع تعريف ترامب لصنع السلام.
وكان جزء من جاذبية ترامب للناخبين يتمثل تحديداً في وعده بتجنب التورط في الصراعات الخارجية، في المدرجات خلال حفل التنصيب، صرّح أنصاره لصحيفة الغارديان عن تقديرهم لضبطه للنفس في النشر العسكري، وتفضيلهم لنهجه «أمريكا أولاً» الذي يُعطي الأولوية للمخاوف الداخلية على المساعدات والتدخلات الدولية، وهناك رأيٌ مفاده أن السلام بالنسبة لترامب لا يعني غياب الصراع، بل هو ابتعاد واشنطن عنه.
وقال أندرو بورين، المدير التنفيذي للأمن العالمي في «فلاش بوينت» والضابط السابق في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية: «من غير المرجح أن يُعيد هذا إيران إلى طاولة المفاوضات»، وأضاف: «إنه يُشير إلى بداية بؤرة اشتعال أخرى سريعة الاتساع في السياق العالمي لحرب باردة هجينة جديدة، حرب ستُخاض على الأرض وفي أحلك زوايا الإنترنت»
ويعتمد نجاح هذه الاستراتيجية كلياً على رد إيران، فإما أن يعود النظام إلى المفاوضات بعد أن هدأت أعصابه، أو أن يتخلى عن الدبلوماسية تماماً ويسعى لامتلاك الأسلحة النووية بقوة أكبر، تشير المؤشرات الأولية إلى أن طهران قد لا تكون في مزاج تصالحي بعد قصف منشآتها ومقتل قادتها، ولكن حتى لو ثبتت صحة القراءات الأكثر تفاؤلاً، فإن ذلك لا يُغير الواقع الأوسع: فكل صراع كبير ورثه ترامب أو وعد بحلّه قد اشتد في عهده
وختم التقرير: «وعد ترامب بأن يكون صانع سلام، لكنه بدلًا من ذلك، يُدير حروباً متعددة بينما تنهار مبادراته الدبلوماسية في الوقت الفعلي، من غزة إلى أوكرانيا إلى إيران، يبدو العالم أكثر تقلباً وخطورة مما كان عليه عندما أدى اليمين الدستورية قبل خمسة أشهر»
قد يهمك أيضاً :-
- باريس سان جيرمان يتفوق بثنائية على أتلتيكو مدريد في الشوط الأول من مونديال الأندية
- توقعات الطقس غدًا.. انكسار الموجة الحارة مع تغيرات مفاجئة
- ماكرون يؤكد أن فرنسا لم تشارك في أي عمليات دفاعية لصالح إسرائيل
- دكتوراه من إعلام القاهرة تستكشف تأثير الفجوة بين الأجيال على استهلاك الأخبار
- قيادة الدرك تتدخل بعد انتشار فيديو يظهر إهانة دركي لمواطن
تعليقات