الصين ترفع الرسوم الجمركية عن الصادرات الجزائرية بالكامل لتحفيز التجارة

الصين ترفع الرسوم الجمركية عن الصادرات الجزائرية بالكامل لتحفيز التجارة

في خطوة جديدة لتعزيز التعاون التجاري بين الصين وإفريقيا، أعلنت بكين يوم الخميس 12 جوان الجاري عن إعفاء كامل للمنتجات القادمة من 53 دولة إفريقية، من بينها الجزائر، من كافة الرسوم الجمركية.

ويستثنى من هذا القرار فقط مملكة إسواتيني، التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع الصين بسبب موقفها الداعم لتايوان.

ويأتي هذا القرار في إطار جهود موسعة تنفذها الصين لتعميق علاقاتها الاقتصادية بالقارة الإفريقية، حيث تم الإعلان عنه رسميًا خلال فعاليات الدورة الرابعة للمعرض الاقتصادي والتجاري الصيني-الإفريقي المنعقدة بمدينة تشانغشا.

وكانت معاملة الإعفاء من الرسوم الجمركية متاحة سابقًا لـ 33 دولة إفريقية فقط.

متابعو الموقع يشاهدون:

وقد تزامن ذلك مع لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى جمعت وزير الخارجية الصيني وانغ يي بعدد من نظرائه الأفارقة، في سياق منتدى التعاون الصيني الإفريقي.

وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في رسالة موجهة إلى المشاركين في المنتدى، استعداد بلاده لتوسيع نطاق إجراءات الإعفاء الجمركي لتشمل جميع السلع القادمة من الدول الإفريقية التي تربطها علاقات دبلوماسية ببكين.

وتعتزم الحكومة الصينية تطبيق حزمة من التدابير المكملة تشمل تيسير إجراءات الدخول إلى السوق، وتطوير آليات التفتيش والحجر الصحي، إلى جانب تسريع عمليات التخليص الجمركي.

وتُعتبر هذه المبادرة جزءًا من رؤية استراتيجية شاملة تعتمدها الصين لتعزيز التعاون المتبادل وتحقيق التنمية المشتركة، في ظل بيئة دولية متوترة تتسم بصراع اقتصادي متصاعد مع الولايات المتحدة.

وحسب مراقبون وجه مسؤولون أفارقة وصينيون انتقادات للسياسات الأمريكية التي اعتبروها معرقلة للنظام التجاري العالمي ومضرة بالمصالح الجماعية للدول النامية.

فرصة تاريخية أمام الجزائر

تمثل هذه الخطوة فرصة تاريخية للجزائر من أجل تنشيط صادراتها وتنويع وجهاتها خارج المحيط الأوروبي التقليدي.

فالجزائر، بما تمتلكه من ثروات طبيعية ضخمة مثل النفط والغاز والفوسفات، تعتبر من أبرز الموردين في القارة المؤهلين للاستفادة الفورية من الإعفاءات الصينية.

ولا تقتصر الفرص على المواد الخام فقط، إذ يمكن للجزائر أن تستغل هذه الآلية لتوسيع صادراتها الزراعية والصناعية، خاصة في ظل مساعيها الجادة لفك الارتباط التدريجي عن اقتصاد المحروقات.

وقد أبدت بكين، عبر سفيرها في الجزائر دونغ غوانغ هوي، اهتمامًا واضحًا بالمنتجات الجزائرية، وأعربت عن استعدادها لتقديم كافة التسهيلات الإدارية لضمان دخولها السلس إلى السوق الصينية.

وجاءت هذه التصريحات خلال لقاء جمع السفير الصيني برئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، الذي دعا بدوره إلى تطوير التبادل الاقتصادي وتنويع مجالات الشراكة بين البلدين.

وقد أكد الطرفان على أهمية تعميق التعاون في ظل العلاقات الثنائية المتينة التي تشهد تطورًا متسارعًا في السنوات الأخيرة.

استثمارات صينية تترسخ في الجزائر

وعلى صعيد الاستثمار، تسجل الشراكة الجزائرية الصينية مؤشرات متقدمة، إذ كشفت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، أفريل الماضي، تسجيل 42 مشروعًا صينيًا بقيمة 4.5 مليار دولار، وقد أكد المدير العام للوكالة، عمر ركاش، أنّ هذه المشاريع تشمل مجالات حيوية مثل الطاقة والصناعة التحويلية والبنية التحتية، ومجمعات الفوسفات، إلى جانب مشاريع تكنولوجية مستقبلية.

وأوضح المسؤول ذاته، خلال افتتاح منتدى الأعمال الجزائري الصيني، أنّ الجزائر وضعت حزمة من التسهيلات الإدارية لتحفيز الشركاء الصينيين على الاستثمار، في ظل مناخ اقتصادي بدأ يعرف انفتاحًا أكبر بفضل القانون الجديد للاستثمار.

وتوفر الجزائر بنية تحتية لوجستية ومناطق صناعية قادرة على استقطاب نوعية من الصين، بما يُعزّز قدراتها التنافسية والإنتاجية.

وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد قد وصف، في تصريحات سابقة، الاستثمارات الصينية في الجزائر بأنها أصبحت أكثر استراتيجية من أي وقت مضى، خاصة في ظل الاهتمام الصيني بالموارد الجزائرية في مجالات مثل بطاريات الليثيوم والإلكترونيات والرقمنة.

وأشار إلى أن الجزائر بدأت بالفعل تنفيذ استثماراتها الخاصة، وفتحت اقتصادها أمام شركاء أجانب جدد، مع تسجيل أكثر من 11 ألف مشروع لدى وكالة ترقية الاستثمار.

تصحيح الميزان التجاري.. هدف قائم

ورغم التطور اللافت للعلاقات الاقتصادية، لا تزال الجزائر تسعى لتقليص العجز التجاري مع الصين، الذي يظل لصالح الطرف الآسيوي بفارق كبير، وفي هذا الإطار، دعا وزير الصناعة سيفي غريب إلى تسهيل ولوج المنتجات الجزائرية إلى السوق الصينية، ودعم تصدير سلع ذات قيمة مضافة.

وأكد الوزير أن منتجات مثل التمور وزيت الزيتون والأسمدة، وبعض الصناعات الناشئة، تمتلك فرصًا واعدة للتوسع في السوق الصينية، خاصة بعد رفع القيود الجمركية، ويرى مراقبون أن الاستفادة من هذا المناخ الجديد تتطلب مجهودًا داخليًا لمضاعفة الإنتاج وتحسين الجودة ورفع القدرة التنافسية.

قد يهمك أيضاً :-