الجزائر من بين 6 دول إفريقية رائدة في تصدير الهيدروجين الأخضر.. هل تعيق التكلفة هذه الفرصة؟

الجزائر من بين 6 دول إفريقية رائدة في تصدير الهيدروجين الأخضر.. هل تعيق التكلفة هذه الفرصة؟

تُعتبر الجزائر من الدول الإفريقية الرائدة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكاليف تنافسية، حيث أظهرت دراسة نُشرت في 2 جوان 2025 في مجلة “Nature Energy” من قبل باحثين من جامعة ميونيخ التقنية والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، أن الجزائر تمتلك مؤهلات عالية في هذا المجال.

وحدد التقرير، الذي يحمل عنوان “رسم خريطة القدرة التنافسية لتكاليف واردات الهيدروجين الأخضر من إفريقيا إلى أوروبا”، ست دول فقط تملك مواقع مناسبة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، قادرة على تحقيق أسعار تنافسية عند تصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا بحلول عام 2030، بشرط توفر ضمانات أوروبية للاستثمار واتفاقات شراء ثابتة.

تتضمن هذه الدول الجزائر والمغرب وموريتانيا وكينيا وناميبيا والسودان.

يشير التقرير إلى أن التكلفة الحقيقية لإنتاج الهيدروجين الأخضر أعلى مما كان يُعتقد سابقًا، ويرجع ذلك إلى المخاطر المرتفعة في بيئة الاستثمار في إفريقيا وغياب ضمانات تسويقية طويلة الأمد من الدول الأوروبية.

متابعو الموقع يشاهدون:

تصدرت موريتانيا قائمة الدول الإفريقية الست من حيث تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث بلغ السعر 3.8 دولار للكيلوغرام.

تلتها الجزائر في المرتبة الثانية بسعر 4.0 دولار، ثم ناميبيا بسعر 4.1 دولار، وكينيا بسعر 4.3 دولار، بينما بلغ السعر 4.4 دولار في كل من المغرب والسودان.

تتراوح تكلفة الإنتاج في الجزائر بين 4.0 و4.2 دولار لكل كيلوغرام، مما يجعلها في المرتبة الثانية بعد موريتانيا من حيث القدرة التنافسية على التصدير، شريطة وجود دعم سياسي من الشركاء الأوروبيين.

طور الباحثون منهجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار معدلات الفائدة المتفاوتة وظروف التمويل والبنية التحتية في 31 دولة إفريقية، بدلاً من استخدام نماذج موحدة لا تعكس الواقع الاقتصادي المحلي.

تكلفة الهيدروجين الأخضر في بلدان إفريقيا.

اختُبر النموذج على 10.300 موقع في الدول الساحلية الإفريقية، وخلص إلى أن 214 موقعًا فقط، أي 2.1%، قد تكون مؤهلة فعليًا للمنافسة في سوق الاتحاد الأوروبي في حال وجود دعم سياسي وضمانات مالية أوروبية.

أظهرت النتائج أن إنتاج الهيدروجين الأخضر من دون تدخل سياسي أوروبي سيبقى مرتفع التكلفة (بين 4.2 و4.9 يورو لكل كيلوغرام)، لكنه قد ينخفض إلى 3.2 يورو لكل كيلوغرام في بيئات داعمة كما هو الحال في موريتانيا.

ومع ذلك، تبقى المنافسة الأوروبية قوية، حيث بلغ أدنى سعر للهيدروجين الأخضر المقبول في مزاد بنك الهيدروجين الأوروبي عام 2024 أقل من 3 يورو لكل كيلوغرام، مما يعقد دخول السوق على المنتجين من إفريقيا.

وفقًا لما ورد في الشكل 2 من التقرير، تُعتبر الجزائر من الدول ذات تكلفة إنتاج منخفضة نسبيًا للهيدروجين الأخضر في السيناريو التجاري، حيث بلغت نسبة تكلفة الاستثمار 8.4%، وتظهر البيانات أن هذه النسبة تنخفض إلى 8.1% في حال إزالة المخاطر، مما يعكس تحسنًا طفيفًا في القدرة التنافسية.

يشير التقرير إلى أن إزالة المخاطر يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تقليص الفجوة بين الدول، حيث تساهم في خفض متوسط تكلفة الإنتاج من 15.5% إلى 9.0%، مما يجعل بيئة الاستثمار أكثر توازنًا واستقرارًا.

التغير المناخي حسب البلد وسيناريوهات السياسة.

يشير التقرير إلى تحديات أمنية في بعض المواقع المختارة، مما يجعل عدد المواقع المؤهلة فعليًا أقل من الحسابات النظرية، وهذا يفرض مراجعة دقيقة للمخاطر على المستوى المحلي.

حذر الباحثون، بقيادة البروفيسور فلوريان إيغل من جامعة ميونيخ، من أن تجاهل الظروف الواقعية للاستثمار قد يُفرغ مشاريع الهيدروجين من الجدوى، داعين إلى سياسات تحفز خلق القيمة محليًا وتقلل التبعية للخارج.

شدد التقرير على ضرورة إدماج المجتمعات المحلية والاستثمار في المهارات والبنية التحتية، حتى لا تتحول مشاريع الهيدروجين إلى مجرد إعادة إنتاج نماذج التنمية الاستخراجية القديمة.

تخطط الجزائر لتكون لاعبًا رئيسيًا في هذا السوق، حيث تهدف إلى إنتاج مليوني طن من الهيدروجين الأخضر بين عامي 2030 و2040، وهو ما يعادل 10% من الطلب الأوروبي المتوقع في تلك الفترة.

تُقدّر وزارة الطاقة الجزائرية العائدات السنوية من تصدير الهيدروجين الأخضر بـ10 مليارات دولار بحلول عام 2040، مستفيدة من وفرة مصادر الطاقة المتجددة وشبكات الأنابيب الممتدة نحو أوروبا.

من المهم الإشارة إلى أن تقييم المخاطر في الدراسة اقتصر على المستوى الوطني، دون مراعاة التقلبات الأمنية الإقليمية، مما يعني أن جدوى بعض المواقع قد تكون محل شك عند التنفيذ الفعلي.

خلص التقرير إلى أن قدرة إفريقيا، بما في ذلك الجزائر، على دخول سوق الهيدروجين الأخضر تعتمد على شراكات موثوقة مع أوروبا، تضمن تسويق الإنتاج وتحمي الاستثمارات من مخاطر السوق والتقلبات السياسية.

في تصريحات سابقة، أكد المدير العام لمجمع الطاقات الخضراء، بوخلفة يايسي، أن التحدي الرئيسي أمام الجزائر في مجال الانتقال الطاقوي يكمن في تكلفة الإنتاج، وهو ما يتوافق مع ما كشف عنه التقرير الجديد من تفاوت في التكاليف بين الدول الإفريقية، حيث صنّف الجزائر ضمن الدول القادرة على تحقيق أسعار تنافسية مستقبلًا، شريطة توفير ضمانات استثمارية ودعم أوروبي لتقليص كلفة الإنتاج.

قد يهمك أيضاً :-