طائر النورس يرافق صيادي بورسعيد في رحلة البحث عن رزق البحر

طائر النورس يرافق صيادي بورسعيد في رحلة البحث عن رزق البحر

على طول شاطئ بورسعيد الممتد نحو ٦ كيلومترات، يتجلى مشهد طبيعي بديع يتكرر يوميًا، حيث تتناثر شباك الصيد في المياه، محاطة بأسراب من طيور النورس التي تحلق فوقها أو تحط بالقرب منها، في انتظار ما تلتقطه خيوطها من أسماك.

هذا التفاعل المتناغم بين النورس والصياد ليس ظاهرة جديدة، بل هو سلوك طبيعي متوارث، يعكس جانبًا من التعايش البيئي في المدن الساحلية، حيث لطائر النورس دور معروف كجزء من المنظومة البحرية، مرتبط بحرفة الصيد منذ مئات السنين.

اعتاد أهالي محافظة بورسعيد ورواد شاطئ البحر المتوسط على هذا المشهد اليومي في مختلف الفصول، لكنهم يستمتعون به أكثر خلال فصل الصيف، رغم أن أعداد طيور النورس تكون أكبر بكثير في الشتاء.

رصدت عدسة «بوابة مولانا» تحليق طيور النورس حول شباك الصيد على شاطئ بورسعيد.

أشار أحد الصيادين هناك إلى أن طائر النورس دائمًا يحلق حولهم منذ زمن بعيد، كما تعتاد الطيور على الاقتراب من الشباك، تلتقط رزقها من الأسماك الموجودة أو تلك الطافية على سطح المياه، كأنهم يتشاركون البحر معًا.

وأضاف بابتسامة: «إحنا لما بنرمى الشَبَك، بيبقوا هما واقفين مستنيين، وأول ما السمك يطلع يبدأوا يختاروا اللى يقدروا عليه، وده مش بيضايقنا، بالعكس.. منظرهم بيدى روح للبحر»

يُعتبر طائر النورس من الطيور الساحلية الشائعة في البحر المتوسط، ويتغذى غالبًا على الأسماك الصغيرة أو البقايا الطافية، كما يتتبع نشاط الصيادين بشكل طبيعي.

ما يقوم به النورس هو سلوك فطري، لا يشكل تهديدًا حقيقيًا للثروة السمكية، بل قد يُسهم في حفظ التوازن عبر التهام الأسماك الميتة أو الضعيفة، وتنظيف الشواطئ من البقايا.

طيور النورس تزين شواطئ بورسعيد.

ارتباط النورس بشباك الصيد هو جزء من دورة الحياة في البيئات البحرية المفتوحة، وتحول وجود النوارس في سماء بورسعيد إلى ما يشبه المعلم البصري، حيث لا تكتمل صورة الشاطئ دون تحليقها فوق رؤوس المارة، ولا تغيب عن عدسات المصورين والسياح ورواد الشواطئ، سواء من أهالي المحافظة أو زوارها من المحافظات الأخرى، الذين يلتقطونها في لحظات انقضاضها السريع على سطح الماء.

رغم اعتياد أهالي بورسعيد على هذا المشهد، إلا أن العلاقة الهادئة بين طائر النورس وشباك الصيادين تظل محط دهشة وإعجاب زوار المدينة، خاصة الأطفال الذين يتابعون لحظات تحليق الطائر الأبيض وهو يغوص بسرعة البرق ليلتقط سمكة صغيرة قبل أن يواصل طريقه.

لم يتوقف مشهد طيور النورس عند شاطئ البحر فقط في بورسعيد، بل يظل المشهد الأكثر روعة هو تحليقها فوق مياه المجرى الملاحي لقناة السويس، لاسيما في فصل الشتاء، حيث موسم الهجرة للطيور.

اعتاد أهالي بورسعيد إطعام طيور النورس في مياه القناة، خلال ركوبهم معديات قناة السويس، حيث يقومون بتقطيع الخبز إلى قطع صغيرة الحجم، ويلقونها في المياه لتطفو على السطح وتتجمع الطيور بالعشرات لتناولها.

هذا المشهد الذي طالما ارتبط في أذهان البورسعيدية بفصل الشتاء، حيث يلتقطون الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو خلال إطعامهم طيور النورس، يحرص عليه الكبار والصغار وكأنها عادة تتوارثها الأجيال.

في النهاية، يظل طائر النورس جزءًا أصيلًا من الحياة البحرية في بورسعيد، لا غريبًا عنها ولا متطفلًا، بل هو رفيق البحر وصديق الصيادين، ومشهد حي يُجسد كيف يمكن للطبيعة والإنسان أن يتشاركا الرزق.

قد يهمك أيضاً :-