هل تضع باكستان مستقبلها في سلة إيران؟ استكشف دوافع العلاقة بين الشعبين ومصالحهما المتبادلة في هذا التقرير الشامل.

في خطوة أحدثت ضجة على الساحتين الإقليمية والدولية، أعلنت باكستان في يونيو 2025، عن دعمها الواضح لإيران في ظل تصاعد التوتر العسكري بينها وبين إسرائيل، حيث صرح وزير الدفاع الباكستاني، خواجة آصف، بأن بلاده تقف إلى جانب الأمة الإسلامية، داعيًا إلى توحيد الصفوف لمواجهة ما وصفه بـ«العدوان الإسرائيلي».
يمثل هذا الإعلان مزيجًا من الحسابات الاستراتيجية والدوافع الشعبية، ويشكل تحولًا في السياسة الخارجية الباكستانية، مما يضعها أمام تحديات متزايدة على عدة أصعدة، خصوصًا في علاقاتها مع الهند، التي تُعتبر حليفة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
شوف كمان: تكساس تسجل 683 حالة إصابة بالحصبة.. ما الذي يجب معرفته؟
تحالف مع إيران.. وحسابات إقليمية دقيقة.
ووفقًا لتقرير نشره مركز الدراسات العربية الأوراسية، أعده الباحث مصطفى شلش، فإن موقف باكستان المؤيد لإيران ليس عشوائيًا، بل نابع من سياق استراتيجي معقد، تتقاطع فيه المصالح الأمنية والاقتصادية، فرغم التوترات الحدودية التي شهدها البلدان في يناير 2024، وخصوصًا في بلوشستان، إلا أن زيارة الرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، إلى إسلام أباد في أبريل من العام الماضي كانت نقطة تحول في العلاقات الثنائية.
يعتقد شلش، في تقريره، أن إسلام أباد تخشى من أن أي تغيير داخلي في النظام الإيراني قد يعزز الوجود الإسرائيلي في جوارها، مما يضر بمصالحها الإقليمية، وهو ما تعتبره تهديدًا مباشرًا، خصوصًا في ظل التحالف المتين بين إسرائيل والهند.
تأييد شعبي يحقق مكاسب داخلية للحكومة.
مقال له علاقة: بوتين يرفض محاولات تغيير تاريخ الحرب العالمية الثانية ويؤكد على أهميته التاريخية
من الجانب الداخلي، يشير شلش إلى أن الدعم الباكستاني لإيران يحظى بقبول واسع في المجتمع الباكستاني، حيث يرى الكثيرون أن إسرائيل تمثل خصمًا أيديولوجيًا ودينيًا، هذا التأييد الشعبي يوفر للحكومة والجيش فرصة لتعزيز صورتهما كممثلين عن الإرادة الوطنية، في وقت تواجه فيه باكستان تحديات اقتصادية عميقة، واستقطابًا سياسيًا متزايدًا.
توتر متزايد وتوازنات حساسة.
على الجهة الأخرى، لم يمر الموقف الباكستاني دون تأثيرات على صراعها المستمر مع الهند، حيث قد تعتبر نيودلهي، التي ترتبط بعلاقات استراتيجية وثيقة مع تل أبيب، هذا الموقف بمثابة محاولة باكستانية لتشكيل محور إقليمي مضاد يضم إيران وربما الصين، الداعم الدائم لإسلام أباد، وفقًا لشلش.
أوضح الباحث في العلاقات الدولية، أن التوتر بين الجارتين (الهند- باكستان) النوويتين قد تصاعد بالفعل في مايو 2025 بعد هجوم دموي في كشمير الهندية، اتهمت فيه نيودلهي باكستان بالوقوف خلفه، وردت بضربات عسكرية.
وأضاف شلش، أن دعم باكستان لطهران قد يزيد من تعقيد الموقف، ويدفع الهند نحو مزيد من التنسيق العسكري والاستخباراتي مع إسرائيل، ما يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد خطيرة.
علاقة باكستان بواشنطن شراكة تحت الضغط.
وأشار شلش، إلى أن الموقف الجديد يضع العلاقات الباكستانية-الأمريكية في مأزق حساس، فرغم حاجة إسلام أباد للدعم الاقتصادي والعسكري من واشنطن، فإن دعمها لطهران – الخصم التاريخي للولايات المتحدة – قد يُفهم على أنه خروج عن الخط الأمريكي، خاصة في ظل دعم الأخيرة لإسرائيل.
ومع أن واشنطن قد تتريث في فرض عقوبات مباشرة بسبب اعتمادها على باكستان في ملفات مثل مكافحة الإرهاب وأمن أفغانستان، فإن احتمالات تقليص المساعدات أو إعادة النظر في الشراكة تبقى قائمة، وفق تقدير شلش.
مخاطر محتملة.
وفي تقييمه للتداعيات، يقول شلش، إن موقف باكستان المؤيد لإيران قد يعزز تماسك الداخل الباكستاني على المدى القريب، لكنه يحمل مخاطر إقليمية ودولية واضحة، فعلى الصعيد الإقليمي، قد يؤدي إلى تصعيد جديد مع الهند، خصوصًا إذا استمرت التوترات بشأن كشمير، وزيادة التعاون الهندي-الباكستاني، وعلى المستوى الدولي، فقد يضع باكستان في عزلة دبلوماسية متزايدة، إذا ما قررت واشنطن أو حلفاؤها اتخاذ خطوات عقابية، وهو ما يهدد الاقتصاد الباكستاني بشدة.
وأوضح أن قدرة باكستان على المناورة في هذا السياق المعقد تعتمد على قدرتها في الحفاظ على التوازن بين علاقاتها الإقليمية والدولية، خاصة عبر تعزيز التعاون الاقتصادي مع إيران دون تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية، والاستعانة بدول مثل الصين أو السعودية للوساطة قد يساعد في تخفيف التوترات مع الهند والولايات المتحدة.
يخلص تقرير مصطفى شلش إلى أن موقف باكستان المؤيد لإيران في مواجهة إسرائيل يُعد تحولًا استراتيجيًا لافتًا، يعكس حسابات دقيقة ومتشابكة، وبينما يعزز هذا الموقف من تماسك الجبهة الداخلية، فإنه في المقابل يهدد بمفاقمة التوتر مع الهند، ويزيد من تعقيد علاقات باكستان مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن باكستان قد تواجه اختبارًا دبلوماسيًا عسيرًا لتفادي الانزلاق إلى عزلة أو مواجهة إقليمية موسعة، في منطقة تعج بالصراعات.
قد يهمك أيضاً :-
- أفضل شهادات الإدخار لعام 2025 لتحقيق أعلى عائد شهري بعد قرار البنك الأهلي.. استثمر أموالك بحكمة
- محمود سعد يعود ببرنامج باب الخلق في 22 يونيو مع أولى حلقاته المثيرة
- حرائق تل أبيب تشتعل وصواريخ فتاح الإيرانية تخترق درع إسرائيل وتفزع الملاجئ
- توقعات تنسيق الثانوية العامة 2025 في محافظة القاهرة وكيفية الاستعداد لها
- صرف مرتبات يونيو 2025 اليوم مع زيادة جديدة في معاشات يوليو.. تعرف على التفاصيل!
تعليقات