وزيرة التخطيط: الحكومة مصممة على توفير بيئة ملائمة للاستثمارات من خلال تسهيل الإجراءات وتعزيز الشفافية.

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن العالم يواجه تحديات متزايدة منذ عام 2020، حيث تتواصل الأزمات بالتفاقم عامًا بعد عام بسبب التوترات الجيوسياسية والصدمات الاقتصادية المستمرة.
وأشارت الوزيرة خلال مشاركتها في النسخة التاسعة من قمة «صوت مصر»، التي تُعقد برعاية وزارات التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والاستثمار والتجارة الخارجية، والرياضة، أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تسعى جاهدة لصياغة السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، مما يمكن الدولة من الانتقال إلى نموذج تنموي يعتمد على القطاعات القابلة للتبادل التجاري، مدفوعًا بزيادة الإنتاجية والصادرات ذات القيمة المضافة. ويشمل ذلك التركيز على القطاعات ذات الأولوية، مثل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز التنمية الصناعية، وتوطين الصناعة، وتطوير البنية التحتية، وخلق فرص العمل، ودعم ريادة الأعمال والابتكار، والتوسع في المشاريع الخضراء، وتحسين بيئة الأعمال بحيث يمكن للقطاع الخاص أداء دور أكبر في التنمية.
وأكدت المشاط أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب توفير التمويل اللازم، لذا تقوم وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بتعزيز التمويل من أجل التنمية، من خلال حشد الموارد المحلية وتحفيز أدوات التمويل المبتكر والمختلط. وأشارت إلى إطلاق الوزارة «الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية» كأول استراتيجية وطنية من نوعها، تقدم إطارًا شاملًا لحشد التمويل المحلي والدولي بما يدعم الاستدامة، من خلال تحديد الفجوات التمويلية في القطاعات ذات الأولوية، ووضع خارطة طريق لتمويل تنموي مبتكر ومستدام يركز على زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وتفعيل الشراكات مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى آليات الحوكمة والمتابعة والتقييم.
وأضافت الوزيرة أن الدولة تدرك أن استقرار الاقتصاد الكلي هو شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، كما أن الإصلاحات الهيكلية ضرورية للحفاظ على هذا الاستقرار وتعزيزه. ومنذ مارس 2024، اتخذت الحكومة خطوات جدية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، وضبط السياسات المالية والنقدية، وإطلاق حوافز مهمة لتوسيع دور القطاع الخاص، من خلال حزمة متكاملة من السياسات والإجراءات التي تهيئ مناخًا استثماريًا أكثر تنافسية، وتفتح آفاقًا أوسع للاستثمار المحلي والأجنبي.
أكدت المشاط أن الاقتصاد المصري يمتلك العديد من المزايا التنافسية التي تؤهله ليكون من بين الأكثر تنوعاً في المنطقة، انطلاقًا من التطور الكبير الذي شهدته البنية التحتية خلال العقد الماضي، مما يعزّز قدرة الاقتصاد المصري على التوسع الصناعي ويؤكد مكانته كمركز إقليمي للطاقة والاقتصاد الأخضر. وقد اتخذت مصر في هذا الإطار عدد من السياسات، منها تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وإطلاق أول سوق طوعي لتداول ائتمان الكربون للقطاع الخاص، بالإضافة إلى التوسع في أدوات التمويل الأخضر مثل مبادلة الديون والسندات الخضراء والتمويلات التنموية.
ذكرت الوزيرة أن من أبرز محاور الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة هو ضبط الاستثمارات العامة من خلال تحديد سقف سنوي بقيمة تريليون جنيه، مما يسهم في كبح التضخم ويوسع المجال أمام القطاع الخاص للقيام بدور أكبر في جهود التنمية. وقد انعكست هذه السياسات على أداء الاقتصاد، حيث سجّل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 4.3% خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ أكثر من عامين.
وأضافت المشاط أنه بجانب مؤشرات الناتج المحلي، واصلت استثمارات القطاع الخاص تسجيل نمو إيجابي في الربع الثاني من العام المالي الجاري، حيث نمت بنسبة 35.4% على أساس ربع سنوي، في مقابل انكماش الاستثمارات العامة بنسبة 25.7% خلال نفس الفترة. وذلك بدعم جهود الحوكمة الصارمة للاستثمارات العامة وتخصيصها للقطاعات ذات الأولوية، وهو ما ساهم في استحواذ الاستثمارات الخاصة على أكثر من 50% من الاستثمارات الكلية، بينما كانت النسبة أقل من 40% للاستثمارات العامة. كما تعتزم الحكومة المضي قدمًا في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي، من خلال الاستمرار في ضبط المالية العامة، وترشيد الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وحشد الإيرادات المحلية عبر تعظيم الاستفادة من أصول الدولة.
تابعت الوزيرة أن الاستثمارات العامة تُعاد توجيهها نحو رأس المال البشري، حيث تم تخصيص 45% من استثمارات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل للتنمية البشرية، و35% للبنية التحتية والتنمية الصناعية، وحوالي 19% للتنمية المحلية بالمحافظات.
وأشارت إلى أن الحكومة تتبع نهجًا مستمرًا للإصلاحات الهيكلية للحفاظ على الاستقرار، وبناء اقتصاد أكثر تنوعًا وتنافسية وجاذبية للاستثمار، من خلال تحقيق ثلاث ركائز أساسية: أولاً، تعزيز مرونة واستقرار الاقتصاد الكلي، حيث تم تنفيذ العديد من الإصلاحات، منها تبسيط الإجراءات الضريبية للشركات وإصدار حوافز ضريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل قانون المالية العامة الموحد لوضع سقف سنوي لديون الحكومة العامة، وإعداد وثيقة إرشادية للوزارات لتحديد معايير تقييم مشروعات الاستثمارات العامة.
ثانيًا، تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتحسين بيئة الأعمال؛ حيث نفذت الحكومة العديد من الإصلاحات، منها إلغاء الإعفاءات الضريبية والرسوم لهيئات الدولة، وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون المنافسة، وإصدار قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة أو المساهمة بها، وإصدار جهاز حماية المنافسة لمنع الممارسات الاحتكارية لثلاثة مبادئ توجيهية حول الحياد التنافسي، وميكنة نظام تراخيص الاستثمار لتحسين بيئة الأعمال، وإنشاء الجهاز المصري للملكية الفكرية.
وثالثًا، دعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر؛ حيث تم تنفيذ عدد من الإجراءات، منها إصدار قرار بشأن نظام الرصد والإبلاغ والتحقق الوطني (MRV) الذي يسمح بوجود قاعدة بيانات حول انبعاثات الغازات الضارة، واعتماد الاستراتيجية المعدلة للطاقة المستدامة، وإصدار اللوائح المتعلقة بإصدار شهادات منشأ الطاقة، واتخاذ إجراءات لتعزيز مساهمة القطاع الخاص في إنتاج وبيع الطاقة المتجددة.
وأضافت أنه إدراكًا من الدولة لأهمية تمكين القطاع الخاص وتحفيزه على ضخ الاستثمارات المحلية والأجنبية، تسعى الحكومة لتعزيز المناخ الاستثماري من خلال تنفيذ سياسات واضحة وشفافة، وتذليل التحديات أمام المستثمرين، وتبني السياسات الجاذبة للاستثمارات مع تحسين الإجراءات وخفض الأعباء على المستثمرين.
التمويلات التنموية للقطاع الخاص
وفيما يتعلق بالتمويل التنموي ودعم ريادة الأعمال، قالت المشاط إن التمويلات التنموية الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين خلال الفترة من 2020 إلى 2024، تجاوزت 14.5 مليار دولار، حيث شهد العام الماضي تسجيل أعلى معدل في 5 سنوات، حيث بلغت التمويلات الميسرة للقطاع الخاص 4.2 مليار دولار، متجاوزة لأول مرة التمويلات الميسرة التي حصلت عليها الحكومة. أيضًا، تتجه التمويلات التنموية الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من ضمن «برنامج نوفّي» إلى تنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات، مما يشير إلى الخطوات التي تتخذها الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة.
وفي هذا السياق، أشارت الوزيرة إلى الجهود المبذولة مع البنك الأفريقي للتنمية لإطلاق مبادرة لتعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب لتكرار نموذج المنصة الوطنية لبرنامج نُوفّي.
وأوضحت أن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا لريادة الأعمال، باعتبارها المحرك الأساسي للاقتصاد الجديد، لذلك تم تشكيل المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، التي أتشرف برئاستها، للعمل بتناغم مع مختلف أطراف منظومة الابتكار وريادة الأعمال، لإقرار عدد من الحوافز والمبادرات التي من شأنها فتح آفاق جديدة لزيادة الاستثمار في هذا المجال. وتعمل المجموعة الوزارية على الانتهاء من «ميثاق الشركات الناشئة» ليكون خارطة طريق واضحة لسياسات تعزز بيئة ريادة الأعمال، من خلال تحديد حوافز محددة، وأطر قانونية، وإجراءات مبسطة للشركات الناشئة، فضلًا عن إعداد مقترح لمبادرة تمويلية موحدة لدعم الشركات الناشئة، وتبني التعريف الموحد للشركات الناشئة وتيسيرات على مستوى الحوافز المالية والتسجيل والتراخيص التي يُجري دراستها حاليًا.
قد يهمك أيضاً :-
- اتفاقية تعاون بين الاتحاد العمالي والمجلس القومي لحقوق الإنسان لتطوير حقوق العمال في مصر
- من هو المتصدر على منصة شاهد؟ مفاجأة للنجم باسل خياط
- هل أنت رجل حقيقي؟ .. كيفية تحميل لعبة "زلمة" التي تروج لقيم الزلومية مجانًا - أطرف لعبة عربية!
- الخطيب يطلع كولر على قرار هام بخصوص مستقبله مع الأهلي قبل مواجهة صن داونز
- مصانع كيما تركز على إنتاج الأسمدة الخضراء وتخطط لتحقيق إيرادات تصل إلى 9.5 مليار جنيه في العام المقبل.
تعليقات