وزيرة التخطيط: الحكومة قامت بخطوات هامة في تنفيذ برنامج الإصلاح المالي.

وزيرة التخطيط: الحكومة قامت بخطوات هامة في تنفيذ برنامج الإصلاح المالي.

شاركت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في إحدى الفعاليات الاقتصادية التي تنظم برعاية وزارتَي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والاستثمار والتجارة الخارجية، والرياضة، بحضور الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، واللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، ورجل الأعمال ووزير النقل الأسبق محمد منصور، بالإضافة إلى عدد من ممثلي شركات القطاع الخاص.

وخلال كلمتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن العالم يشهد تحديات متزايدة منذ عام 2020، حيث تزداد الأزمات تفاقما عامًا بعد عام نتيجة التوترات الجيوسياسية والصدمات الاقتصادية المتكررة.

السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية

وأشارت إلى أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تواصل جهودها لوضع السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، مما يمكّن الدولة من التحول إلى نموذج تنموي يعتمد على القطاعات القابلة للتبادل التجاري، مدفوعًا بزيادة الإنتاجية والصادرات ذات القيمة المضافة. يتم ذلك من خلال التركيز على القطاعات ذات الأولوية، مثل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز التنمية الصناعية، وتوطين الصناعة، وتطوير البنية التحتية، وخلق فرص العمل، ودعم ريادة الأعمال والابتكار، والتوسع في المشروعات الخضراء، وتحسين بيئة الأعمال لتفعيل دور القطاع الخاص أكبر في التنمية.

وأوضحت أن تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى توفير التمويل اللازم، لذا فإن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعمل على تعزيز التمويل من أجل التنمية عن طريق حشد الموارد المحلية وتحفيز أدوات التمويل المبتكر والمختلط. وفي هذا الإطار، أطلقت الوزارة “الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لتمويل التنمية”، وهي أول استراتيجية وطنية من نوعها، تقدم إطارًا شاملًا لحشد التمويل المحلي والدولي بما يدعم الاستدامة، ويحدد الفجوات التمويلية في القطاعات ذات الأولوية، ويضع خارطة طريق لتمويل تنموي مبتكر ومستدام يركز على زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتفعيل الشراكات مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى آليات الحوكمة والمتابعة والتقييم.

كما شددت على أن استقرار الاقتصاد الكلي شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، وأن الإصلاحات الهيكلية ضرورية للحفاظ على هذا الاستقرار وتعزيزه. منذ مارس 2024، اتخذت الحكومة خطوات جادة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، وضبط السياسات المالية والنقدية، وإطلاق حوافز مهمة لتوسيع دور القطاع الخاص من خلال مجموعة متكاملة من السياسات والإجراءات التي تساهم في خلق مناخ استثماري أكثر تنافسية وتفتح آفاقًا أوسع للاستثمار المحلي والأجنبي.

وأكدت أن الاقتصاد المصري يتمتع بالعديد من المزايا التنافسية التي تتيح له أن يكون من بين أكثر الاقتصادات تنوعًا في المنطقة، وهو ما يعكس التطور الكبير في البنية التحتية خلال العقد الماضي، مما يعزز قدرة الاقتصاد المصري على التوسع الصناعي، ويرسخ مكانته كمركز إقليمي للطاقة والاقتصاد الأخضر. وقد اعتمدت مصر في هذا السياق عددًا من السياسات، من بينها تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وإطلاق أول سوق طوعي لتداول ائتمان الكربون للقطاع الخاص، بالإضافة إلى التوسع في أدوات التمويل الأخضر مثل مبادلة الديون والسندات الخضراء والتمويلات التنموية. مصر تتمتع بموقع جغرافي متميز ووفرة في الموارد الطبيعية، إلى جانب قاعدة بشرية شابة مفعمة بروح الابتكار وريادة الأعمال.

تطور الناتج المحلي الإجمالي

أكدت “المشاط” أن من أبرز محاور الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة هو ضبط الاستثمارات العامة من خلال تحديد سقف سنوي بقيمة تريليون جنيه، مما يساعد في كبح التضخم ويوسع من مجال القطاع الخاص للقيام بدور أكبر في جهود التنمية. وقد انعكست هذه السياسات على أداء الاقتصاد، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 4.3% خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ أكثر من عامين، مقارنة بـ2.3% في نفس الربع من العام الماضي و3.7% في الربع الأول من هذا العام. ومن أهم ما يميز هذا النمو أنه مدفوع بقطاعات إنتاجية قابلة للتبادل التجاري، حيث حققت الصناعات التحويلية غير البترولية نموًا ملحوظًا بنسبة 17.7%، في حين شهدت الفترة المناظرة من العام الماضي انكماشًا بنسبة 11.56%. كما سجل قطاع السياحة نموًا بنسبة 18% وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 10.4%، مما يعكس التوجه نحو التحول الهيكلي في الاقتصاد المصري.

وأضافت أنه إلى جانب مؤشرات الناتج المحلي، استمرت استثمارات القطاع الخاص في النمو الإيجابي خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري، حيث سجلت نموًا بنسبة 35.4% على أساس ربع سنوي، بينما انخفضت الاستثمارات العامة بنسبة 25.7% خلال نفس الفترة، وذلك بدعم من جهود الحوكمة الدقيقة للاستثمارات العامة وتخصيصها للقطاعات ذات الأولوية. وقد ساهم ذلك في استحواذ الاستثمارات الخاصة على أكثر من 50% من إجمالي الاستثمارات، مقارنة بأقل من 40% للاستثمارات العامة. كما تعتزم الحكومة العمل على تعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي من خلال استمرار ضبط المالية العامة وترشيد الإنفاق على مشروعات البنية التحتية وزيادة الإيرادات المحلية عبر تعظيم الاستفادة من الأصول الحكومية.

التركيز على التنمية البشرية

وأشارت إلى أنه يتم إعادة توجيه الاستثمارات العامة نحو رأس المال البشري، حيث تم تخصيص 45% من استثمارات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي المقبل للتنمية البشرية، و35% للبنية التحتية والتنمية الصناعية، وحوالي 19% للتنمية المحلية في المحافظات.

كما ذكرت أنه للحفاظ على هذا الاستقرار، تتبع الحكومة نهجًا مستمرًا للإصلاحات الهيكلية لبناء اقتصاد أكثر تنوعًا وتنافسية وجاذبية للاستثمار، بتحقيق ثلاث ركائز أساسية: أولاً: تعزيز مرونة واستقرار الاقتصاد الكلي، حيث تم تنفيذ عدد من الإصلاحات تتضمن تبسيط الإجراءات الضريبية للشركات، وإصدار حوافز ضريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتفعيل قانون المالية العامة الموحد لتحديد سقف سنوي لديون الحكومة العامة، وإعداد وثيقة إرشادية للوزارات لتحديد معايير تقييم مشروعات الاستثمارات العامة.

والثاني: تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وتحسين بيئة الأعمال، حيث نفذت الحكومة العديد من الإصلاحات، بما في ذلك إلغاء الإعفاءات الضريبية والرسوم لهيئات الدولة، وإصدار اللائحة التنفيذية لقانون المنافسة، وقانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم بها، بالإضافة إلى ثلاثة مبادئ توجيهية من جهاز حماية المنافسة لمنع الممارسات الاحتكارية، وميكنة نظام تراخيص الاستثمار لتحسين بيئة الأعمال، وإنشاء الجهاز المصري للملكية الفكرية.

والثالث: دعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر، حيث تم تنفيذ عدد من الإجراءات، من بينها إصدار قرار بشأن نظام الرصد والإبلاغ والتحقق الوطني MRV، مما يسمح بوجود قاعدة بيانات حول انبعاثات الغازات الضارة، واعتماد الاستراتيجية المعدلة للطاقة المستدامة، وإصدار اللوائح الخاصة بإصدار شهادات منشأ الطاقة، واتخاذ الإجراءات التي تعزز مساهمة القطاع الخاص في إنتاج وبيع الطاقة المتجددة.

كما أوضحت أنه إدراكًا من الدولة لأهمية تمكين القطاع الخاص وتحفيزه على ضخ الاستثمارات المحلية والأجنبية، تعمل الحكومة على البناء على إنجازاتها السابقة من أجل خلق مناخ استثماري أكثر تنافسية، وضمان تنفيذ سياسات واضحة وشفافة، وتذليل التحديات أمام المستثمرين، وتبني السياسات الجاذبة للاستثمارات، مع الاستمرار في تبسيط الإجراءات وخفض الأعباء على المستثمرين.

التمويلات التنموية للقطاع الخاص

وبخصوص التمويل التنموي ودعم ريادة الأعمال، ذكرت “المشاط” أنه خلال الفترة من 2020 إلى 2024، سجلت التمويلات التنموية الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين أكثر من 14.5 مليار دولار. كما شهد العام الماضي أعلى معدل في 5 سنوات، حيث بلغت التمويلات الميسرة للقطاع الخاص 4.2 مليار دولار، لتتجاوز لأول مرة التمويلات الميسرة التي حصلت عليها الحكومة. هذا بالإضافة إلى التمويلات التنموية الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية ضمن “برنامج نوفي”، والتي سيتم توجيهها لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات، مما يعكس الجهود التي تقوم بها الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة.

وفي هذا السياق أضافت أنها تعمل مع البنك الأفريقي للتنمية لإطلاق مبادرة تهدف إلى تعزيز التعاون بين دول الجنوب لتكرار نموذج المنصة الوطنية لبرنامج نُوفّي.

ريادة الأعمال والابتكار

وأشارت إلى أن الحكومة تعطي أهمية خاصة لريادة الأعمال، باعتبارها محركًا أساسيًا للاقتصاد الجديد. لذلك، تم تشكيل المجموعة الوزارية لريادة الأعمال – التي أتشرف برئاستها – للعمل بشكل متكامل مع مختلف الأطراف في منظومة الابتكار وريادة الأعمال، لإقرار عدد من الحوافز والمبادرات التي من شأنها فتح آفاق جديدة لزيادة الاستثمار في هذا المجال. كما أن المجموعة الوزارية لريادة الأعمال ستعمل خلال الفترة المقبلة على الانتهاء من “ميثاق الشركات الناشئة” ليكون بمثابة خارطة طريق واضحة لسياسات تعزز من بيئة ريادة الأعمال، عبر تحديد حوافز واضحة، وأطر قانونية، وإجراءات مبسطة للشركات الناشئة. فضلًا عن وضع مقترح لمبادرة تمويلية موحدة لدعم الشركات الناشئة، وإقرار التعريف الموحد لهذه الشركات، وتيسيرات تتعلق بالحوافز المالية والتسجيل والتراخيص التي يجري دراستها حاليًا.

قد يهمك أيضاً :-