«المركز المصري للدراسات الاقتصادية»: التصدي لتحديات «تسونامي ترامب» يحتاج إلى إصلاحات مؤسسية شاملة وعاجلة لتعزيز التنافسية والتصدير.

أفاد المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن الاستفادة المحتملة للاقتصاد المصري من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتطلب إجراءات حكومية سريعة وفعالة لتحسين بيئة الاستثمار وخفض تكاليف الإنتاج وتسريع رد الأعباء التصديرية. وأوضح أن الدول المتضررة من هذه الرسوم ستخوض صراعات داخل بلدانها لخفض تكلفة الإنتاج إلى أقصى حد للحفاظ على وجودها في السوق الأمريكية، مما يجعل المنافسة أكثر حدة وصعوبة على اللاعبين الصغار في السوق.
هذا وقد جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية بعنوان: «التأثير المتوقع على مصر من الجمارك الجديدة التي فرضها ترامب»، حيث شهدت الندوة حضورًا ملحوظًا من الخبراء وأعضاء مجتمع الأعمال، أبرزهم: هشام رجب، عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي سابقًا ومستشار وزير التجارة والصناعة الأسبق، وعمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، والمهندس صلاح دياب، رئيس مجلس إدارة شركة بيكو، ود. سمير رضوان، وزير المالية الأسبق، وطارق توفيق، نائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية ورئيس غرفة التجارة الأمريكية، ومحمد قاسم، رئيس جمعية المصدرين المصريين Expolink، وعضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، بالإضافة إلى ممثلين عن الحكومة وعدد من الوزراء السابقين، وممثلي سفارات بعض الدول الأوروبية والإفريقية.
وقدمت الدكتورة عبلة عبداللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، عرضًا حول الملف التجاري بين الولايات المتحدة ومصر، وطبيعة الرسوم الجمركية المعلنة حتى الآن، وتأثير هذه الرسوم على المستويين العالمي والمحلي. وأوضحت أن مصر ترتبط بالولايات المتحدة باتفاقيتين، TIFA وQIZ، حيث تتمثل الصادرات المصرية غير النفطية للولايات المتحدة في 70 منتجًا، تتصدرها الملابس الجاهزة التي شكلت 45.6٪ من صادرات مصر للولايات المتحدة في عام 2024 (بقيمة 1.24 مليار دولار)، مما يجعلها القطاع الأكثر أهمية في هذه العلاقة التجارية، بالإضافة إلى صادرات أخرى مثل الأسمدة والحديد والخضروات والفواكه المعلبة والسجاد والفواكه والمكسرات ومواد البناء.
أما حول التأثير العالمي المتوقع لهذه الرسوم، فقد أشارت «عبداللطيف» إلى الأضرار المحتملة للاقتصاد العالمي ككل، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، حيث تؤدي هذه القرارات إلى تزايد الحمائية العالمية وخلل في سلاسل القيمة المضافة والتوريد، بالإضافة إلى تشتيت الانتباه عن قضايا عالمية ملحة أخرى، مثل قضايا التغير المناخي والحروب. ونوهت إلى التأثيرات المتعلقة بالتضخم والركود وانخفاض مستويات النمو، مشيرة إلى أن تأثير الصين قد يكون محدودًا نسبيًا نظرًا لأن حصة صادراتها لأمريكا أقل من 14٪ من إجمالي صادراتها الخارجية، بينما تتزايد الآثار السلبية على الاقتصادات المرتبطة بشكل وثيق والمعتمدة بشدة على السوق الأمريكية مثل المكسيك وكندا.
وفيما يخص التأثير المتوقع على مصر، ذكرت «عبداللطيف» أن مصر ستتأثر مثل الدول الأخرى المصدّرة لأمريكا، على الرغم من أن نسبة الرسوم المفروضة عليها منخفضة مقارنة بأسواق دول أخرى. ولفتت إلى أن مصر تعد لاعبًا صغيرًا للغاية في التجارة العالمية حيث لا تتجاوز حصتها 0.26٪. ورغم التمتع بجمارك صفرية على الصادرات، كشفت الدراسات عن فرص كبيرة غير مستغلة نظرًا للإمكانات التصديرية، خاصة في قطاعات مثل الأسمدة والآلات والفواكه والبلاستيك، حيث تظل الصادرات الفعلية ضئيلة مقارنة بالإمكانات. فعلى سبيل المثال، في قطاع الأسمدة، لا تتجاوز صادراتنا 69 مليون دولار في حين أن لدينا إمكانية لمضاعفتها إلى 295 مليون دولار، مما يعني أننا أهدرنا فرصًا تصل إلى 81٪. كما الحال في قطاع الآلات الذي يبلغ فيه الهدر نحو 98٪، باستثناء قطاع الملابس الجاهزة، الذي يستفيد بشكل كبير من الإمكانيات التصديرية للولايات المتحدة (99٪ محقق)، لكن حصة مصر في سوق الملابس الأمريكية تظل صغيرة جدًا حتى عند انخفاض التعريفات إلى الصفر، مما يدل على مشكلات في التنافسية تتجاوز مسألة الرسوم الجمركية.
وأشارت إلى أن المنافسين الرئيسيين (الصين، فيتنام، بنجلاديش، كمبوديا) يمتلكون حصص سوقية أكبر بكثير في الولايات المتحدة رغم مواجهتهم لتعريفات حالية، وهو الأمر الذي يعود غالبًا إلى انخفاض تكاليفهم وحوافزهم المحلية.
وأكدت «عبداللطيف» على أن الحصة الضئيلة لمصر في السوق الأمريكية حتى مع التعريفات الصفرية السابقة تشير إلى أن التحدي الأكبر هو التنافسية الداخلية وليس فقط التعريفات الخارجية. وأوضحت أن الزيادة في الرسوم الجمركية على الدول المنافسة قد تتيح فرصًا لمصر، لكن الاستفادة من هذه الفرص تتطلب استعدادًا محليًا لتحسين شروط الاستثمار واللوجستيات لاستغلال رغبة الدول المتضررة في نقل استثماراتها إلى مصر والتصدير إلى الولايات المتحدة. وهناك حاجة ملحة للتحرك بسرعة فائقة لتنفيذ إصلاحات داخلية عميقة وشاملة لتعزيز الصادرات.
كما أشارت «عبداللطيف» إلى نتائج دراسة أجراها المركز باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي أظهرت إمكانية زيادة صادرات الملابس الجاهزة بشكل كبير، وهو ما يمكن تطبيقه على جميع القطاعات إذا تم إجراء بعض الإصلاحات. حيث أظهرت الدراسة أن رفع كفاءة الموانئ وتقليل وقت الإفراج عن الواردات سيؤدي إلى زيادة صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 25.9٪. كما أن تبسيط الإجراءات يؤدي إلى تقليل وقت الإفراج الإجمالي بنسبة 62.8٪ ويعزز الصادرات بنسبة 21٪. فضلاً عن أن إصلاح منظومة دعم الصادرات يمكن أن يرفع الصادرات بنسبة تتراوح بين 3-6٪، وهو ما يتطلب ميكنة عمليات الصرف بحيث تتم خلال 15 يومًا، والتخلص من تأخير صرف المستحقات. وقد دعت الدراسة أيضًا إلى خفض تكاليف التخليص الجمركي وزيادة الشفافية، وتفعيل الدفع الإلكتروني، ومعالجة الرسوم غير الرسمية، وتوحيد التقييم الجمركي، وتحسين مناخ الاستثمار بشكل عام.
واختتمت «عبداللطيف» بالقول إن الوضع الحالي يشير إلى 5 سيناريوهات محتملة، وهي: (تطبيق فوري للتعريفات الأمريكية بدون رد، تطبيق مع ردود فعل، تأخير في تطبيق التعريفات، تراجع أمريكي، حرب تجارية شاملة). وشددت على أنه أيًا كان السيناريو المتوقع حدوثه، فإن تنفيذ إصلاح مؤسسي عميق وشامل وسريع هو السبيل الوحيد لمصر لتعزيز قدرتها التنافسية ومواجهة أي تحديات تجارية مستقبلية بفاعلية، مؤكدة أنه «لا يوجد وقت لنضيعه».
قد يهمك أيضاً :-
- الكاف يتخذ خطوة غير متوقعة قبل مواجهة الأهلي وصن داونز.. التفاصيل كاملة
- خمسة منتجات تحتل المركز الأول في قائمة أهم السلع المصرية المصدرة إلى الكويت لعام 2024.. إنفوغرافيك
- رسميًا.. توقيت صرف رواتب شهر أبريل 2025
- سعر الذهب اليوم الجمعة بعد قرار البنك المركزي: ما هو سعر سبيكة الخمسة جرامات؟
- خالد سرحان يستقبل سلاف فواخرجي: «الفن له مكانه في مصر.. ولا مكان للتطرف»
تعليقات