
بينما تواجه فرنسا أزمات سياسية وتباطؤًا في النمو الاقتصادي وارتفاعًا في الدين العام، قررت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني الإبقاء على تصنيفها للبلاد عند درجة “Aa3” مع نظرة مستقبلية مستقرة، مما ساهم في تجنب باريس أي ضغط مالي إضافي في وقت حساس.
القرار الذي وُصف إلى حد كبير بأنه “تهدئة مؤقتة” قوبل بارتياح في الأوساط الحكومية الفرنسية، لكنه لم يُخفي المخاوف العميقة بين عدد من الاقتصاديين الفرنسيين الذين يرون أن هذا الاستقرار مُخفي وراءه تحذيرًا واضحًا: استمرار الشكوك حول قدرة الحكومة على تقليص العجز المالي وضبط الإنفاق وسط بيئة سياسية مشحونة واقتصاد عالمي غير ثابت.
الحكومة تتنفس الصعداء
بينما تنفست الحكومة الصعداء بعد قرار موديز، فإن المخاوف بشأن مستقبل المالية العامة الفرنسية لا تزال قائمة. التثبيت المؤقت للتصنيف يمنح باريس فرصة محدودة لإعادة التوازن إلى ميزانيتها في ظل تدهور الأوضاع الدولية وتباطؤ النمو المحلي. وفي نظر خبراء الاقتصاد، الرسالة واضحة: الثقة مشروطة، والفشل في التنفيذ سيكون له عواقب باهظة.
قررت وكالة موديز عدم تحديث تصنيف الدين السيادي الفرنسي يوم الجمعة، مع تثبيت الدرجة عند “Aa3” ونظرة مستقبلية مستقرة، وذلك بعد أربعة أشهر من تخفيض التصنيف درجة واحدة.
وحتى مع احتفاظ فرنسا بتصنيفها، نبهت الوكالة إلى حالة “ارتفاع عدم اليقين” المرتبطة بالركود الاقتصادي النسبي والوضع السياسي غير المستقر، مما يجعل الهدف المُعلن بخفض العجز إلى 3% بحلول عام 2029 هدفًا محفوفًا بالمخاطر، وفقًا لصحيفة “لوباريزيان” الفرنسية.
على الرغم من الخطط الحكومية لتقليص العجز، حذرت موديز من أن “الضبابية حول التوجه السياسي المتوسط الأمد للحكومة، وخصوصًا في ما يتعلق بكيفية تقليص العجز الكبير الذي ستواجهه فرنسا في عام 2026 وما بعده، لا تزال مرتفعة”.
بينما قررت الوكالة عدم إجراء خفض إضافي، إلا أن تحذيراتها تحمل رسالة واضحة: الوضع المالي الفرنسي هش، والاستقرار الحالي قد لا يدوم طويلًا.
جهد تقشفي
أشارت الوكالة إلى أن الحكومة الفرنسية، برئاسة إليزابيث بورن، تمكنت من تمرير ميزانية 2025 بشق الأنفس، بعد تخصيص 50 مليار يورو كجهد تقشفي، بالإضافة إلى 5 مليارات من الاحتياطات المالية اللاحقة. ومع ذلك، فقد تم خفض معدل النمو المتوقع لعام 2025 إلى 0.7%، مما يهدد خطط خفض العجز إلى 5.4% هذا العام، ثم إلى ما دون 3% بحلول عام 2029.
في ظل الحرب التجارية التي أعاد إشعالها دونالد ترامب، والارتفاع العالمي في أسعار الفائدة، تواجه فرنسا تكاليف خدمة ديون ضخمة تُقدَّر بـ58 مليار يورو لعام 2024، مما يزيد الضغط على ميزانيتها.
رغم أن القرار لم يشكل مفاجأة للأسواق، إلا أن المحللين يرون فيه “ضوءًا أصفر” أكثر منه “ضوءًا أخضر”.
من جانبه، أشار إيريك دور، مدير الدراسات الاقتصادية في معهد IESEG، إلى أن القرار لم يكن مفاجئًا، لكنه لا يعني أن فرنسا في مأمن.
كما اعتبر دور أن “موديز ما زالت ترى أن فرنسا تملك عددًا من نقاط القوة الأساسية، مثل حجم اقتصادها الكبير والمتنوع، وارتفاع سيولة الديون السيادية، إلى جانب كفاءة الإدارة العامة، مما يمنحها هامشًا من المرونة”.
تابع دور قائلاً: “لكن هذا لا يُخفي التحديات الهيكلية الحقيقية التي تواجه البلاد. العجز لا يزال مرتفعًا بشكل غير عادي، وإذا لم يحدث انتعاش قوي، قد يكون الخفض القادم أقرب مما نتخيل”.
اعتبر دور أن “المخاطر الحقيقية تكمن في الجمود السياسي، وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية للسنوات القادمة، خاصة بعد عام 2026. أي صدمة خارجية إضافية – سواء كانت تجارية أو جيوسياسية – قد تدفع بموديز إلى إعادة النظر في التصنيف بسرعة”.
حالة تثبيت رمزية
بدوره، قال جوليان لوكومبري، الخبير الاقتصادي في “كريدي موتويل أركيا”، للموقع: “نحن أمام حالة تثبيت رمزية أكثر من كونها منحًا حقيقيًا بالثقة. موديز أرادت أن تمنح باريس مهلة، بشرط واضح: ضرورة التحرك الجاد لضبط العجز”.
أضاف لوكومبري أن “الحكومة نجت من التصويت بسحب الثقة، ومررت الميزانية، لكنها فعلت ذلك بثمن سياسي واقتصادي كبير. التخفيض في توقعات النمو، والاعتماد المتزايد على الإجراءات التقشفية دون زيادات ضريبية كبيرة، يشير إلى هشاشة في الهيكل المالي.
كما يرى أن الخطر لا يكمن فقط في الأسواق، بل في فقدان ثقة المستثمرين المؤسسيين إذا لم تُتخذ خطوات واضحة نحو خفض العجز تدريجيًا”.
قد يهمك أيضاً :-
- تحديث سعر عملة Pi Network مقابل الدولار ليوم الإثنين 14 أبريل 2025
- إطلاق تطبيق «اصنع مع أدنوك»: منصة استراتيجية تعزز من مكانة الإمارات على الساحة العالمية
- سعر عملة Pi Network مقابل الدولار اليوم الأحد 13 أبريل 2025.. زيادة تفوق 10%
- أسعار العملات الرقمية مقابل الدولار اليوم الأحد 13 أبريل 2025
- "العين الإخبارية" تستكشف إمكانية إنتاج "آيفون" في الولايات المتحدة.. والأسعار مفاجئة!
تعليقات