
يعتقد الاقتصاديون الفرنسيون أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بإعادة تفعيل المادة 232 من قانون التوسع التجاري الأمريكي لعام 1962 ليس مجرد خطوة جمركية، ولكنه محاولة جادة لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي من خلال مفهوم الأمن القومي.
من جهته، يرى الباحث جان-ميشيل نودان، الخبير في الشؤون الاقتصادية الدولية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن “ترامب لا يستخدم الرسوم الجمركية فقط لأغراض اقتصادية، بل يعتبرها أداة ضغط جيوسياسية، تمكنه من استعادة السيطرة على جوانب الاقتصاد الاستراتيجي الأمريكي تحت ذرائع أمنية”.
وأشار إلى أن “العودة إلى المادة 232 تمثل وسيلة لفرض إرادته دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس، مما يؤدي إلى تغيير جذري في مفهوم السيادة الاقتصادية داخل الولايات المتحدة”.
بينما تعتبر كلير دولابورتري، الباحثة في مركز دراسات المستقبل الاقتصادي في باريس، في تصريحاتها لـ”العين الإخبارية” أن “ترامب يلعب ورقة القوة في زمن تزايد التوترات الجيوسياسية بشأن المواد الخام النادرة، مشيرة إلى أن المادة 232 تتيح له أن يظهر كمدافع عن المصالح القومية، غير أنها تعرض النظام التجاري الدولي إلى أزمة طويلة الأمد”.
كما رأت أنه لزيادة الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المستوردة دون الحاجة لموافقة الكونغرس، لجأ ترامب إلى المادة 232، موضحة أنها خطوة طارئة قد تمنحه صلاحيات استثنائية كانت تتمتع بها السلطة التشريعية.
وأشارت دولابورتري إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يعتمد فيها ترامب على نص قانوني يُعتبر الوحيد تقريبًا الذي يستفيد منه.
وفي يوم الثلاثاء، أعلن البيت الأبيض أن ترامب يستند إلى “المادة 232” بشأن واردات المعادن الاستراتيجية ومنتجاتها المشتقة. وقد فعل الشيء نفسه في اليوم السابق مستهدفًا المنتجات الصيدلانية وأشباه الموصلات.
تنص هذه الفقرة من قانون التوسع التجاري لعام 1962 على أن للرئيس الأمريكي صلاحية فرض رسوم جمركية على منتج مستورد دون الرجوع إلى الكونغرس، إذا خلصت وزارة التجارة، بعد تحقيق، إلى أن تلك الواردات تتم “بكميات أو في ظروف تهدد أو تضر بالأمن القومي للولايات المتحدة”.
يعتمد هذا الإجراء على قانون 1962، الذي لم يكن يُستخدم تقريبًا حتى جاء ترامب، والذي لجأ إليه خلال ولايته الأولى لتبرير فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألمنيوم. وقد عاد مؤخرًا لاستخدامه في منتصف مارس لفرض رسوم بنسبة 25% على الفولاذ والألمنيوم وقطاع السيارات.
جعل دونالد ترامب من الرسوم الجمركية محور سياسته الاقتصادية، مستخدمًا إياها كأداة دبلوماسية للحصول على تنازلات من الدول الأخرى.
كان ترامب قد أطلق تحقيقًا حول “تأثير واردات المعادن الحيوية على الأمن القومي”، بما في ذلك “المنتجات المشتقة” منها، مثل الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية.
ويمثل هذا التحقيق خطوة أولى يمكن أن تمهد الطريق أمام ترامب لإصدار مرسوم رئاسي بفرض رسوم جمركية جديدة على هذه المنتجات، في حال ثبت أن حجم الواردات يشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.
المعادن المستهدفة
تشمل الواردات التي تخضع للتحقيق المعادن المصنفة على أنها “حيوية”، مثل الكوبالت، الليثيوم، النيكل، والعناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى المنتجات التي تُستخدم في عمليات التصنيع، كالبطاريات، الهواتف، السيارات الكهربائية، ومولدات طاقة الرياح.
ووفقًا لمرسوم نُشر يوم الثلاثاء من البيت الأبيض، فإن الصناعة الأمريكية “تعتمد بشكل كبير على مصادر أجنبية”، وهي “عرضة لاضطرابات خطيرة ودائمة” في سلاسل التوريد الخاصة بالمعادن.
قد يهمك أيضاً :-
- الضرائب تواجه صعوبات أمام هيمنة الشركات الكبرى وأثرياء الولايات المتحدة في فترة ترامب.
- الولايات المتحدة تطلق استراتيجية طموحة لتطوير استكشاف النفط والغاز في أعماق المحيط.
- ترامب يتلاعب في صراع أسعار الفائدة.. تحذير بإقالة جيروم باول
- قاضية أمريكية تفرض قيوداً على هيئة الكفاءة التابعة لماسك وتوجه لها ضربة قوية
- المطاعم الصينية في الولايات المتحدة: زيادة تكاليف الوجبات بسبب رسوم ترامب
تعليقات