
أثارت تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، حول سفر الأطباء للعمل في الخارج، جدلاً واسعًا بين الأطباء بمختلف تخصصاتهم، خصوصًا بعد اقتراحه زيادة عدد الخريجين على مدار السنوات الست المقبلة إلى 29 ألف طبيب يتخرجون من كليات الطب.
وأضاف مدبولي خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد على هامش اجتماع الحكومة الأسبوعي، ردًا على المشككين في جودة التعليم المصري: «إذا كانت جودة التعليم قليلة، فهل سيكون هناك هذا الطلب الكبير على الأطباء المصريين؟»، موضحًا أنه في السابق كان عدد الخريجين لا يتجاوز تسعة آلاف طبيب. وكانت الرؤية تشير إلى وجود طلب كبير على الأطباء، وبعرض الأمر على الرئيس عبدالفتاح السيسي، جاء التوجيه بزيادة هذه الأعداد من خلال إنشاء الجامعات الجديدة وكليات الطب، خاصةً في الجامعات الأهلية والحكومية والخاصة.
وتابع: «اليوم أصبح الرقم 15 ألف طبيب، وبعد ثلاث سنوات سيصل إلى 21 ألفًا»، مشيرًا إلى أن السنة الدراسية الأولى بكليات الطب هذا العام استقبلت 29 ألف طالب، مما يعني أنه بعد تسع سنوات سيكون لدينا 29 ألف طبيب يتخرجون سنويًا، وإذا هاجر منهم أو ذهب للعمل 7 أو 8 آلاف لن تكون هناك مشكلة.
وأضاف: «أعتبر سفر الأطباء أمرًا جيدًا كجزء من قوة مصر الناعمة، حيث يخرج الطبيب ليكتسب خبرات ويحقق عائدًا ماديًا واقتصاديًا، والذي يتم تحويله أيضًا إلى الدولة المصرية»، مشيدًا بتحسن تحويلات المصريين في الخارج التي تحقق قفزات غير مسبوقة.
وأكد أن جزءًا من سياسة الدولة هو تشجيع أبنائنا لإيجاد فرص عمل في أي مكان، لذا ليس من العيب أن يحدث هجرة لعدد من الأطباء والمهندسين وكافة الكوادر الفنية الأخرى، للبحث عن عمل بالخارج ليكونوا أحد مصادر العملة الصعبة.
وأوضح أن مشكلة السفر تكمن في حال وجود نقص في الأعداد، فإذا كان العدد 15 ألفًا وبعد ست سنوات 29 ألفًا، وإذا هاجر 10 آلاف، وهو رقم كبير، لن تكون لدينا مشكلة في هذا الأمر. وأكد أن مهنة الطب من أسمى المهن، وجميع المهن لها خصوصيتها، حيث أن الطبيب يحافظ على أرواح المواطنين مؤكدًا حرص الدولة على تطوير المنشآت الطبية، مشيرًا إلى ما شهدته أسيوط من تطوير ينافس ما تم في القطاع الخاص من معدات وأجهزة، مما يحسن من ظروف إقامة الطبيب. فيما يخص رواتبه، فالقطاع الخاص مفتوح على مصراعيه، ويوظف الغالبية العظمى من الأطباء، مؤكدًا أن المنظومة تتحرك وتتحسن، وأن مرتبات الأطباء والمعلمين لها تأثير كبير فهي التي تخرج الأجيال، والطبيب هو من يحافظ على أرواحهم، لذا فإن هاتين الفئتين تحت عنايتنا.
وذكر أنه فيما يتعلق بمعاملة الطبيب السيئة، تم حل هذه الإشكالية من خلال قانون المسؤولية الطبية، وتم استيعاب كل ملاحظات النقابة العامة للأطباء على القانون.
في سياق متصل، قال الدكتور أبوبكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء والأمين العام المساعد لاتحاد المهن الطبية، إن النقابة حذرت على مدار سنوات من أزمة نقص الأطباء، والتي جاءت نتيجة حتمية لتجاهل التحذيرات المتكررة من هجرة الأطباء، مشيرًا إلى أن الحلول الحكومية الأخيرة، وعلى رأسها الاتجاه لزيادة عدد خريجي كليات الطب، ليست الحل الأمثل للمشكلة.
وأوضح القاضي أن عدد الأطباء المقيدين بالنقابة بالنسبة لعدد السكان لا يعكس وجود عجز حقيقي، بل الأزمة تكمن في هجرة الكفاءات إلى الخارج بسبب ضعف الأجور وسوء بيئة العمل وغياب الحوافز. واعتبر أن زيادة أعداد الخريجين لن تسهم في حل الأزمة بل ستشكل عبئًا اقتصاديًا إضافيًا على الدولة التي تنفق مبالغ طائلة على تعليم الأطباء، ثم لا تستفيد منهم.
وأضاف أن الاتجاه لقبول أعداد أكبر من الطلاب قد يؤدي إلى التنازل عن معايير التفوق العلمي، مما ينذر بتراجع مستوى الخريجين، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمة الطبية وسمعة الطبيب المصري المعروفة عالميًا.
ودعا القاضي إلى معالجة الأزمة من جذورها، من خلال زيادة ميزانية وزارة الصحة وتحسين بيئة العمل داخل المستشفيات الحكومية، لتصبح أكثر جذبًا للأطباء، مع تطوير نظام تقديم الخدمة عبر إنشاء أقسام متميزة بمقابل مادي تنافسي يضمن استدامة الموارد دون المساس بخدمات الفئات غير القادرة.
كما شدد على ضرورة تيسير إجراءات ترخيص العيادات الخاصة، وتسهيل العمل بها، مما يقلل الضغط عن المستشفيات الحكومية ويوفر للأطباء بيئة أكثر مرونة، مع ضرورة العمل الجاد على ملف السياحة العلاجية، حيث تمتلك مصر كل المقومات اللازمة لتكون وجهة إقليمية رائدة. بدلًا من تصدير الأطباء للخارج، يمكن أن نستورد المرضى من دول العالم، مما يعود على الدولة بعائد اقتصادي كبير.
وأشار إلى أن إحدى التصورات الجديرة بالدراسة هي الفصل بين العمل الحكومي والخاص، بحيث يكون الطبيب العامل في المستشفيات الحكومية متفرغًا تمامًا ويحصل على راتب عادل يضمن استمراره والتزامه الكامل، مما ينعكس على انتظام الخدمة الطبية في المؤسسات العامة.
وأكد أن مصر تمتلك جميع الحلول والإمكانات، فقط تحتاج إلى رؤية واضحة وإرادة حقيقية في إدارة هذا الملف بما يليق بمكانتها وبكوادرها.
قد يهمك أيضاً :-
- حظر إقامة المقيمين في أبرز أحياء الرياض وجدة والموارد البشرية تصدر بيانًا وتوجيهًا هامًا.
- «احتجازها وضربها على السلم»: بلاغ للنائب العام حول حادثة فيديو «الاعتداء على طفلة» في الإسكندرية
- أسعار الذهب المحلية والعالمية: ماذا عن المعدن الأصفر اليوم السبت 19-4-2025 (تحديث جديد)
- في خطوة غير مفسرة.. هيئة تنشيط السياحة تتراجع عن دعم مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير: شعور بالإحباط
- التحديث الأخير لأسعار الريال السعودي مقابل الدولار اليوم السبت وفقاً للبنك المركزي سما
تعليقات