التقرير الإحصائي للموازنة الجديدة: مؤسسات اقتصادية تسجل خسائر

التقرير الإحصائي للموازنة الجديدة: مؤسسات اقتصادية تسجل خسائر

كشف البيان الإحصائى لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى ٢٠٢٥/٢٠٢٦ عن تكبد بعض الهيئات الاقتصادية خسائر أو عجزًا بقيمة ٧٩.٨ مليار جنيه، منها أكثر من ١٧ مليار جنيه تخص الهيئة الوطنية للإعلام، ويفوق ٤٤ مليار جنيه للهيئة القومية للأنفاق. وهذا يشير إلى أن الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، وخاصة إصلاح الهيئات الاقتصادية، لا تزال بحاجة إلى جهد كبير من وزارة المالية والجهات المعنية. جدير بالذكر أن المجلس الرئاسى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، برئاسة الدكتور حسين عيسى كمنسق عام، يعمل على مشروع لتحسين أداء الهيئات الاقتصادية منذ عدة أشهر، لكن لم تظهر أبعاد هذا المشروع حتى الآن.

هذا العام، أثار انتباه الجميع قيام وزير المالية بإلقاء بيان شفهي أمام البرلمان قبل صدور البيان المالي. كذلك، لاحظنا أن وزارة المالية أصدرت بيانين متصلين بالبيان المالي، هما البيان التحليلي الذي يوضح موارد واستخدامات الموازنة العامة، وإيراداتها ومصروفاتها، والبيان الإحصائي الذي يوضح أيضًا موارد واستخدامات الهيئات الاقتصادية. وذلك قبل إصدار البيان المالي الأصلي. ورغم أن تأخير البيان المالي ليس بالأمر الجديد، فقد حدث في سنوات سابقة لأسباب مثل الحاجة إلى تدقيق البيانات والتوقعات بناءً على متغيرات مؤثرة، إلا أنه كان ينبغي على وزارة المالية تقديم تفسير لذلك. من المعروف أن البيان يُحال بمجرد صدوره إلى اللجنة المختصة، وهي لجنة الخطة والموازنة لمناقشته، ومن المفترض أيضًا أن تناقش اللجان المختلفة في المجلس ما يتعلق بالبيان المالي، ولكن ذلك يحدث نادرًا.

أكد وزير المالية في بيانه الشفهي أمام البرلمان أن الهدف هو تحقيق فائض أولى بنسبة ٤٪ وزيادة الإيرادات الضريبية بنسبة ١٣٪ بدون فرض أعباء جديدة، أي وفقًا للأنظمة الحالية. وأشار الوزير إلى أنه ستحقق زيادة في الإيرادات العامة بنسبة ٢٣٪، وهي علامة إيجابية تشير إلى حدوث بعض التحسن في الإيرادات القادمة من المؤسسات المملوكة للدولة، مثل فوائض الهيئات الاقتصادية وشركات القطاع العام.

كما أكد الوزير أن الهدف هو تقليل حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة، وليس دين الدولة الخارجي، بمقدار يتراوح بين ١ إلى ٢ مليار دولار سنويًا، وهو هدف متواضع، لكن الظروف الاقتصادية الإقليمية والدولية قد تبرر ذلك.

نظرًا لأن هذا هو العام الثاني لتطبيق ما يُسمى بموازنة الحكومة العامة، التي تعمل على دمج المؤشرات الأساسية للهيئات الاقتصادية مع مؤشرات أجهزة الموازنة العامة، مع استبعاد تأثير التداخلات، فمن المهم أن تقدم وزارة المالية تقييمًا لأثر هذا التطور، الذي فرضه قانون الموازنة الموحد وتعديله الصادر في ٢٠٢٤، وتضمنه في البيان المالي المنتظر صدوره.

ما لفت الانتباه في البيان الإحصائي هو أن ربح العام للهيئات في قطاع الصناعة والبترول والتعدين انخفض فعليًا في السنوات الثلاث الأخيرة بمعدل سالب ٣٧.٦٪، مما يستدعي مناقشة جادة حول هذا التطور السلبي في أحد أهم قطاعات الاقتصاد الحقيقي، على الرغم من أن هيئات هذا القطاع زادت إيراداتها فعليًا بنسبة ٣٠٪ خلال نفس الثلاث سنوات.

يجب الإشارة أيضًا إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي سينتهي في ٢٦، مما يتطلب من الموازنة العامة أن تشير إلى توقعاتها لما بعد انتهاء هذا البرنامج، والتداعيات المالية الناتجة عن ذلك، ولا سيما بشأن الدعم والأجور والاستثمارات العامة في الميزانية.

حرص البيان التحليلي على التأكيد على سلامة المالية العامة للدولة، التي تعني اهتمامها بالوفاء بالتزاماتها دون اتخاذ إجراءات تضر بالاقتصاد أو المواطنين. ولكن يظل أن المرونة أمام الصدمات (والتي تنبع من قوة الاحتياطيات وتوازن ميزان المدفوعات) تجعل الاحتياطيات العامة في الميزانية تحظى بأهمية خاصة هذا العام نظرًا لارتفاع مستوى عدم اليقين بشكل غير مسبوق على الصعيدين العالمي والإقليمي. وعلينا أن نكون واعين أن الاضطرابات قد تعيق خطط تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية في الموازنة، بما يتجاوز مجرد الدعم والحديث عن تكافل وكرامة، بالإضافة إلى تغطية النسبة المطلوبة دستوريًا للتعليم، والتعليم العالي، والبحث العلمي، والصحة، وقد يكون من المفيد تسريع تحصيل المتأخرات التي وصلت إلى نحو ٦٦٠ مليار جنيه.

قد يهمك أيضاً :-