مستقبل السيارات على الصعيد العالمي: مصير غير واضح يتحدد بفضل المعادن النادرة من الصين

مستقبل السيارات على الصعيد العالمي: مصير غير واضح يتحدد بفضل المعادن النادرة من الصين

أثار قرار الصين الأخير بفرض قيود أكثر شدة على تصدير المعادن الأرضية النادرة مخاوف حقيقية بشأن إمكانية تأثير ذلك على إنتاج السيارات عالمياً.

في أوائل أبريل/نيسان، فرضت بكين قيودًا على تصدير 7 عناصر أرضية نادرة، فضلًا عن مغناطيسات ضرورية للسيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، والمعدات العسكرية، وذلك كاستجابة للرسوم الجمركية المرتفعة بنسبة 145% التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السلع الصينية.

وحسب تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز”، فقد أكد مسؤولون حكوميون وتجار وأعضاء من صناعة السيارات أن المخزونات الحالية من هذه المواد الأساسية قد لا تكفي لأكثر من 3 إلى 6 أشهر. وإذا استمرت بكين في تنفيذ حظر كامل على التصدير، فسيتعين على الشركات التحرك بسرعة لتأمين مصادر بديلة أو مواجهة اضطرابات كبيرة في الإنتاج.

وأشار يان غيزي، تاجر المعادن في شركة “ترايديوم” التي تتخذ من فرانكفورت مقراً لها، إلى أن معظم شركات السيارات والموردين لم يكونوا مستعدين، حيث يحتفظون بمخزون يكفي لشهرين إلى ثلاثة أشهر فقط من تلك المغناطيسات. وأضاف: “إذا لم تصل شحنات المغناطيس إلى الاتحاد الأوروبي أو اليابان خلال تلك المدة، فقد نواجه مشكلات حقيقية في سلسلة إمداد السيارات”.

معادن أساسية

تركز القيود الجديدة على العناصر الأرضية النادرة “الثقيلة” و”المتوسطة” مثل الديسبروسيوم والتيربيوم والساماريوم، وهي ضرورية لصناعة مغناطيسات عالية الأداء تتحمل درجات حرارة مرتفعة. تُستخدم هذه المغناطيسات في محركات المركبات الكهربائية والهجينة، وأيضًا في الطائرات المقاتلة والصواريخ والطائرات بدون طيار.

وذكر مسؤول بارز في صناعة السيارات أن هذه القيود سيكون لها تأثير كبير على شركات مثل تسلا وغيرها، مضيفًا أن الصين تعتمد هذا النوع من الإجراءات للضغط على الشركات الأمريكية لتطالب حكومتها بمراجعة سياساتها التجارية.

على الرغم من وجود هذه المعادن في قشرة الأرض، فإن استخراجها ومعالجتها يتطلبان تكاليف عالية وتقنيات معقدة تؤدي إلى تأثيرات بيئية. وتعد الصين اللاعب الأهم عالميًا في معالجة العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، مما يجعل من الصعب على الدول الأخرى تعويض النقص بشكل سريع.

وبرغم أن العناصر “الخفيفة” مثل النيوديميوم والبراسيوديميوم، التي تُستخدم بكميات أكبر في المغناطيسات، لم تخضع بعد للقيود، فإن الخبراء يحذرون من إمكانية أن تزيد الصين من قيودها إذا تصاعد النزاع التجاري. وأشار كوري كومبس من شركة “تريفيم” الاستشارية في بكين إلى أن بكين لا تزال تحتفظ بـ “ورقة ضغط كبيرة” من خلال هذه العناصر.

اللوائح الجديدة تشترط على المصدرين الصينيين الحصول على تراخيص لكل شحنة، كما تمنع إعادة تصدير المواد إلى الولايات المتحدة، في خطوة توسعت تدريجيًا منذ عام 2023 ردًا على القيود التي فرضتها واشنطن على التكنولوجيا الصينية. ورغم أن تطبيق هذه القيود لم يكن شاملاً بعد، فإن بعض الشركات الصينية بدأت بالإعلان عن سحب بعض الشحنات وسحبت المواد من السوق، مما أدى إلى زيادة عدم وضوح الأسعار.

تحاول دول مثل اليابان تقليل اعتمادها على الصين من خلال دعم الموردين البديلين، بما في ذلك شركة “ليناس” الأسترالية التي توسع منشأتها في ماليزيا لمعالجة الديسبروسيوم والتيربيوم بحلول منتصف عام 2025. ولكن مسؤولاً يابانياً أبدى قلقه من أن المخزونات الوطنية والمخزون لدى شركات السيارات قد لا تكون كافية لتفادي التعطل. وقال: “السؤال هو: هل سنتمكن من بناء سلسلة إمداد بديلة في الوقت المناسب؟”

مصالح متشابكة

تزيد الحرب الأهلية في ميانمار من تعقيد الموقف، حيث تُعتبر تلك الدولة مصدرًا مهمًا للمواد الخام التي تعتمد عليها الصين في معالجة العناصر الأرضية الثقيلة. ويرى محللون أن حظر الصادرات قد يساعد الصين في الحفاظ على مواردها المحلية المتناقصة.

على الرغم من أن الصين كانت مترددة في السابق بوقف شحنات قد تضر باقتصادها، كما حدث مع الغاليوم، إلا أن شحنات معادن أخرى مثل الأنتيمون – المستخدم في صناعة الذخيرة – تأثرت بشكل كبير. واختتم غيزي قائلاً: “السؤال الحاسم هو: كم من الوقت ستستغرق الصين لمعالجة تراخيص التصدير؟ هذه الفترة قد تحدد مصير سلسلة الإمداد العالمية لصناعة السيارات”.

قد يهمك أيضاً :-