مشروع بقيمة 50 مليار دولار: الكونغو تطلب من الشركات البلجيكية المشاركة في تطوير كينشاسا

مشروع بقيمة 50 مليار دولار: الكونغو تطلب من الشركات البلجيكية المشاركة في تطوير كينشاسا

تم تحديثه الثلاثاء 2025/4/22 03:08 م بتوقيت أبوظبي

اعتبر خبراء اقتصاديون أن مشروع “كينشاسا كيا مونا”، الذي تعتزم جمهورية الكونغو الديمقراطية إطلاقه بالتعاون مع مستثمرين دوليين، يمثل تحولًا استراتيجيًا في سياسات التوسع الحضري في أفريقيا.

وكشف المشروع في الوقت نفسه عن رغبة الكونغو في تنويع شراكاتها بعيدًا عن الاعتماد الكلي على الصين.

من جانبه، ذكر الباحث الاقتصادي الفرنسي أرنو دوموناي، من مركز “مؤسسة جان جوريس” البحثي لـ”العين الإخبارية”، أن “الكونغو تسعى بوضوح لاستعادة سيادتها الاقتصادية تدريجيًا من خلال هذا المشروع، وهي خطوة تأتي في إطار إعادة التوازن لعلاقاتها الدولية، لا سيما مع شركائها التاريخيين مثل بلجيكا”.

وجهت جمهورية الكونغو الديمقراطية دعوة مفتوحة إلى الشركات البلجيكية للاستثمار في مشروع “كينشасا كيا مونا”، وهو مشروع ضخم لتوسيع العاصمة، تصل قيمته إلى 50 مليار دولار، وتلعب الصين فيه دورًا محوريًا.

مدينة كينشاسا، التي تُعتبر واحدة من أكثر المدن ازدحامًا في العالم، من المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 25 مليون نسمة خلال عشر سنوات. وتجدر الإشارة إلى أن العاصمة الكونغولية صُممت خلال فترة الاستعمار البلجيكي لاستيعاب 500 ألف نسمة فقط، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها السلطات المحلية.

للتخفيف من الضغط عن كينشاسا، أطلق الرئيس فيليكس تشيسيكيدي العام الماضي مشروع “كينشاسا كيا مونا”، الذي يهدف إلى بناء مدينة حديثة تستوعب خمسة ملايين نسمة، ستقام على بعد 45 كيلومترًا من العاصمة، على مساحة 43 ألف هكتار.

بدورها، أوضحت الباحثة الاقتصادية الفرنسية إلين دوكرو، من “معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية” (IRIS)، لـ”العين الإخبارية”، أن “الانفتاح على الشركات البلجيكية والأوروبية يمثل محاولة للحد من هيمنة بكين في المشاريع الكبرى، ويعزز ديناميكية الشراكة الاقتصادية بين أوروبا وأفريقيا في ظل تصاعد المنافسة مع قوى أخرى مثل تركيا والإمارات”.

مدينة جديدة من الصفر بتمويل دولي

وتتضمن هذه المدينة المستقبلية أحياء سكنية، ومنطقة مالية، وميناء، ومستشفيات، وجامعة، ومدينة صناعية متكاملة. ويفترض أن يستمر تنفيذ المشروع لمدة ثمانية أعوام، ولن يُموَّل من الخزينة العامة، بل من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP)، يقودها المُموّل المالي السويسري-البريطاني Carousel Finance.

وذكرت صحيفة “ليكو” البلجيكية أنه تم تأمين تمويل بقيمة 18.5 مليار دولار حتى الآن.

ونقلت الصحيفة عن جفار هلالي، مدير Carousel Finance، قوله إن “الصين كانت تسعى لتولي المشروع بالكامل، لكن هناك إرادة واضحة من جمهورية الكونغو لفتح السوق أمام شركاء آخرين”.

شركات بلجيكية على خط الانطلاق

لجذب المستثمرين، تُنظَّم فعاليات ترويجية في مختلف أنحاء العالم. وقد عُقد لقاء عمل مؤخرًا في السفارة الكونغولية ببروكسل، بحضور عدد من الشركات البلجيكية المهتمة، منها: ميناء أنتويرب، شركة IIDG للبنى التحتية، مجموعة Besix للبناء، شركة Deme للتجريف، فرع مجموعة Siemens الألمانية في بلجيكا، بنك Rawbank، بالإضافة إلى جهات حكومية مثل وكالة التصدير الوالونية (Awex) وBio Invest. كما حضر اللقاء الوزير البلجيكي السابق أندريه فلوهوت.

الصين تُسيطر على البداية… لكن المجال مفتوح

وفقًا للصحيفة البلجيكية، لا تزال الصين الأسبق في هذا الملف، إذ تستلهم الكونغو المشروع من نماذج التوسعة الصينية الناجحة. وقد أُوكلت مهمة بناء المدينة الصناعية، التي ستضم 1500 مصنع، إلى شركة China State Construction Engineering، وهي أكبر شركة بناء في العالم. ومن المتوقع أن يبدأ العمل في يونيو المقبل، مع توظيف فوري لـ 30 ألف شخص.

لكن الصين ليست الوحيدة، حيث تجري مفاوضات مع شركات كبرى مثل “داسو سيستم” و”سيمنز”، بينما أبدت شركات من تركيا، الولايات المتحدة، ودول الخليج اهتمامها، ومن أبرزها أبو ظبي للموانئ، التي تسعى لبناء البنية التحتية للميناء.

الكونغو: نحتاج إلى خبرة الشركات البلجيكية

يقول تييري كاتيمبوي، مدير اللجنة الاستراتيجية المشرفة على المشروع: “هناك مكان هام للشركات البلجيكية، فنحن بحاجة إلى خبرتها. نعمل على تنويع الفاعلين الاقتصاديين، وهذه فرصة كبيرة يجب اغتنامها”.

وفيما يتعلق بالعقود الحالية، أبرمت شركة IIDG من أنتويرب اتفاقًا بقيمة 300 مليون دولار لبناء منصة صحية ومجمع فندقي، وستبدأ التنفيذ في يونيو.

يرى جييوم تيفنجانج، المحامي الممثل لـ IIDG، أن “من المهم أن تواصل بلجيكا ترك بصمتها في الكونغو، إلى جانب عمالقة الصناعة الدولية.” وقد تم تأمين المشروع عبر شركة التمويل الفرنسية BPI Finance، بعد أن فشلت الشركة في العثور على شريك بالجيك.

دور محتمل لميناء أنتويرب

تجري حاليًا محادثات بين إدارة ميناء أنتويرب والمنظمين بشأن تطوير البنية التحتية للميناء الجديد، الذي سيكون مخصصًا لنقل السلع المصنعة في المصانع الصينية، وكذلك معدّات المواد الخام التي سيتم معالجتها في الموقع الصناعي.

أما القطاعات التي تفضلها السلطات الكونغولية فهي: البناء، التخطيط الحضري، الخدمات القانونية، التكنولوجيا، والطاقة.

ومن المتوقع أن يُعقد منتدى استثماري كبير في لندن خلال الفترة المقبلة لجذب المزيد من المستثمرين.

التحديات الأمنية قائمة

رغم استمرار الصراع في شرق البلاد بين القوات الحكومية وحركة “M23” المدعومة من الجيش الرواندي، إلا أن العمل على المشروع لم يتوقف منذ أكثر من عام.

من جانبه، قال كريستيان ندونغالا نكونو، سفير الكونغو في بلجيكا، إن “الحرب تؤثر نفسيًا على المستثمرين، حيث أن رجال الأعمال لا يحبذون سماع صوت الرصاص. مهمتنا كدبلوماسيين هي العمل على إنهاء هذا الصراع”، وفقًا لصحيفة “ليكو” البلجيكية.

aXA6IDJhMTM6YWRjMDo6YWYxOmVhZmY6ZmVmNjoyYjUyIA==

قد يهمك أيضاً :-