الحد الأدنى للأجور في لبنان: تحدي يسبب القلق للحكومة

الحد الأدنى للأجور في لبنان: تحدي يسبب القلق للحكومة

تم تحديثه الأربعاء 2025/4/23 03:05 م بتوقيت أبوظبي

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، يعلق اللبنانيون آمالهم على الحكومة الجديدة لاتخاذ إجراءات ملموسة وعاجلة لرفع الأجور المتدنية التي تثقل كاهلهم، بعد سنوات طويلة من الجمود السياسي والانهيار المالي.

وكانت مناقشات ملف الأجور قد شهدت حوارات غير فعالة وإشارات غير ملزمة خلال فترة الحكومة السابقة، دون أن تُترجم هذه النقاشات إلى قرارات أو خطوات فعلية تخفف من وطأة الأزمة المعيشية على الموظفين والعمال.

التضخم الاقتصادي

على الرغم من التضخم الاقتصادي المتزايد وزيادة الفجوة في الأجور بين القطاعين العام والخاص، بقيت الرواتب في لبنان ثابتة دون أي تعديلات لفترة طويلة. هذا الجمود استمر حتى عام 2024، الذي شهد تحركًا طفيفًا من حيث الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص.

رفع الحد الأدنى للأجور في 2024

في خطوة تأخرت كثيرًا، تم اتخاذ قرار في عام 2024 برفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص إلى 18 مليون ليرة لبنانية، وهو ما يعادل حوالي 200 دولار أمريكي وفقًا لسعر صرف السوق السوداء في ذلك الوقت (90 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد).

وقد سبق هذا القرار سلسلة من الاجتماعات المكثفة بين لجنة المؤشر، والهيئات الاقتصادية، ونقابات المهن الحرة، ووزير العمل في ذلك الوقت، مصطفى بيرم. هذه المشاورات أسفرت في النهاية عن هذا التعديل الطفيف الذي يعتبره العديد غير كافٍ لمواكبة الارتفاع الجنوني في الأسعار وتكاليف المعيشة.

لماذا لم يشمل القطاع العام؟

ورغم أهمية هذا القرار كخطوة أولى، إلا أنه لم يشمل القطاع العام، الذي لا يزال موظفوه يعانون من تدهور كبير في قيمة رواتبهم. كما أن قيمة الحد الأدنى الجديد للأجور في القطاع الخاص، بالنظر إلى سعر صرف الدولار المتقلب وارتفاع الأسعار، لا تزال محل نقاش حول مدى قدرتها على تحقيق تحسين ملموس في حياة العاملين وأسرهم.

عاد ملف الأجور ليفرض نفسه بشكل قوي على الساحة اللبنانية، وذلك بعد أن ترأس وزير العمل الحالي، محمد حيدر، اجتماعًا للجنة المؤشر. وقد خصص الاجتماع لبحث سبل معالجة أوضاع رواتب وأجور العاملين في القطاع الخاص، الذين يواجهون ضغوطًا شديدة بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة.

خطوة ضرورية

وفي إشارة إلى جدية الجهود الحكومية، أعلن وزير العمل عن سلسلة اجتماعات متتابعة ستعقدها اللجنة في الفترة القادمة. وستتناول هذه الاجتماعات مواضيع حيوية، يأتي في مقدمتها دراسة إمكانية رفع الحد الأدنى للأجور، الذي يعتبره الكثيرون خطوة ضرورية لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

ومع استعادة المؤسسات الدستورية لدورها، يرى المراقبون أن الفرصة أصبحت مناسبة لإعادة فتح هذا الملف بشكل جدي ومسؤول، مما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على عجلة الاقتصاد الوطني.

أكد نائب رئيس جمعية الصناعيين، زياد بكداش، في تصريحات صحفية محلية، على التوازن الذي يظهره وزير العمل الجديد، محمد حيدر، في تعامله مع ملف الأجور. وأوضح بكداش أنه “لا شك في أن وزير العمل الجديد محمد حيدر، يقف على مسافة واحدة بين أصحاب العمل والعمال”.

قناعة عامة بصعوبة زيادة الأجور!

وأشار بكداش إلى وجود “قناعة عامة بصعوبة زيادة الأجور” في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أنه “لا يمكن الاستمرار بالحد الأدنى للأجور” بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.

وكشف عن “وجود اجتماعات جانبية تهدف إلى الوصول إلى نقاط مشتركة بين جميع الأطراف” المعنية بملف الأجور، سعيًا للحصول على حلول توافقية.

وشدد بكداش على أن “هدف اجتماعات لجنة المؤشر هو التطرق إلى مسألة الراتب وبدل النقل والمنح المدرسية”، مؤكدًا على “تحمل المسؤولية في هذا المجال، بسبب تقصير الدولة تجاه شعبها والعمال على مدى أربعين عامًا”.

كما أبرز بكداش “نقطة مهمة تخص موضوع نهاية الخدمة”، مؤكدًا: “نعمل على الوصول إلى أرضية مشتركة لحلّ هذه المشكلة”. وجزم بأنه “لا يوجد رقم محدد بعد لرفع الحد الأدنى للأجور، لكنه سيرتفع حتماً”.

وتطرق بكداش إلى “مشكلة أخرى، وهي أن الحد الأدنى في بيروت يختلف تمامًا عنه في الجنوب والبقاع، نتيجة تداعيات الحرب”، مشيرًا إلى أن “هناك أصحاب عمل متضررين لا يستطيعون تحمّل أي زيادة في الأجور”.

تحقيق توازن بين المطالب المرتفعة والإمكانات المحدودة

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي، أنيس بو دياب، على وجود “توافق بين الأطراف المجتمعة على أن الحد الأدنى الحالي للأجور هو دون خط الفقر، ويجب رفعه”.

وأوضح بو دياب أن “التأخير في اتخاذ القرار يهدف إلى عقد اجتماعات مكثفة بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، بمساهمة رئيس المجلس الاقتصادي، للتوصل إلى أرقام واضحة تلبي من جهة مطالب الاتحاد العمالي، ومن جهة أخرى قدرات الهيئات الاقتصادية”.

وشدد على أهمية أخذ التفاوت الاقتصادي بين المناطق اللبنانية بعين الاعتبار، قائلاً: “لا يمكن الكلام عن لبنان وكأنه يقتصر على بيروت وجبل لبنان حيث توجد حركة اقتصادية مقبولة نسبياً، بينما أن نحو 40% من المؤسسات معطلة في جنوبي لبنان والضاحية الجنوبية والهرمل وبعلبك”. وحذر من “تحميل الهيئات الاقتصادية أعباء جديدة قد تؤدي إلى نتائج سلبية إضافية”.

وأكد بو دياب على “ضرورة تحقيق توازن بين المطالب المرتفعة والإمكانيات المحدودة” عند بحث ملف الأجور.

وفي سياق متصل، تطرق إلى متممات الراتب، مشيرًا إلى أن “الضمان الاجتماعي سيرفع التعويض العائلي بنسبة 100%… وكذلك سيتم رفع منحة التعليم”. وجدد تأكيده أنه “لا يوجد حتى الآن رقم محدد بشأن الحد الأدنى الجديد للأجور”.

aXA6IDJhMTM6YWRjMDo6YWYxOmVhZmY6ZmVmNjoyYjUyIA==

جزيرة ام اند امز

EE

قد يهمك أيضاً :-