بين العاصمة الأمريكية وأديس أبابا.. زهور إثيوبيا تواجه خطر «الذبول» في السوق الأمريكية

بين العاصمة الأمريكية وأديس أبابا.. زهور إثيوبيا تواجه خطر «الذبول» في السوق الأمريكية

على مدى العقدين الماضيين، أصبحت إثيوبيا واحدة من أبرز منتجي ومصدري الزهور على المستوى العالمي، مستفيدة من مناخها المناسب والدعم الحكومي لجذب الاستثمارات الأجنبية.

غير أن هذا القطاع الحيوي، الذي يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد الإثيوبي، بدأ يواجه تحديات متزايدة نتيجة تغير السياسات التجارية العالمية، خاصة بعد أن فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة وأعادت النظر في اتفاقيات التجارة التفضيلية مع الدول الأفريقية.

أدى فرض هذه الرسوم إلى قلق عميق لدى المنتجين والمصدرين الإثيوبيين، الذين يعتمدون بشكل كبير على الأسواق الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. إذ تهدد هذه السياسات برفع تكاليف التصدير، وتقليص تنافسية الزهور الإثيوبية، وزعزعة استقرار قطاع لطالما كان يُعتبر قصة نجاح في جهود التنمية الوطنية.

تداعيات القرارات الأمريكية على صناعة الزهور الإثيوبية

لم تكن إدارة ترامب التي فرضت رسوماً جمركية جديدة مجرد حزمة من القرارات الفنية في السياسات التجارية، بل شكلت توتراً عميقاً في الهيكل الاقتصادي لسوق يعتمد على الهشاشة النسبية لسلاسل التوريد، وثقة المستثمرين الأجانب، وانسيابية الصادرات للأسواق الكبرى. فإن رفع الرسوم أو تقليص الامتيازات يهدد بتقليص هوامش الربح، وتراجع الطلب، وقد يدفع ببعض المستثمرين إلى إعادة تموضعهم في دول أكثر استقرارًا من الناحية التجارية.

وبعد سنوات من الجهد لاختراق السوق الأمريكية، يواجه قطاع الزهور الإثيوبي تحديًا كبيرًا يهدد مستقبله، مع بدء تأثير الرسوم الجمركية المفروضة من واشنطن في الظهور، وسط منافسة إقليمية شديدة وظروف أمنية متدهورة داخلياً.

صناعة الزهور في مواجهة المجهول

أكد ميسيراش برهانو، رئيس جمعية مصدري الزهور والخضراوات والفواكه والأعشاب الإثيوبية، أن الرسوم الجمركية التي تبلغ 10% التي فرضتها إدارة ترامب تمثل عبئًا ثقيلاً على كاهل المصدرين الإثيوبيين، الذين يواجهون بالفعل ضغوطًا في التكاليف وسلاسل الإمداد.

وأضاف في تصريح لصحيفة “العين الإخبارية” أن هذه الرسوم، بالإضافة إلى تعريفة سابقة بنسبة 3%، ستؤدي حتماً إلى تراجع تنافسية الزهور الإثيوبية في السوق الأمريكية بالمقارنة مع دول مثل كولومبيا والإكوادور، واللتان تتمتعان بمزايا نقل قوية، بالإضافة إلى استقرار تجاري نسبي.

وأوضح أنه رغم أن هولندا تظل الوجهة الرئيسية لصادرات الزهور الإثيوبية، إلا أن الولايات المتحدة بدأت تبرز كسوق استراتيجي مهم، بعد أن حققت عائدات تصل إلى نحو 45 مليون دولار من الزهور الإثيوبية في عام واحد فقط، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية الجديدة لإدارة ترامب تهدد بكبح هذا النمو وتحويل أنظار المشترين نحو دول أخرى تقدم تكاليف أقل.

البحث عن أسواق بديلة

يحاول المنتجون والمصدرون تعويض ذلك بالتوسع في أسواق آسيا والشرق الأوسط. ووفقًا لتقرير لجمعية مصدري الزهور والخضراوات والفواكه والأعشاب الإثيوبية، فقد صدّرت إثيوبيا ما مجموعه 187 ألف طن من الزهور والخضراوات خلال ثمانية أشهر فقط، محققة عائدات بلغت 367 مليون دولار، مع زيادة طفيفة مقارنة بالعام الماضي.

لكن التحديات لا تقتصر على الأسواق الدولية، بل تزداد حدة داخلياً، خاصة في إقليم أمهرة، الذي يعاني منذ عامين من مشاكل أمنية أجبرت العديد من الشركات في مناطق مثل بحر دار على تعليق أنشطتها أو مغادرتها كليًا.

الحكومة بين الواقع والتفاؤل

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حاول تخفيف القلق، مؤكدًا خلال زيارته الأخيرة إلى فيتنام أن الرسوم الأمريكية لا تزال “منخفضة نسبيًا” مقارنة بتلك المفروضة على دول أخرى، معتبرًا أنها قد تُستخدم كوسيلة لتحفيز الاستثمارات الأجنبية في البلاد.

ومع ذلك، فإن هذا التفاؤل يصطدم بواقع خروج إثيوبيا من برنامج الفرص والنمو الأمريكي “أغوا” في 2021، مما حرمها من الامتيازات الجمركية التي كانت تسمح بدخول صادراتها الزراعية إلى السوق الأمريكية بدون رسوم. وهو ما يعتبره محللون تراجعًا استراتيجيًا قد يستمر لفترة طويلة إذا لم تُصحح العلاقة التجارية بين البلدين.

قد يهمك أيضاً :-