
في نهار مشمس وهادئ، (في تمام الساعة 12:30 من ظهر أمس الإثنين)، تعرضت مدينة مدريد لاضطراب مفاجئ اجتاح العاصمة الإسبانية، مما أدى إلى امتداد الأزمة إلى مختلف أنحاء البلاد وأجزاء كبيرة من البرتغال، حيث انزلقت شبه الجزيرة الإيبيرية في أزمة انقطاع هائل لم تشهده المنطقة منذ عقود، مما تسبب في توقف الحياة بشكل شبه تام في بعض المدن.
ظلام، فوضى، طوابير.. يوم لن ينساه الإسبان
داخل المحطات المظلمة، وبين الشوارع المتعطلة وصفوف المتسوقين المذعورين أمام المتاجر ومحطات الوقود، تكشفت معالم أزمة لم يكن أحد مستعدًا لها، إذ تعطلت إشارات المرور، فتوقفت السيارات في مفترقات الطرق، وهرعت الشرطة والمتطوعون لمحاولة تنظيم المرور وسط زحام خانق وفوضى متزايدة، كما أُغلقت محطات المترو وتم إجلاء الركاب منها، وفقًا لصحيفة «بيلد» الألمانية.
مواضيع مشابهة: «مشاكل في الأمن: وزيرة الأمن الأمريكية تتعرض للسرقة بعد حادث مشابه لوزيرة الداخلية البريطانية»
وتشكلت طوابير طويلة أمام محلات السوبرماركت والبنوك، حيث سعى السكان والسياح على حد سواء إلى شراء الحاجيات الأساسية وسحب الأموال النقدية، بعد أن تعطلت معظم وسائل الدفع الإلكتروني والإنترنت في مشهد يعيد للأذهان أيام الأزمات الكبرى.
عقدت الحكومة الإسبانية اجتماعًا طارئًا لمجلس الوزراء في مقر شركة «ريد إليكتريكا»، المسؤولة عن إدارة الشبكة، لكنها لم تقدم حتى الآن تفسيرًا واضحًا لما حدث، فيما أعلنت وزارة الداخلية حالة الطوارئ في عدة مناطق، وطلبت حكومات محلية مثل مدريد والأندلس تولي السلطات المركزية إدارة النظام العام، وسط تصاعد القلق الشعبي والسياسي.
ومع تصاعد الأزمة، دخل حزب «الشعب» المعارض على الخط، مهاجمًا حكومة بيدرو سانشيز، وحملها مسؤولية هشاشة شبكة الكهرباء، حيث قالت ألوما مارتن، نائبة وزير التنمية المستدامة في الحزب، إن هذا الانقطاع دليل على فشل الحكومة المنشغلة بحماية نفسها من اتهامات الفساد، بدلًا من تأمين الطاقة للمواطنين.
أثار انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال غضب وانتقادات المواطنين من البلدين، حيث خرج التفسير الفني الأولي من شبكة الكهرباء البرتغالية، معزيًا السبب إلى ظاهرة جوية نادرة أدت إلى تذبذبات غير طبيعية في الطاقة على الشبكة المشتركة، وهي ما تُعرف بـ«التقلبات الجوية المستحثة»، هذه الظاهرة تسببت في تدفق غير منتظم للطاقة أتلف بعض المعدات الحيوية وتسبب في سلسلة من الأعطال امتدت إلى دول مجاورة مثل بلجيكا، الأمر الذي تم نفيه فيما بعد وفقًا لصحيفة «ميل أونلاين».
لم تكن المطارات بمنأى عن الفوضى، إذ تأخرت رحلات وأُلغي عدد كبير منها، وطلبت شركات الطيران من المسافرين عدم التوجه إلى المطارات حتى إشعار آخر، ووصف سائح بريطاني المشهد في مدريد بأنه «أشبه بيوم نهاية العالم»، مشيرًا إلى أن الناس كانوا يتشاجرون على سيارات الأجرة، والشرطة لا تعرف كيف تتصرف، فيما غاصت الفنادق بالزوار الطالبين للمساعدة دون جدوى.
وعلى الرغم من توقف 4 مفاعلات نووية في البلاد تلقائيًا بعد الانقطاع، أكد مجلس السلامة النووية أن الوضع تحت السيطرة، حيث تدخلت مولدات الطوارئ لضمان استمرار أنظمة الأمان الأساسية.
ممكن يعجبك: مودي يعزز قدرة الجيش الهندي على التحرك بينما تستعد باكستان للتصدي
المشهد في شبه الجزيرة الإيبيرية، التي يسكنها أكثر من 50 مليون نسمة، كان أشبه بانكشاف مفاجئ لنقطة ضعف نادرة في واحدة من أكثر الدول استقرارًا في أوروبا، وبينما تحقق السلطات فيما إذا كان الحادث نتيجة هجوم إلكتروني أو مجرد خلل تقني غير مسبوق، يبقى ملايين الأشخاص في حالة ترقب لما ستكشف عنه الساعات المقبلة.
يُذكر أنه في أكتوبر الماضي، اجتاحت إسبانيا أسوأ فيضانات تشهدها منذ عقود، حيث تسببت الأمطار الغزيرة في مقتل أكثر من 150 شخصًا، معظمهم في منطقة فالنسيا، كما أدت الفيضانات إلى تدمير الجسور والمنازل، مما أجبر السكان على اللجوء إلى الأشجار طلبًا للنجاة، وفقًا لتقرير «فرانس برس».
وأعلنت الحكومة الإسبانية وقتها حالة الطوارئ الوطنية، ونشرت أكثر من 1200 فرد من فرق الإنقاذ والجنود للمساعدة في عمليات الإغاثة، فيما أشار العلماء إلى أن ظاهرة «جوتا فريا» الجوية التي حدثت بسبب تغير المناخ، ساهمت في زيادة شدة الأمطار.
قد يهمك أيضاً :-
- محمود محيى الدين يوضح: الحرب الحالية هي حرب اقتصادية وليست تجارية فقط
- أوروبا تدعو العلماء والباحثين للانتقال إليها بعد قيود ترامب لتعزيز الابتكار والبحث العلمي
- حالة غريبة تنقذ الأهلي من أزمة الشرط الجزائي مع مارسيل كولر وفقًا لأمير هشام
- أسعار الأسهم في البورصة المصرية اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025
- السيسي يحقق وعداً عمره 7 سنوات بحضور عقد قران ابنة ضابط متوفى في فيديو مؤثر
تعليقات