
تُعتبر اللغة العربية من أغنى لغات العالم من حيث المفردات والتراكيب، فهي تمنح مستخدميها قدرة فريدة على التعبير عن المعاني بأشكال وصيغ متعددة، ومن بين الكلمات ذات الدلالة الموسمية والثقافية البارزة، تبرز كلمة “شتاء”، التي تُستخدم في الحياة اليومية للدلالة على فصل البرد والمطر، لكنها تحمل في جوهرها عمقًا لغويًا وتاريخيًا يستحق التأمل.
الجمع الصحيح والمعتمد لكلمة “شتاء” هو “أشتية”، وهو جمع تكسير يُستخدم عند الإشارة إلى فصول شتاء متعددة، أو إلى مواسم شتوية ذات خصائص مناخية متباينة، وتُستخدم هذه الصيغة غالبًا في السياقات الأدبية أو التاريخية، كأن نقول: “مرت البلاد بعدة أشتية قاسية”، في إشارة إلى شتاءات اختلفت في شدّتها وتأثيرها.
مقال مقترح: رابط تحميل النماذج الاسترشادية لشهر أبريل 2025 لطلاب الثانوية العامة من الموقع الرسمي للوزارة
ترجع كلمة “شتاء” إلى الجذر اللغوي (ش-ت-و)، والذي يدل على البرد والمطر، وقد استخدمها العرب القدماء للدلالة على الفترة الزمنية التي تنخفض فيها درجات الحرارة وتهطل الأمطار، وهي فترة كانت لها أهمية كبيرة في حياتهم اليومية، لا سيما في الزراعة وتوفير المياه، لذا فإن الكلمة لا تحمل فقط بعدًا مناخيًا، بل كانت تمثل محطة سنوية ترتبط بممارسات معيشية أساسية.
من نفس التصنيف: نتائج سنوات النقل في بوابة التعليم الأساسي 2025 من الصف الثالث الابتدائي حتى الثاني الإعدادي
في الاستخدام المعاصر، تبقى كلمة “شتاء” حاضرة في وصف الفصل الذي يلي الخريف، لكنها تتجاوز المعنى المناخي لتُستخدم مجازًا في الأدب للدلالة على الجمود العاطفي أو الحزن، كما في قولنا: “اجتاح شتاء قلبه”، مما يعبر عن برودة المشاعر أو قسوة الزمن.
كما تبرز الكلمة في حياتنا اليومية ضمن عبارات مثل “ملابس الشتاء”، أو “الشتاء القارس”، وكذلك في الأطعمة المرتبطة بهذا الفصل مثل “شوربة الشتاء”، مما يعكس حضورها الواسع والمتنوع في الثقافة العربية.
هكذا تتجلّى كلمة “شتاء” كمثال حيّ على ثراء العربية، فهي ليست مجرد مصطلح مناخي، بل رمز لغوي وثقافي ينبض بالمعاني والتجارب الإنسانية التي تتكرر كل عام في صور مختلفة.
تعليقات