
في خضم الاهتمام المتزايد بالحضارة المصرية القديمة خلال القرن التاسع عشر، يبرز اسم عالم فرنسي يُدعى فرانسوا شاباس، الذي يصادف اليوم ذكرى وفاته، كأحد الأسماء اللامعة في مجال فك رموز اللغة الهيروغليفية والنصوص القديمة التي حيرت البشرية لقرون طويلة.
مقال مقترح: بيان عاجل من بوسي شلبي يكشف تفاصيل أزمتها مع أبناء محمود عبد العزيز
لم يكن شاباس مجرد باحث أكاديمي عادي، بل كان بمثابة “مترجم الفراعنة”، حيث منح الحروف الصامتة حياة جديدة، وقربنا خطوة نحو فهم أعمق لحضارة ازدهرت على ضفاف النيل منذ آلاف السنين.
وُلد فرانسوا شاباس عام 1821 في فرنسا، ومنذ شبابه أبدى اهتمامًا خاصًا بالتاريخ القديم، فلم يكتفِ بالقراءة السطحية، بل غاص في أعماق النقوش والنصوص المصرية القديمة، متحديًا صعوبات الترجمة والرموز المعقدة للغة الهيروغليفية.
تأثر شاباس كثيرًا بأعمال جان فرانسوا شامبليون، الذي كان أول من فك رموز حجر رشيد، لكنه اتبع مسارًا أكثر تخصصًا، حيث ركز على التحليل اللغوي للنصوص وفهم معاني الكلمات من خلال السياق الثقافي والديني للمصريين القدماء.
ما ميز أعمال شاباس هو منهجيته في التعامل مع النقوش، فلم يكن يترجم النصوص بشكل حرفي فحسب، بل كان يسعى لفك المنظومة الفكرية الكامنة وراء الكلمات.
ساعده إتقانه لعدة لغات قديمة، مثل القبطية والعبرية، في الحصول على منظور مقارن لفهم الدلالات الرمزية للنصوص المصرية.
من أبرز إسهاماته كانت تحليلاته للنقوش على المعابد والمقابر، خاصة تلك المتعلقة بالحياة اليومية والعقائد الجنائزية.
وعلى عكس العديد من الباحثين الذين ركزوا على الملوك والحروب، اهتم شاباس بنقل صوت الإنسان العادي في مصر القديمة، مما أعطى أبحاثه بعدًا إنسانيًا نادرًا في زمنه.
مواضيع مشابهة: اليوم.. انطلاق الحلقة الأولى من مسلسل «برستيج» الذي يقدمه مصطفى غريب (اكتشف قناة العرض)
ورغم أن شاباس لم يزر مصر بنفسه، إلا أن ارتباطه العلمي بها كان عميقًا، حيث اعتمد على الرسومات والنصوص التي جلبها المستكشفون والبعثات العلمية، وكتب عددًا من المؤلفات والمقالات التي شكلت مرجعًا مهمًا للدارسين بعده.
ورغم أن اسمه قد لا يكون معروفًا في الثقافة العامة مثل شامبليون، فإن الأوساط الأكاديمية تعترف تمامًا بقيمة جهوده في تأسيس علم المصريات الحديث.
تعليقات