بيرتراند راسل وكيف منحت الفلسفة جائزة نوبل للعقول اللامعة

بيرتراند راسل وكيف منحت الفلسفة جائزة نوبل للعقول اللامعة

في عام 1950، لم تُمنح جائزة نوبل في الأدب لرواية بارزة أو ديوان شعري، بل ذهبت إلى عقل فلسفي بارع، لا يؤمن بالمطلقات، ويبحث عن الحقيقة في أدق تفاصيل الحياة.

نال بيرتراند راسل، الفيلسوف البريطاني الشهير، جائزة نوبل ليس فقط بسبب كتاباته الفلسفية، بل أيضًا بسبب أسلوبه الإنساني الذي مزج بين الحكمة، الحرية، والسخرية من التقاليد التي لا تتماشى مع العقل.

سبب منح الجائزة: بين الأدب والفكر

ذكرت لجنة نوبل أن الجائزة مُنحت لراسل:

“تقديرًا لكتاباته المتنوعة والمهمة التي يدافع فيها عن القيم الإنسانية وحرية الفكر”.

بهذا الوصف، لم تُمنح الجائزة فقط لراسل “المفكر”، بل أيضًا لراسل “الكاتب” الذي تواصل مع البشر بلغة عقلانية، بعيدة عن التعقيد الفلسفي، ودافع عن الحرية في زمن كانت فيه مهددة من جميع الجهات.

كاتب خارج القوالب

على الرغم من خلفيته المنطقية الجافة كونه أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية، إلا أن راسل تميز بأسلوب كتابي جذاب، يجمع بين العمق والبساطة، وبين الجد والسخرية.

من أبرز كتبه التي ساهمت في منحه نوبل:

  • لماذا لستُ مسيحيًا؟
  • قهر السعادة
  • أثر العلم في المجتمع
  • الزواج والأخلاق
  •      

تناول مواضيع الدين، العلاقات، التربية، والسياسة، دون أن يفقد نبرة العقل أو صوته الأخلاقي.

جائزة تكرم موقفًا أيضًا

في ذلك الوقت، كانت أفكار راسل تمثل تحديًا واضحًا للتقاليد الدينية، والمؤسسة السياسية، والسلطة الأخلاقية الجامدة.

لذا، كان اختياره للفوز بجائزة نوبل الأدبية حدثًا لافتًا، يحمل رسالة تتجاوز الأدب، لتؤكد على قيمة حرية التعبير والفكر النقدي.

راسل نفسه لم يُبالغ في الاحتفاء بالجائزة، لكنه اعتبرها اعترافًا بدور “الكلمة الحرة” في إحداث التغيير، حيث قال في إحدى محاضراته:

“الأدب العظيم لا يُقاس ببلاغته، بل بشجاعته في قول ما لا يُقال”.

ما بعد نوبل: صوت لا يصمت

لم يتوقف راسل بعد نوبل، بل زاد من نشاطه السياسي والفكري، حيث أسس لاحقًا “محكمة راسل” لمحاكمة مجرمي الحرب في فيتنام، وكتب عشرات المقالات والكتب، وشارك في احتجاجات حتى وهو في التسعين من عمره.

قد يهمك أيضاً :-