
تُعرف الأخوات برونتي بمهاراتهن الأدبية الاستثنائية، ولكن آن برونتي تميزت عن شقيقاتها برؤيتها الروحية العميقة، بينما كانت شارلوت وإميلي تميلان إلى تصوير عالم داخلي مليء بالتوتر والتمرد، اختارت آن أن تسير في مسار دقيق يجمع بين إيمانها العميق بالله واحتجاجها الهادئ ضد الظلم الاجتماعي والأخلاقي.
اقرأ كمان: أسما شريف منير تتألق في بث مباشر من الصباحية بعد علاجها وإجراء الإكستنشن
إيمانها الديني
ولدت آن في عائلة دينية محافظة، حيث كان والدها قسًا أنجليكانيًا، مما أثر على رؤيتها الأخلاقية والدينية منذ طفولتها، ورغم ذلك لم تكن رؤيتها متزمتة أو سطحية، بل عكست أعمالها نظرة متأملة وعقلانية مليئة بالرحمة، حيث كانت ترى في الإيمان قوة للرحمة وليس وسيلة للقمع.
ومن المثير للاهتمام أن آن كانت الأكثر “لاهوتًا” بين أخواتها، لكنها لم تكتب عن الدين كمؤسسة، بل كعلاقة شخصية مع الله تدعو إلى التسامح والكرامة.
“أغنيس غراي”.. فضيلة في عالم قاسٍ
روايتها الأولى Agnes Grey، ورغم بساطتها الظاهرة، إلا أنها تحمل رسائل أخلاقية وإنسانية قوية.
البطلة، التي تعمل كمربية، تواجه قسوة الأطفال المدللين وأسرهم، لكنها لا تفقد إيمانها بالخير، ولا تتخلى عن مبادئها رغم الإذلال الذي تتعرض له.
هنا يظهر الدين في شكل “ممارسة” وليس وعظًا، من خلال الصبر واحترام الذات ومساعدة الآخرين.
أغنيس تمثل نموذجًا نادرًا للمرأة التي تعتمد على إيمانها دون أن تقع في فخ الخضوع أو الضعف.
“مستأجرة وايلدفيل هول”.. الدين كأداة للتحرر
روايتها الثانية The Tenant of Wildfell Hall كانت أكثر جرأة، وتعتبر واحدة من أوائل الروايات التي تناقش قضية الزوجة المضطهدة.
البطلة “هيلين” تترك زوجها المدمن والعنيف، وتكسب رزقها بنفسها، وتربي ابنها وحدها في زمن كانت فيه القوانين تمنع المرأة حتى من حضانة طفلها.
والغريب أن دوافع “هيلين” لم تكن مجرد تمرد دنيوي، بل كانت نابعة من قناعة دينية بأن البقاء في علاقة سامة يعد خيانة للضمير والأخلاق.
في أحد الحوارات، تقول هيلين:
اقرأ كمان: أمينة خليل تثير إعجاب جمهورها بإطلالة ساحرة بفستان ستان
“أنا لا أتبع أعراف المجتمع… بل صوت الله في داخلي.”.
هنا تستخدم آن الإيمان كأداة للمقاومة، لا للخضوع، مما أثار حفيظة الكثيرين في ذلك الوقت، حتى أن أختها شارلوت رفضت إعادة نشر الرواية بعد وفاة آن.
التمرد الصامت
رغم لغتها الهادئة وأسلوبها الرزين، كانت آن ثائرة من نوع خاص.
لم تكن صاخبة كإميلي، ولا درامية كشارلوت، بل اختارت أن تتمرد على التقاليد والأعراف من خلال فضائل دينية “نقية”.
لم تهاجم الدين، بل أعادت تعريفه بما يتوافق مع العدالة والرحمة والحرية الشخصية، وهذا ما يجعلها واحدة من أكثر الكاتبات “روحانيةً وإنسانيةً” في الأدب الإنجليزي حتى اليوم.
قد يهمك أيضاً :-
- مناقشة مثيرة لكتاب فظائع العدالة تحت الحكم البريطاني في مصر يوم الأحد بالقومي للترجمة: حادثة دنشواي
- احتفالية دار الوثائق باليوم العالمي للأرشيف بالتعاون مع مركز معلومات مجلس الوزراء
- نجاح فعاليات وزارة الثقافة في عيد الأضحى يجذب الأنظار ويحقق اكتظاظًا في جميع أنحاء الجمهورية
- مسابقة "الحديقة الثقافية في عيون الأطفال" من القومي لثقافة الطفل تفتح أبواب الإبداع!
- تعزيز الثقافة والفنون في الإمارات من خلال منح الرخصة الثانية للإدارة الجماعية للموسيقى
تعليقات