المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبرا: قضية التطبيع تتصدر جدول أعمال زيارة ترامب المرتقبة للشرق الأوسط.

المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية حازم الغبرا: قضية التطبيع تتصدر جدول أعمال زيارة ترامب المرتقبة للشرق الأوسط.

لا يزال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في المئة يوم الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض، في 20 يناير الماضي، حيث فتح خلالها العديد من الملفات واتخذ عددًا كبيرًا من القرارات التي أثرت على السياسات الداخلية الأمريكية والخارجية على حد سواء. منذ اللحظة الأولى، وضع بصمته المثيرة للجدل، فبدأ بالحرب الإسرائيلية على غزة وخطط التهجير، ثم انتقل إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي لم تُنتهِ بعد، وفرض تعريفات جمركية جديدة قد تؤدي إلى انهيار الأسواق العالمية، بالإضافة إلى التهديد بضرب إيران عسكريًا.

في حوار خاص مع «بوابة مولانا»، يكشف المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية خلال فترة رئاسة جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وعضو الحزب الجمهوري الأمريكي، حازم الغبرا، عن أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته المرتقبة في مايو المقبل للشرق الأوسط، وسياساته تجاه هذه الملفات التي وضعت على الطاولة دفعة واحدة.

أوضح «الغبرا» أن ملف التطبيع السعودي-الإسرائيلي يتصدر أولويات زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، في محاولة لاستكمال ما بدأه في ولايته الأولى. وأكد أنه لا توجد شهية في الداخل الإسرائيلي لحل الدولتين، مشيرًا إلى أن سوريا قد تكون الوجهة الجديدة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وإلى نص الحوار:

– بداية: هل من الممكن أن يكون ملف التطبيع على جدول زيارة ترامب المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية؟

نعم، بالتأكيد سيكون ملف التطبيع السعودي-الإسرائيلي ضمن أولويات أجندة الرئيس الأمريكي خلال زيارته للشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية، ولا جدال في ذلك، حتى لو لم يكن ذلك مُعلنًا بشكل واضح، لأن ترامب يحاول استكمال ما بدأه في ولايته الأولى وهو دمج إسرائيل في المنطقة.

– السعودية ترفض الخوض في ملف التطبيع رهنًا بحل الدولتين، هل يمكن أن نرى نتنياهو معزولًا من منصبه كمحاولة لتقليل الاحتقان وفتح ملف التطبيع من جديد؟

السعودية تتبع استراتيجية مدروسة توازن بين مصالحها الوطنية والقومية مع الحفاظ على مركزية القضية الفلسطينية، لكن لا ترفض التطبيع نهائيًا. المشاورات بشأن هذا الملف قيد البحث، وقد تحدث اليوم أو غدًا؛ فهي في النهاية مرهونة بمسارات محددة بين الجانبين السعودي والأمريكي.

أما مسألة عزل رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، فقد تكون مستبعدة، ولكن من المهم أن نعرف أنه لا توجد رغبة داخل إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ومن غير الواضح إمكانية العودة لهذه الفكرة مجددًا وفق المعطيات الحالية.

– هل كسرت الولاية الثانية لترامب قاعدة أن «الخليج يثق في إدارة ترامب أكثر من ثقته في إدارتي بايدن وأوباما» تجاه المنطقة؟

ما زلنا في المئة يوم الأولى من رئاسة ترامب، ومن غير الواضح حتى الآن ما هي السياسة العامة التي ينتهجها تجاه الشرق الأوسط وكيفية تنفيذها على الأرض، لكن هذه المنطقة مهمة جدًا بالنسبة له، وهو ينظر إلى العلاقات مع دول الخليج، تحديدًا السعودية والإمارات، على أنها علاقات استراتيجية.

– لماذا لم يتم تهجير الفلسطينيين إلى صحراء النقب بدلًا من الدول المجاورة؟

عندما طُرحت فكرة التهجير، لم تلقَ ترحيبًا عربيًا-أوروبيًا، لذلك هذا الجدال لا طائل منه. من المخاطرة تحليل توجهاته أو حتى البناء على كلمة قالها ترامب، كما هو الحال مع العديد من القرارات والكلمات التي تراجع عنها. تصريحاته تعتمد غالبًا على الحدة أكثر من واقعيتها. في البداية طرح مخطط التهجير ثم عاد قائلًا «لن يُطرد أي فلسطيني»، ومن الممكن أن يعود ليقول شيئًا آخر، ولا أحد داخل أمريكا يريد تهجير الفلسطينيين، بل يسعون لوضع حد قاطع لهذه الحرب وضمان أمان فلسطين-إسرائيل وأمن المنطقة معًا.

– هل أصبحت سوريا الوجهة الجديدة لتهجير الفلسطينيين بعيون أمريكية-إسرائيلية؟

طرحت فكرة أن ينتقل أهل غزة إلى سوريا، لكن ليس هناك شيء واضح سواء من موافقة دول المنطقة أو الحكومة السورية حول هذا الموضوع؛ فهو أمر شائك ومعقد وصعب التنفيذ، خاصة وأن الحكومة السورية لا تزال في أيامها الأولى، ومن الخطر جدًا وجود مشروع من هذا النوع يُطرح وينفذ في هذه المرحلة الحساسة. ولا توجد قناعة أمريكية واضحة بشأنه خلال هذه الفترة، ولكنه لا يزال على جدول المناقشات.

– هل ترى أن ترامب سيكمل ولايته بخير إذا استمر على سياسة تصفير المشكلات وضبط الخرائط؟

الرئيس الأمريكي جاء إلى البيت الأبيض بوعود واستراتيجية واضحة جدًا لا لبس فيها، سواء فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية أو الحرب على غزة، إضافة إلى الصين والبرنامج النووي الإيراني، وهو يسعى لتنفيذها الآن. يعرف متى وأين يضع قدميه، ولمن يتحدث، وماذا يريد أن يقول، وكيف يقوله. لذلك من المهم حاليًا كيفية التعامل مع هذه الأمور.

– صحيفة تليجراف البريطانية ذكرت أن إيران أمرت عسكرييها بمغادرة اليمن وقررت وقف دعمها للحوثيين لتجنب الحرب مع الولايات المتحدة. ماذا عن احتمال ضربها عسكريًا؟

هذه تحركات «بهلوانية» تقوم بها طهران عندما ترى أن الأمور أصبحت في مرحلة الخطر. دائمًا ما تنتهج هذه السياسة ونجحت أحيانًا مع أمريكا، ولا أعتقد أن ترامب يرغب في هذا النوع من الألاعيب السياسية. هناك مطالب أمريكية واضحة على رأسها ردع البرنامج النووي.

إيران تدرك أن ولاية ترامب الثانية مختلفة تمامًا عن إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وتتمنى لو كان هناك مشاغل أخرى تنخرط فيها واشنطن بعيدًا عنها، لذلك تبيع أوراقها (أي مليشياتها) لتحفظ رأسها، في محاولة لإرضاء الرئيس الأمريكي ومن حوله، ولكن في الوقت الحالي، ذلك لا يكفي، ولا بد من إرضاء دول المنطقة بالكامل.

– هل ستضرب أمريكا بمصالحها واستثماراتها وقواعدها في المنطقة عرض الحائط مقابل ضرب إيران عسكريًا؟

الرئيس الأمريكي ترامب لا يريد حربًا في الشرق الأوسط، وهو قال إنه يريد أن يكون صانع «سلام». وعلى إيران أن تختار إما أن تساهم في تحقيق ذلك وتقبل الفرصة، أو تختار التهديد. الكرة الآن في ملعبها. فيما يتعلق بالقواعد الأمريكية في المنطقة، بالتأكيد نضعها في الحسبان. من مصلحة الدول المتضررة من النظام الإيراني دعم هذه الرؤية. المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران بشأن برنامجها النووي يجب أن تأخذها إيران على محمل الجد، لأنها قد تكون الفرصة الأخيرة للسير في المسار الصحيح.

– هل يمثل الحوثي فعليًا الهدف لأمريكا، أم أنهم بمثابة المقبلات ما قبل المائدة الرئيسية وهي إيران نفسها؟

بالطبع الحوثيون هدف، ولكنهم جسر العبور إلى الهدف الأكبر إيران، وإزالتهم من درع إضافي سيؤدي إلى تحييد إيران أو تغيير مسارها على الأقل خلال هذه الفترة. ورغم أن الدبلوماسية لا تزال تتمتع بمساحة للمناورة، إلا أن التصعيد العسكري يبقى خيارًا رئيسيًا على الطاولة. لأن النظام الإيراني، كالسرطان، يُعادى العرب والغرب.

– هل التعريفات الجمركية الأمريكية يمكن أن تعيد إحياء الصناعات التي اختفت؟

الهدف هو إعادة إحياء الصناعات، وهناك العديد من الدول فقدت الوصول إلى السوق الأمريكية بسبب سيطرة الصين عليه. اليوم، هذه التعريفات قد تكون فرصة ليس فقط للصناعات الأمريكية أن تعود شيئًا فشيئًا، ولكن أيضًا لفتح المجال أمام العديد من الدول الأخرى للاستفادة من هذه السوق. وبالتأكيد هذا سيستغرق وقتًا كبيرًا، وفي المقابل سيكون هناك العديد من الاستثناءات في المرحلة القادمة لتجنب تعطيل الاقتصاد الأمريكي.

– من وجهة نظرك.. هل ستؤدي الرسوم الجمركية والحكومة الصغيرة إلى جعل أمريكا «عظيمة مجددًا» أم أنها تخاطر بتكرار نمط القرن الـ 19 المتمثل في زيادة ثراء الأغنياء وتقليص البرامج الاجتماعية؟

لدينا تراكم من الأخطاء الاقتصادية التي كان يجب حلها منذ زمن، وعدم انتظار كل هذا الوقت يبلغ بنا إلى مرحلة يصبح فيها الإنتاج والصناعة الأمريكية شبه معدومين، والاعتماد على المصانع الصينية هو خطأ فادح يجري معالجته. وليس هناك مقارنة بين ما يحدث الآن وما جرى في القرن الـ 19. من المفيد للاقتصاد العالمي، وليس فقط الأمريكي، عدم الاعتماد على جهة مصنعة واحدة تعامل الطاقة البشرية وكأنها أدوات. وهناك حاجة ملحة لتعديل الميزان التجاري الذي انكسر بسبب قوانين أمريكية.

– هل من الممكن أن تحدث حرب أهلية في أمريكا حال ارتفاع تكلفة المعيشة وحدوث ركود اقتصادي؟

ارتفاع تكلفة المعيشة وحدوث ركود دائمًا ما ينعكس سلبًا على الأمن العام والتوجه السياسي للدولة، لكن هناك استعداد أمريكي للتعامل مع أي مشكلات اقتصادية جانبية بسبب القوانين الجديدة. الموضوع يشبه بعض الشيء ما حدث في فترة كورونا، واليوم لدى الولايات المتحدة أدوات لإصلاح هذا النقص على الأقل بشكل مؤقت حتى يستطيع المصنع الأمريكي سد هذا النقص أو تظهر دول أخرى لسده إذا وُجد. ونتمنى ألا تحدث توترات أمنية نتيجة لذلك.

– يقول مكتب الميزانية في الكونجرس إن عدد سكان الولايات المتحدة سينخفض بحلول 2033 من دون الهجرة، مما سيقوض النمو الاقتصادي للبلاد. كيف تفسر ذلك؟

قرارات الرئيس الأمريكي بشأن هذا الملف ليست صلبة مئة بالمئة، يمكن أن تحدث استثناءات، ويمكن تغييره أو حتى إلغائه، أو طرح برامج للهجرة، والحكومة قد يكون بإمكانها التعامل مع أي خلل يحدث بشأن التركيبة السكانية. والهدف هنا هو عدم منع الهجرة، بل هو منع الهجرة غير الشرعية. هناك الكثير من اللغط حول هذا الموضوع؛ فالولايات المتحدة دولة بُنيت على الهجرة في الأساس، وترحب بالمهاجر الجيد الذي يلعب دورًا إيجابيًا في الاقتصاد الأمريكي. ولا نريد مهاجرين غير شرعيين يقفزون فوق أسوار البلاد، بعضهم مجرمون سابقون، وبعضهم لديهم مشاكل أخرى يحضرونها إلى الأراضي الأمريكية. هذا غير مقبول، وأي شخص يريد الهجرة بطريقة شرعية ما زال مرحب به بشكل كبير، وسيكون هناك برامج إضافية جديدة لتشجيع الأشخاص المناسبين للقدوم إلى الولايات المتحدة.

قد يهمك أيضاً :-