ألعاب الذكاء والضغط النفسي والديكتاتورية الخفية.. الأسرار المخفية للاستخبارات الأمريكية تكشفها وثائق مسربة

ألعاب الذكاء والضغط النفسي والديكتاتورية الخفية.. الأسرار المخفية للاستخبارات الأمريكية تكشفها وثائق مسربة

بعد عقود من الإغلاق، انكشفت أخيرًا مجموعة من الصفحات الغريبة في تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «CIA»، التي تم رفع السرية عنها مؤخرًا. تكشف هذه الوثائق عن خطط وعمليات تبدو وكأنها من أفلام الخيال العلمي، لكنها كانت واقعًا حقيقيًا، مدفوعة بهوس السيطرة والانتصار في ساحة الحرب الباردة، مهما كانت التكلفة أو الأسلوب.

المخابرات الأمريكية وأسلوب الحرب النفسية

تبدأ القصة التي ترويها صحيفة «نيويورك بوست» في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث كانت الوكالة تسعى بكل ما تمتلك من أدوات تقليدية وغير تقليدية لتحطيم معنويات العدو السوفيتي. من بين هذه الوسائل الغريبة، كان هناك خطة لم تُنفّذ لكنها دُرست بجدية، تهدف إلى تخويف الجنود من حجم وقوة الأمريكيين، في محاولة لإحداث تأثير نفسي على الشعب وإضعاف ثقة المواطنين بأنفسهم، وبالتالي إضعاف عزيمتهم في المعركة.

ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، ففي عام 2005، استعانت الوكالة بمصمم شخصية «جي آي جو» الكرتونية، دونالد ليفين، لتطوير دمية متحركة لأوسامة بن لادن، حيث تتقشّر ملامح وجهها عند تعرضها للشمس، كاشفةً عن وجه شيطاني، بهدف بث الرعب في قلوب الأطفال. لكن الفكرة رُفضت قبل أن تتجاوز النموذج الأولي، وتم إنتاج 3 نسخ تجريبية فقط.

كيف صنعت الـCIA عالمها الخاص للحرب الباردة؟

في الخمسينيات والستينيات، تحولت وكالة «CIA» إلى سينما الظل من خلال إنتاج فيلم إباحي استعانت فيه بممثل أمريكي يرتدي قناعًا يجسد آنذاك أحمد سوكارنو، بهدف ابتزازه وتشويه صورته أمام شعبه. والمفارقة أن «سوكارنو» لم يشعر بالإحراج من الأمر، بل قيل إنه وجد في الفيلم مادة فكاهية وسعى لتوزيعه في بلاده.

كان التحكم بالعقول هوسًا حقيقيًا لدى المخابرات الأمريكية، ففي عام 1963 أجرت تجارب على الكلاب، بزرع أقطاب كهربائية تسمح للمدرب بتوجيهها عن بُعد، لجعلها تجري أو تتوقف أو تدور من خلال إشارات كهربائية.

وفي السبعينيات، دعمت الوكالة مشروعًا باسم «ستارجيت»، الذي خُصص لدراسة «القدرات النفسية الخارقة». وبعد الضجة التي أحدثها المشروع، انتهت الوكالة إلى أنه لم يحقق أي فائدة استراتيجية تذكر.

تظل أكثر القصص إثارة للجدل في تاريخ الوكالة هي تلك التي دارت بعد نهاية مباشرة ضمن عملية «مشبك الورق»، حين استقدمت الولايات المتحدة أكثر من 1600 عالم ألماني للاستفادة من خبراتهم، خصوصًا في مجال الفضاء، من بينهم فيرنر فون براون، المهندس الصاروخي الشهير، الذي أصبح لاحقًا من أبرز أركان وكالة «ناسا». ومع ذلك، لم يمر هذا التعاون دون اعتراضات من علماء أمريكيين، الذين أثاروا أسئلة أخلاقية حول استقدام رجال خدموا في «نظام ديكتاتوري».

بين وثائق تشبه كوابيس الهلوسة، وتجارب خرجت من عباءة المؤامرة إلى أرض الواقع، يبرز التاريخ السري لـ«CIA» ليكشف عن جانب مذهل، وربما مقلق، من الوجه الآخر لحروب الظل، حيث لا يُستبعد أي سلاح، ولا يُستغرب أي تكتيك، طالما أنه قد يقدم أفضلية، حتى وإن كانت مؤقتة، في معركة لا تُخاض فقط بالأسلحة، بل بالعقول والمخاوف والأوهام.

قد يهمك أيضاً :-