إعدام غير قانوني أو خطأ قاتل؟ إسرائيل تعترف بـ«مجزرة المسعفين»

إعدام غير قانوني أو خطأ قاتل؟ إسرائيل تعترف بـ«مجزرة المسعفين»

تل أبيب – أ ف ب
كشف تحقيق عسكري إسرائيلي نُشرت نتائجه يوم الأحد عن ارتكاب جنود الجيش «إخفاقات مهنية» و«انتهاكات للأوامر» خلال حادث إطلاق نار أدى إلى مقتل 15 مسعفاً فلسطينياً في غزة في مارس الماضي. في المقابل، وصف الهلال الأحمر النتائج بأنها «كاذبة»، بينما اعتبرها الدفاع المدني الفلسطيني بمثابة «عمليات إعدام ميداني».
وأكّد الجيش الإسرائيلي أن قواته لم تطلق النار «عشوائياً»، لكنه أعلن عن عزل قائد ميداني، وعبّر عن «أسفه» لوقوع ضحايا مدنيين.
وذكر الضابط المشرف على التحقيق العسكري، الميجور جنرال يوآف هار-إيفن، خلال مؤتمر صحفي: «نعتبر هذا خطأ، ولا نعتقد بأنه خطأ متكرر».
من ناحيتها، انتقدت المتحدثة باسم الهلال الأحمر، نبال فرسخ، في رام الله بردّها على التقرير قائلة: «ما دامت الأكاذيب تسيطر على هذا التقرير، فإنه يعتبر باطلاً وغير مقبول لأنه يبرر القتل، ويحمّل المسؤولية على خطأ شخصي في القيادة، ضد الحقيقة الكامنة».
وفي تعقيب على التقرير الإسرائيلي، اتهم الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة الجيش الإسرائيلي بارتكاب «عمليات إعدام ميداني» يوم الاثنين.
وقال محمد المغير، مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني بغزة: «الفيديو الذي تم تسجيله من قبل أحد المسعفين يُظهر كذب الرواية الإسرائيلية، وأنه كان هناك عمليات إعدام ميداني»، متهماً إسرائيل بمحاولة «التحايل على قرارات الشرعية الدولية وتحاشي المساءلة».
وقع الحادث في جنوب غزة في 23 مارس، أي بعد أيام من استئناف إسرائيل قتالها في القطاع. وقد أثار الحادث إدانات دولية وشكوك حول احتمال ارتكاب «جريمة حرب»، وفقاً للمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك.
وأفاد الجيش بأن ستة عناصر من «حماس» كانوا في سيارات الإسعاف، وأوضح التحقيق أنه تم الكشف عن وجود عدة «إخفاقات مهنية، وانتهاكات للأوامر، وعجز في إبلاغ عن الحادث بشكل كامل».
كما أعلن أنه «سيعزل نائب قائد كتيبة الاستطلاع في وحدة غولاني من منصبه نظراً لمسؤوليته كقائد ميداني، لأنه قدم تقريراً غير مكتمل وغير دقيق أثناء جلسة تقييم الحادث».
أسفرت الواقعة عن مقتل ثمانية من موظفي الهلال الأحمر، وستة من الدفاع المدني في غزة، وموظف واحد من وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وفق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) وعاملي إغاثة فلسطينيين.
– «أسف»
وتم العثور على جثث القتلى بعد عدة أيام مدفونة في «مقبرة جماعية» قرب موقع إطلاق النار في منطقة تل السلطان بمدينة رفح، بحسب ما أكده «أوتشا».
وأشار الجيش في ملخص التحقيق إلى أنه «لم يشارك الجنود في إطلاق نار عشوائي، بل كانوا في حالة تأهب للرد على تهديدات حقيقية تعرفوا عليها».
كما قال: «لم نجد أي دليل يدعم الادعاءات المتعلقة بالإعدام أو يشير إلى أن بعض الضحايا كانوا مقيدين».
يأتي ذلك بعد أن أكد رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، يونس الخطيب، في مؤتمر صحفي في رام الله قبل نحو أسبوعين أن تشريح الجثث أظهر أن «جميع القتلى أصيبوا بطلقات نارية في الجزء العلوي من أجسادهم، مع نية القتل».
كرر الجيش الإسرائيلي يوم الأحد أنه تم التعرف على ستة من القتلى الـ15 «في وقت لاحق» باعتبارهم أعضاء في «حماس»، معرباً عن «أسفه للأذى الذي لحق بالمدنيين غير المتورطين». وأكد أن الضحايا كانوا يرتدون زي الطوارئ، ولم يتم العثور على أسلحة بحوزتهم.
نجا اثنان من المسعفين من إطلاق النار، أحدهما «لا يزال قيد الاحتجاز»، بحسب الجيش الإسرائيلي.
في 13 إبريل/ نيسان الماضي، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني أنه تلقى معلومات تفيد بأن المسعف أسعد النصاصرة «خُطف» بعد الحادث، وأنه محتجز من قبل السلطات الإسرائيلية.
تساءلت المتحدثة باسم الهلال الأحمر، نبال فرسخ، يوم الأحد: «ما دام الأمر حصل بطريق الخطأ كما يدعي التقرير، فلماذا لا يزال المسعف أسعد النصاصرة معتقلاً؟»
– «خرق للتعليمات»
وقع الحادث أثناء توجه المسعفين لتلبية نداءات استغاثة من فلسطينين، بعد غارة إسرائيلية استهدفت منطقة تل السلطان في رفح، حسب الهلال الأحمر الفلسطيني. بعد الحادث، قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أطلقوا النار على مسلحين يقتربون منهم في «سيارات مشبوهة»، وأوضح المتحدث العسكري لاحقاً أن السيارات كانت مطفأة الأضواء.
لكن فيديو تم استعادته من هاتف محمول لأحد عمال الإغاثة القتلى، الذي نشره الهلال الأحمر، يتناقض مع رواية الجيش الإسرائيلي. ويظهر الفيديو سيارات الإسعاف وهي تسير مع تشغيل مصابيحها الأمامية وأضواء الطوارئ. كما قالت متحدثة باسم الجيش، إفي ديفرين: «نحن لا نكذب، لكن للأسف نرتكب أخطاء». وأوضح الجيش الإسرائيلي أن هناك ثلاثة حوادث إطلاق نار حدثت في ذلك اليوم.
في الحادث الأول، أطلق الجنود النار على مركبة اعتبروها تابعة لـ«حماس». وفي الحادث الثاني، الذي وقع بعد ساعة، أطلق الجنود النار «على مشتبهين يخرجون من سيارة إطفاء وسيارات إسعاف قريبة جداً من المنطقة التي كانت القوات تعمل فيها، بعد تلقي تهديد فوري وملموس»، وفقاً لملخص التحقيق.
ذكر الجيش أن الحادث الثالث تضمن إطلاق النار على مركبة تابعة للأمم المتحدة «نتيجة أخطاء عملياتية تعرضت لخرق للتعليمات».
جاء في التحقيق: «تم تحديد أن إطلاق النار في الحادثين الأولين كان ناتجاً عن سوء فهم عملياتي من القوات التي كانت تعتقد أنها تواجه تهديداً ملموساً من القوات المعادية».
أضاف: «الحادث الثالث تضمن خرقاً للأوامر في بيئة قتالية».
أثار هذا الحادث إدانات دولية وض spotlight على المخاطر التي يواجهها عمال الإغاثة في غزة، حيث تستمر الحرب منذ أكتوبر 2023 وقد لقي فيها أكثر من 51 ألف مدني حتفهم حتى الآن.

قد يهمك أيضاً :-