توجو تحقق تقدمًا اقتصاديًا.. ميناء صغير يغير موازين القوى في غرب أفريقيا

توجو تحقق تقدمًا اقتصاديًا.. ميناء صغير يغير موازين القوى في غرب أفريقيا

تم تحديثه الإثنين 2025/4/21 09:04 م بتوقيت أبوظبي

أشار خبراء اقتصاد فرنسيون في مراكز أبحاث مرموقة إلى أن التحولات الجيوسياسية الإقليمية في منطقة الساحل قد دفعت دولة توغو إلى مقدمة المشهد الاقتصادي في غرب أفريقيا، بعدما كانت تلعب دوراً ثانوياً في السابق.

وفقاً للباحث الاقتصادي الفرنسي باتريس دولاهاي، المتخصص في الاقتصاد الأفريقي بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، فإن “ميناء لومي استفاد من ديناميكيات جديدة فرضتها أزمة النيجر والإغلاق الحدودي مع نيجيريا، مما جعله يتحول إلى نقطة ارتكاز رئيسية لصادرات واستيراد دول الساحل”.

بدوره، قال الخبير في الاقتصاد الكلي في مركز التحليل المستقبلي CÉRI، أوليفييه مونتيلييه لـ”العين الإخبارية”، إن “استراتيجية توغو القائمة على تنويع الاقتصاد وتطوير قطاعات التصنيع والنقل، تضع البلاد على مسار نمو مستدام ومختلف عن النموذج الريعي التقليدي في المنطقة”.

تأتي هذه الآراء في الوقت الذي رفعت فيه وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” تصنيف توغو من “B” إلى “B+”، مشيدةً باستقرارها النقدي وتطور بنيتها التحتية، وخصوصاً الدور الإقليمي المتزايد لميناء لومي في خريطة التبادلات التجارية لغرب أفريقيا.

بالاعتماد على تقرير حديث صادر من وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية “ستاندرد آند بورز”، يشهد اقتصاد توغو تحسناً ملحوظاً، مدفوعاً بإعادة تشكيل التحالفات التجارية الإقليمية التي نتجت عن تطورات مجموعة دول الساحل (AES)، والتي تضم النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

بروز توغو بفضل التحولات الجيوسياسية

عقب الانقلاب في النيجر صيف 2023، أغلقت دول الجوار، مثل بنين ونيجيريا، حدودها مع نيامي، مما عطّل أحد المحاور التجارية الأساسية نحو المحيط الأطلسي. هذا الوضع أجبر السلطات الجديدة في النيجر على إعادة توجيه علاقاتها الاقتصادية واللوجستية، مما يبرز في هذا السياق أهمية ميناء لومي في توغو، الذي أصبح ركيزة استراتيجية جديدة لتجارة دول AES.

لومي.. محور إقليمي نشط

لم ينتظر ميناء لومي، الذي يتمتع بعمق مائي عميق، الأزمة الأخيرة لتعزيز مكانته؛ حيث أدى الاستثمارات التي تمتد لأكثر من عقد إلى مضاعفة قدرته على معالجة البضائع ثلاث مرات. في عام 2023، تجاوز حجم التبادل عبر الميناء 30 مليون طن، مما عزز موقعه كمحور تجاري رئيسي في غرب أفريقيا.

تستفيد الدول غير الساحلية مثل النيجر ومالي وبوركينا Faso من هذا التحول، حيث أصبحت لومي بوابة موثوقة ومنظمة لعبور السلع.

وفي هذا السياق، ترى وكالة S&P أن الموقع المركزي لتوغو في خريطة اللوجستيات الإقليمية ساهم في تعزيز جاذبيتها الاقتصادية، مما بدأ يغير من نظرة الأسواق المالية إلى أسسها الاقتصادية.

تنويع اقتصادي مدروس

بالإضافة إلى النشاط اللوجستي، يواصل الاقتصاد التوغولي الاستفادة من صادراته التقليدية، لا سيما القطن والفوسفات، التي تسهم بشكل كبير في تقديم عائدات ضخمة رغم تقلبات الأسواق العالمية. اللافت هو تسارع الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية، من خلال تطوير مناطق صناعية مدعومة ببنية تحتية حديثة، بهدف تعزيز قيمة المنتجات المحلية وخلق فرص عمل.

تشير S&P إلى أن هذه الاستراتيجية تساهم في تقليل الاعتماد على الأسعار العالمية، مما يوفر مناخاً استثمارياً أكثر استقراراً، لا سيما مع فقدان البلاد لدرجات تضخم مرتفعة مقارنة بجيرانها.

تصنيف ائتماني أفضل وثقة متجددة

بناءً على هذه التطورات، قررت S&P رفع التصنيف السيادي لتوغو من “B” إلى “B+”، مما يعكس انخفاضاً في مستوى المخاطر المالية وتقديراً للسياسات الاقتصادية المعتمدة. من المتوقع أن تسجل البلاد نمواً اقتصادياً بنسبة 6% خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهي نسبة لافتة في منطقة تعاني عادة من عدم الاستقرار.

توغو.. نموذج لمعادلات جديدة في أفريقيا

ما يحدث في توغو ليس استثناءً، بل هو جزء من تحول إقليمي أكبر، حيث تستفيد بعض الدول من التحالفات الناشئة مثل AES، لإعادة تموضعها الاقتصادي. يظهر نموذج لومي كدليل على أن الموقع الجغرافي المدروس، مصحوباً بخيارات هيكلية صحيحة، يمكن أن يعيد رسم مكانة بلد على خريطة الفاعلين الاقتصاديين الموثوقين في أفريقيا.

aXA6IDJhMTM6YWRjMDo6YWYxOmVhZmY6ZmVmNjoyYjUyIA==

جزيرة ام اند امز

EE

قد يهمك أيضاً :-