السيسي يشارك في حفل تخرج الدورة الثانية لتدريب أئمة وزارة الأوقاف

السيسي يشارك في حفل تخرج الدورة الثانية لتدريب أئمة وزارة الأوقاف

شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم، في حفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية المصرية، والذي أقيم بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن تخريج وتأهيل هذه الدفعة الجديدة من الأئمة، التي ضمت 550 إمام واستمرت لمدة 24 أسبوعًا، يأتي في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس لوزارة الأوقاف، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المعنية، بما فيها الأكاديمية العسكرية المصرية، لوضع برنامج تدريبي شامل يهدف إلى تعزيز قدرات الأئمة على مختلف الأصعدة، مما يسهم في الارتقاء بالخطاب الديني وتطوير آليات التواصل، خصوصًا لمواجهة الفكر المتطرف، إلى جانب تعزيز الوعي والمعرفة حول مختلف القضايا الفكرية والتحديات الحالية.

وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن فعاليات الحفل تضمنت عرضًا لفيلم وثائقي بعنوان «تقرير نجاح الدورة»، تلاه عرض للبحث الجماعي لدارسي دورة الأئمة حول موسوعية العالم والداعية وأثر ذلك على أداء مهامه (الأمام جلال الدين السيوطي نموذجًا)، وإعلان نتيجة تخرج الدورة، ثم أدى الخريجون قسم الولاء، وهو قسم مستحدث للخريجين من الأئمة والدعاة، لقنه للخريجين الدكتور أحمد نبوي عضو المكتب الفني لوزير الأوقاف، قبل أن تشهد الفعاليات فقرة شعرية ألقاها أحد الدارسين، تلاها إنشاد ديني.

وألقى كلٌ من الفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية العسكرية المصرية، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، كلمات سلطت الضوء على أهمية التكامل والتعاون بين جهات الدولة المختلفة لتنفيذ رؤية القيادة السياسية في إعداد جيل جديد من الأئمة، يجمع بين التعمق في علوم الدين وإتقان أدوات التواصل الحديثة، مما يعزز دورهم في نشر الفكر الوسطي وترسيخ القيم الوطنية.

وقد ألقى الرئيس كلمة بهذه المناسبة، فيما يلي نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

أبنائي الخريجين من الأئمة الكرام والسادة الحضور…

نحتفل اليوم بتخرج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سيتحملون أمانة الكلمة، وينشرون نور الهداية، ويرسخون قيم الرحمة والتسامح والوعي.

لقد وجهتُ وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبي متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، بهدف الارتقاء بمستوى الأداء الدعوي، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع، ليكون الإمام مرشدًا للوعي، متمكنًا من البيان، بارعًا في الإقناع، أمينًا في النقل، حاضرًا بوعيٍ نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة.

ها نحن اليوم نرى ثمار هذا التعاون البناء، إذ نشاهد هذه النخبة المشرقة من الأئمة الذين تلقوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت.

السادة الحضور … أبنائي الأئمة…

في زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى خطاب ديني مستنير، وفكرٍ رشيد، وكلمة مسؤولة، تتجلّى مكانتكم بوصفكم حَمَلة لواء هذا النهج القويم. وقد أدركنا منذ اللحظة الأولى أن تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا على أيدي دعاة مستنيرين، متسلحين بالعلم، وسعة الأفق، مدركين للتحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عملية للناس، تعالج مشكلات المجتمع وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة.

ولا تنحصر مهمة تجديد الخطاب الديني في تصحيح المفاهيم المغلوطة فقط، بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور.

واليوم، وأنتم تتخرجون، وتخطون أولى خطواتكم في هذا الدرب النبيل، فإن أعظم ما نعول عليه منكم هو أن تحفظوا العهد مع الله، ثم مع وطنكم بأن تكونوا دعاة إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراء سلام للعالم بأسره. إن مصر، بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسساتها الراسخة، كانت وستظل منارة للإسلام الوسطي المستنير، الذي يُعلي قيمة الإنسان، ويُكرّم العقل، ويحترم التنوع، ويرسي معاني العدل والرحمة.

ما نشهده اليوم يؤكد التزام الدولة المصرية بثباتٍ وعزمٍ في مشروعها الوطني لبناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا، يُراعي العقل والوجدان، ويجعل من الدين ركيزةً للنهوض والتقدم، في ظل قيم الانتماء والوسطية والرشد.

ختامًا… أُحيي كل عقلٍ وفكرٍ ويدٍ أسهمت في إنجاز هذا العمل الجليل، من وزارة الأوقاف، ومن الأكاديمية العسكرية المصرية، ومن كل مؤسسة وطنية آمنت بأن بناء الإنسان هو بناء للوطن، وتحصين لجيلٍ قادم، وتمهيدٌ لمستقبل أكثر إشراقًا.

وفقكم الله جميعًا، وبارك في جهودكم، وجعلنا دائمًا في خدمة الحق والخير والإنسانية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد انتهاء الرئيس من كلمته المكتوبة، وجه عدة رسائل تحمل رؤية الدولة في إعداد إنسان متوازن ومسؤول، قادر على الإسهام الإيجابي في المجتمع، مشيرًا إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطي كنموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف ١١٦٤ كتابًا خلال حياته.

وأكد الرئيس أن الكلمات وحدها لا تكفي لإحداث تأثير في المجتمع، بل ينبغي أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ. وضرب مثالًا على ذلك باستخدام مقار المساجد، إلى جانب كونها أماكن للعبادة، لتقديم خدمات تعليمية للطلاب، كما شدد على ضرورة معاملة الجيران بشكل حسن، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت. واختتم الرئيس حديثه بالتأكيد على أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة في أن يكونوا حماة للحرية، مما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية، مؤكداً سيادته على أن الدورة التي حصل عليها الأئمة بالأكاديمية العسكرية المصرية تم إعدادها على أيدي علماء متخصصين في علم النفس والاجتماع والإعلام وكل المجالات ذات الصلة.

وفي النهاية، ذكر الرئيس أنه يود الإعراب مجددًا عن التعازي لوفاة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، مؤكدًا أن البشرية قد خسرت بوفاته قامة كبيرة.

قد يهمك أيضاً :-